الخطبة الخطبة والجمعة الجمعة
عبدالفتاح علي البنوس
التقرير الثالث لفريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين الخاص باليمن جسَّد في مضمونه المثل الشعبي القائل (الخطبة الخطبة والجمعة الجمعة) حيث أصرَّ الفريق في تقريرهم على تكرار ذات الطرح الغير منطقي الذي يتنافى ويتعارض مع الواقع المعاش والحقائق الملموسة فيما يتعلق بطبيعة ما يجري في اليمن، حيث أصر التقرير على توصيف ما يحصل على أنه نزاع داخلي يمني، في مغالطة مفضوحة تتناغم فيها مع الأمم المتحدة، دونما إشارة إلى العدوان والحصار السعودي والإماراتي الذي شارف على دخول عامه السادس.
السعودية ومعها قرابة 17دولة تشكل التحالف السلولي الذين يشن حربا عالمية على اليمن واليمنيين منذ 26مارس 2015م وحتى اليوم، عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين، خسائر بمليارات الدولارات في مختلف القطاعات، قصف جوي متواصل لطائرات التحالف ومع ذلك يصر فريق الخبراء على تجاهل العدوان والحصار وتتعامل مع الأزمة اليمنية على أنها صراع بين الأطراف اليمنية، تماما كما ترى الأمم المتحدة التي تتعامل مع السعودية على أنها (راعية للسلام في اليمن) وأنها (داعمة لجهود الإغاثة للشعب اليمني) ودائما ما تثني عليها وتتقدم لها بالشكر، وهي تدرك جيدا أن السعودية سبب كل المشاكل والأزمات في اليمن، وأن المساعدات التي تقدمها للشعب اليمني هي القنابل والصواريخ الذكية التي تمطرها طائراتها على رؤوس اليمنيين ليلا ونهارا، متسببة في تشريد الملايين من منازلهم وحرمانهم من مصادر دخلهم التي لم تسلم من القصف، ولولا العدوان السعودي لما وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم، بعد أن كانت الأطراف السياسية على وشك التوصل إلى صيغة توافقية للحل السياسي تحت إشراف المبعوث الأممي الأسبق جمال بنعمر.
والمثير للاستغراب في تقرير فريق الخبراء أنه تعمد تجاهل ثالوث العدوان والحصار والاحتلال والتي تمثل أدلة دامغة على التدخل السعودي الإماراتي السافر في اليمن، والذي تؤكده الانتهاكات السافرة والجرائم الوحشية التي ترتكبها، والتي تستخدم فيها الأسلحة المحرمة دوليا، وغيرها من الانتهاكات التي كان الأحرى بالفريق تضمينها تقريرهم الثالث، علاوة على استمرار فريق الخبراء في التعاطي مع حكومة الفنادق على أنها (الحكومة الشرعية) ووصف حكومة الإنقاذ الوطنية ( بسلطة الأمر الواقع ) وهو ما يتنافى مع الحقيقة القائمة والوضع القانوني لدعاة الشرعية وحكومة الإنقاذ، ومن العجيب أن يتعمَّد فريق الخبراء في تقريره تجاهل رفض السعودية عبر ما تسمى حكومة الفنادق السماح له بزيارة اليمن والاطلاع على الأوضاع ميدانيا لضمان حيادية تقاريره، في الوقت الذي رحبت حكومة الإنقاذ بفريق الخبراء ووجهت له الدعوة لزيارة اليمن والاطلاع على الأوضاع عن قرب، دون الحاجة للاعتماد على تقارير قنوات العدوان والمنظمات والمراكز الحقوقية التابعة لحكومة الفنادق والممولة من التحالف السعودي.
وما زاد الطين بلة تجاهل تقرير فريق الخبراء الحصار المفروض على المشتقات النفطية واستمرار قوى العدوان في قطع المرتبات وتدمير الاقتصاد الوطني في سياق حربها الاقتصادية التي تشنها على اليمن واليمنيين، وترويجها لذات الادعاءات والاتهامات الباطلة التي تروج لها قنوات وأبواق العدوان والتي تتهم فيها الجيش واللجان وحكومة الإنقاذ بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وعرقلة عمل المنظمات حسب زعمها، وهي مآخذ تحسب على فريق الخبراء تفقده صفة الحياد وعدم الانحياز، وتجعل من تقاريره مشوهة وغير دقيقة.
بالمختصر المفيد، على فريق الخبراء أن يعي ويدرك جيدا أن سياسة المداهنة والمراوغة لن تجدي نفعا، وعليهم أن ينتصروا لمهنيتهم ويحكموا ضمائرهم قبل كتابة تقاريرهم، وإذا ما أرادوا الحقيقة كما هي بدون مساحيق تجميل، عليهم زيارة اليمن وستتضح لهم كل الحقائق ولن يحتاجوا إلى ( شهود زور ) ومعلومات مضللة، حينها من واجبهم المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة تقف على كافة الملفات المتعلقة بالحرب على اليمن وفي مقدمتها الجرائم والمذابح الوحشية والانتهاكات السافرة لكافة الحقوق والحريات، وبدون ذلك ستظل تقاريرهم قريبة الشبه بإحاطات مارتن غريفيث التي تحاكي في مضمونها ذات المثل الشعبي القائل (الخطبة الخطبة والجمعة الجمعة،وعقي والديه عقي والديه).
جمعتكم مباركة وعاشق النبي يصلي عليه وآله.