القبيلة بين عهدين
فهد عبد الحميد المروني
المتابع للتطورات الاجتماعية والثقافية داخل الأسرة اليمنية الواحدة يدرك الكثير من المتغيرات ويحصد العديد من القناعات حول طبيعية وشكل هذا المتغير.
ويجزم على ضوء ذلك بسلامة وحسن هذا التوجه الذي يأتي في الواقع امتداداً طبيعياً لنهج وتوجه وسلوك قادة عظام حمَّلتهم الأقدار مسؤولية النهوض بهذه الأمة ووضعها في الموضع الصحيح والمكانة التي أراد الله أن تكون في زمن كاد طغيانه وانهيار قيمه يؤدي بها إلى حيث سقط الآخرون وذهبوا في اتجاه خطط له ونفذه أعداء الله وأعداء البشرية.
ولعلة القبيلة في اليمن أفضل شاهد على هذا المسار وهذه الثورة الفكرية والاجتماعية التي تصنع ملامح المستقبل.
لقد كانت القبيلة في الماضي عُرضة لاستهداف النظام السياسي واداة مسخَّرة لتوجهه وخياراته الخاصة، وكانت الفتن والحروب بين القبائل بعضها مع بعض وبين أبناء القبيلة الواحدة جزءاً من هذا التوجه الذي كانت السلطة تغذيه وتدفع بجمرها الى باروده.
لقد بلغ السفه السلطوي والحقد البغيض لدى النظام حدوداً جعلت أبناء القرية الواحدة في حالة خصام وندية وبات المشائخ والأعيان داخل كل عزلة مواقع قتال ومنصات حرب أكرهوا عليها.
هذه حقائق نعرفها جميعاً وعانى منها الجميع وباتت أحد مظاهر ألعاب السلطة وخصائص تلك العينة من الحكام الذين إنفقوا الكثير من مال الأمة العام على صناعة الاقتتال وإشعال الفتن.
غير أن السلطة التي خلقت من رحم المعاناة والحرمان وطغيان الاستبداد خاطبت الناس بما يحفظهم ويصون حقوقهم ويوحِّد صفوفهم.
وحين هيأ الله للأمة قادة اعلاما بدأوا بأنفسهم وأهليهم وشكلوا النموذج الأرقى للإنسان الكامل سلك العامة هذا السلوك وتسابقوا للظفر بهذا المجد أو بجزء منه بروحية العاشق ومشاعر المحب ومصداقيه المؤمن ويقينه.
فهبت القبيلة بكل جوارحها إلى ساحات الكرامة والعزة والثبات وقدمت النفس والمال وأغلى ما تملك وضربت اعظم الأمثلة والشواهد على الالتزام بقيم الإسلام وروحية الإيمان ونفسية الساعي إلى الله لا لشيء إلا لكسب رضوانه والفوز بنعمائه وأطافه والتسابق إلى الجنة التي قال عنها السيد العلم قائد الثورة حفظه الله “إن الجنة بكل نعيمها هي جزء من رضا الله فذهب الناس بحثاً عن هذا الرضا بكل رضا ويقين.
حين يحكم الشعوب قادة تؤازرهم السماء وترعاهم إلطاف الله تتغير الأرض وتتحول الاتجاهات وتتخذ الشعوب مسارات قادتها ونهجهم ويعم الخير الجميع ويحصد الكل مغانم هذه الثمار الربانية.
بقادة كهؤلاء يتغير العالم ويذهب الزمن نحو الأفضل وتغدو القناعات إيماناً راسخاً وثبات لا حدود له.
و بهم سيصنع الإنسان اليمني باذن الله واقعاً جديداً، ويحفر اسمه في قلب التاريخ ومن خلاله ستنطلق قوافل العزة والمجد إلى خارج حدود البلد لتصنع للعالم ما تنشده الإنسانية وتحلم به الشعوب، وذلك ليس على الله ببعيد.
*وكيل أول محافظة ذمار..