الثورة /عادل أبو زينة
الإسلام منظومة قيم متكاملة تؤسس لبناء مجتمع التعايش وإقامة الدولة العادلة وبناء الشخصية الجهادية التي لا تقبل مهادنة الأعداء. وشعبنا اليمني الصامد ينطلق في جهاده العظيم في مواجهة أشرس عدوان على وجه الأرض من مبادئ هذا الدين ويسير وفق تعاليمه العظيمة.
الشعب اليمني عندما ينتصر لرموز الهداية فهو يرسخ قيم الإسلام المحمدي المنبثقة من الينابيع الأولى، ومن منطلق هويته الإيمانية جعل الإنسان اليمني من مناسبة المولد النبوي الشريف هي المناسبة المركزية على الصعيدين الديني والوطني.
ومن منطلق ذات الهوية اختار شعبنا السير على نهج الإمام علي (عليه السلام) في مقارعة الفساد في الأرض واتباعاً للتوجيه الإلهي في كتاب الله الكريم قال تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) المائدة.
لقد حرص المنهج القرآني على ربط الإنسان برموز الهداية ويتضح ذلك جلياً في آية الولاية التي تشكل بحد ذاتها منظومة ردع متكاملة لكل محاولات الاختراق التي يتعرض لها المجتمع الإسلامي المعاصر قال رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ” أيها الناس أن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله”. وعلى ذات المنوال كانت ذكرى استشهاد الإمام الحسين مناسبة جديرة بالمراجعة التاريخية بحيث يتأمل كل فرد من أفراد الأمة الإسلامية ملامح المشروع الذي يحمله في الواقع الحياتي، هل يقف في صف الحضارة والإنسانية والأمل أم يقف في صف أعداء الإنسان أعداء الحضارة.
وعلى درب الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي سار عليه الإمام علي والإمام الحسين (عليهما السلام) تأتي ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي (عليه السلام) التي تشكل سيرته ذروة العطاء العلمي والتحرك الجهادي.
رابطة علماء اليمن أضاءت سيرة هذه الشخصية الإيمانية خلال السطور التالية:
* أحيا الإمام زيد (عليه السلام) خيرية الأمة بعد أن ماتت ومثلها التمثيل القرآني قال تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ).
* أقام الشهادة على الناس في عصره ومثل قيم الدين ومبادئه المثلى والحقيقية أمام الزيف الأموي والانتماء الشكلي للإسلام قال تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).
* مثّل الرسالة الربانية بأجلى وأبهى وأصدق صورها ومصاديقها وسعى لتكوين الأمة الربانية المتصلة بالله تعالى وهكذا هو مشروع الصادقين والثائرين من آل محمد قرناء القرآن الكريم (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ).
* أحيا في الأمة المفهوم الإسلامي والحقيقي لمبدأ الإمامة ووظيفة السلطة الإمامة التي لا يتصف بها ولا يكون أهلاً لها إلا من أقام فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتقوم بها ومن خلالها كل فرائض الدين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر من ذريتي فهو خليفة الله في أرضه ، وخليفة كتابه، وخليفة رسوله” وقال الإمام زيد عن هذه الفريضة العظيمة والأساسية والجوهرية وهو يحاجج ويخاطب علماء السوء الذين خذلوه وخذلوا الحق وضيعوا هذه الفريضة وأماتوها فبين معنى قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فبدأ بفضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم بفضيلة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر عنده بمنزله القائمين بذلك من عباده ولعمري لقد استفتح الآية في نعت المؤمنين بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاعتبروا عباد الله وانتفعوا بالموعظة.