التطبيع فضح العمالة، وزيف السلام
م. نضال يحيى العنسي
القدس الشريف هو بالنسبة للأمة الإسلامية على مدى تاريخها الإسلامي جهاز ترمومتر يقيس مقدار قوتها، أو ضعفها متى ما ضعفت شوكت الإسلام احتلوه، وسُلب منهم، ومتى ما كان الإسلام قوياً حرره المسلمون من دنس الغاصبين، واستعادوه إسلامياً حيث يجب أن يكون أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين.
وفي عصرنا الحاضر، وبعد أن مزق الاحتلال الأوروبي – لا أقول الاستعمار لأنهم لم يعمروا شيئاً، بل كانوا احتلالاً، نهب وقتل – الوطن العربي شر ممزق إلى دويلات صغيرة، ورسم الحدود الوهمية بين تلك الدول لإضعاف قوتهم، وتشتيت وحدتهم، ونهب ثرواتهم، وعمدوا إلى صنع عملاء يعملون خفية باسمهم، ينفذون أهدافهم الاحتلالية، ويتجندون باسم الإسلام لخدمتهم.
وعمل الاحتلال الأوروبي أيضاً قبل طرده على غرس إسرائيل الخنجر المسموم في خاصرة الأمة، وأصبحت بالنسبة للعرب، والمسلمين وكر الأفاعي التي تصدر منها كل لدغه في جسد الأمة، ومصدر السم الزعاف الذي يسري في وريد المسلمين، ومنذ قيام دولتهم الصهيونية المزعومة في فلسطين، ولم تشرق على العرب، والمسلمين شمس خير قط.
ومنذ عام 48 وعملاؤهم المزروعين في أرض الإسلام، وديار المسلمين ينخرون في جسد الأمه ليل نهار، سراً وجهراً حتى أوهنوه، وأمرضوه من مرضهم الخسيس، ظاهر شكلهم من أبناء جلدتنا، وداخلهم المكر، والشر، والضغينة ضد العرب، والمسلمين خدمةً لأوليائهم اليهود، وتقرباً لإسرائيل الملعونة..
أولئك العملاء المندسون من الثعالب الماكرة، والنفوس الحقيرة التي استشراها الشيطان لتنفيذ ضلالته، وإن تخفوا خلف القناعات الشفافة نحن نراهم، وان ستروا عمالتهم بالظلام هم مفضوحون، لهم سمات الكفر، والنفاق، وصفات العمالة، والباطل يُعرفون بها، ولو سكنوا جوار الحرم، ولو خطبوا الناس باسم الله، ولو خدعوا المسلمين بنهج الدين، فالناس صارت تعرفهم جيداً..
تعرفهم في لحن القول عندما ينادون بالتطبيع، ويقبلون أقدام إسرائيل الغاصبة بحجة السلام، والحوار، تعرفهم في بهرجة الكلام عندما يتحدثون باسم إسرائيل في كل منبر إعلامي، ومحفل تجمعي، تسبح أقلامهم بذكر اليهود، وان أنكروا ولاءهم المطلق لهم، وتمجد أقوالهم مظلومية بني إسرائيل، وان برروا بالحقوق والإنسان..
تعرفهم بالمسارعة في الذود عن إسرائيل، وأمريكا، والدول الكافرة في كل إجرام يقترفونه، وغيظهم من ذمهم، ولعنهم، ولو كانت اللعنة على اليهود والذين كفروا قرآناً يتلى انزله الله من فوق سبع سماوات، لآمنوا بكلام الفلاسفة، والكذابين، وشرحوا معاني القران بمفاهيم العمالة، لكي تساعد في تضليل الناس عن مخططاتهم.
وكما كانت القدس، وفلسطين ترمومتر العرب والمسلمين، وجهاز قوتها، وضعفها، فهي أيضا جهاز كشف عملاء اليهود، والنصارى، والكفرة في أقوالهم، وأفعالهم، ومواقفهم السياسية، والإسلامية في بلاد المسلمين.
فقضية فلسطين ربما أصبحت اليوم قضية المسلمين الحقيقية الوحيدة، والصادقة التي يتمايز فيها الحق، والباطل واضحين كالشمس، لامجال فيها للشك، أو الفتنة، أو الظن، يتجلى عندها الحق حق لا باطل فيه، والباطل باطل لاحق فيه، لان المعركة في القدس بين المسلمين أصحاب الحق، والذين اغتصبت أرضهم، وشُردوا منها، وظُلموا، والموقف يجب ان يكون موقف الأمة الإسلامية كلها، وطرف المعركة الآخر اليهود الغاصبون، عدو حذرنا الله منه، ومن فساده، ووعده بالنار، ووضح شره، وضلالته حتى أنبياء – الله عليهم السلام- لم يسلموا من شرهم، وبطشهم بهم.
فلذلك أي موقف تجاه القدس، وفلسطين إما حق، أو باطل، إما إسلام، أو كفر، إما إيمان، أو نفاق، فلله در فلسطين قسمت الناس إلى فسطاطين حق لا باطل فيه، وباطل لاحق فيه..
وما حصل بالفترة الأخيرة من إعلان بعض الدول العربية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وتوقيع اتفاق التطبيع تحت أشراف رأس الكفر أمريكا، وفتح سفارات الكيان في بلدانهم، وإرجاع العلاقات مع هذا العدو الغاصب انما هو عبارة عن وضع النقاط على الحروف، وكشف الستار عن عورات تلك القيادات السياسية لليهود، والموساد، وفضحها للعلن حيث تصرفاتها التخريبية، والإجرامية مع البلدان الإسلامية شاهدة على عمالتها من قبل، وتنفيذها لمخططات بني صهيون ضد الإسلام، والمسلمين.
تلك العصابة العميلة من القيادات الهدامة لا تمثل سوى ضميرها المشترى، ومبادئها العميلة، والمندسة لهدم الإسلام من جوفه، نفذت خطط الصهاينة في بلاد المسلمين حتى أوصلتهم إلى وضع معيشي سيئ، واقتصادي بائس، وسياسي فوضوي فقررت باسم الشعوب، وهم منها بريئون، ونطقت بلسانهم، وهم رافضون، فقررت، ومواقف تلك القيادات السياسية الفاسدة، والعميلة لا تمثل سوى نفسها، حيث قراراتها لا تمثل الشعوب العربية الحرة، والمسلمة، والمتعطشة للحرية، والدفاع عن دينها، ومقدساتها، واسترجاع عزة الإسلام، والمسلمين لابد ان يكون يوم التنكيل بأعداء الأمة، وعملائها المندسين في ارض الإسلام من الراس وحتى القدم، وانه وعد الله ولابد للشعوب يوما ان تقولها، ويحقق الله وعده إن العاقبة للمتقين.
ختاماً: حفظ الله الإسلام، والمسلمين، واعز جنده، وعباده المومنيين، وهزم اليهود الغاصبين، وحرر القدس وكل بلدان المسلمين..