مرفأ بيروت.. والمؤامرة الكبرى
عبدالفتاح علي البنوس
شكَّل انفجار مرفأ بيروت فضيحة مدوية لقوى الاستعمار العالمي ، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومن خلفهما الكيان الصهيوني وأذنابهم من دول المنطقة ، وعلى وجه الخصوص الكيان السعودي المأزوم هذه الدول التي عملت منذ الوهلة الأولى على تكييف الكارثة وتوجيهها في اتجاه معاكس لما عليه المعطيات والشواهد والتحليلات المنطقية ، من خلال تحميل حزب الله اللبناني مسؤوليتها ، وكيل الاتهامات المباشرة للحزب بالوقوف خلفها ، وسرد العديد من الروايات والتفسيرات والخزعبلات التي تصب في هذا الاتجاه.
روايات ساذجة وأطروحات سمجة ، تحاول التأثير على سير التحقيقات التي تجريها السلطات اللبنانية المختصة بمشاركة الجيش اللبناني ، وتسعى لجر لبنان نحو الفوضى والانزلاق في مستنقع الحرب الأهلية التي جاء الرئيس الفرنسي ماكرون من أجل إشعالها وذلك بإعطاء الضوء الأخضر لقطيع العملاء للنزول إلى الشوارع وإشعال الفوضى وإقلاق الأمن والسكينة العامة ، ووضع العراقيل أمام الأجهزة المختصة المكلفة بالتحقيق ، والذهاب نحو تدويل القضية وتمييعها والذهاب بها نحو استهداف حزب الله والمقاومة اللبنانية والقوى المتحالفة معها.
ما يزيد على 222شهيدا وأكثر من 6000جريح وعدد من المفقودين وخسائر باهظة جدا وتدمير كامل لعصب الاقتصاد اللبناني ، في فاجعة كبرى كان من المفترض أن تكون سببا في وحدة وتماسك القوى السياسية اللبنانية وتجاوزها المماحكات والخلافات والمناكفات والتفرغ لمواجهة هذه الكارثة والوقوف على ملابساتها والعمل في مسارين ، المسار الأول العمل على إغاثة المتضررين وجبر ضررهم وإعادة إعمار ما تعرضت له بيروت من دمار وخراب بالتنسيق مع المانحين ، في الوقت الذي يذهب الجميع بالتوازي مع المسار الأول في تنفيذ المسار الثاني المتمثل في استكمال إجراءات جمع الاستدلالات والمعلومات والتحقيقات التي من شأنها الكشف عن ملابسات الكارثة ومن يقف خلفها ومكاشفة الشعب اللبناني والرأي العام العالمي بذلك.
وهذا ما ذهب إليه السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله في كلمته بالمناسبة والتي تم التعامل معها برعونة من قبل قوى ما يسمى 14آذار المشبعة بالفساد والعمالة والارتزاق ، حيث قوبل نفي سيد المقاومة أية صلة لحزب الله بالحادثة أو المواد التي كانت مخزنة في المرفأ ، أو أن يكون للحزب أي نشاط أو مهام أو مسؤوليات داخل المرفأ ، ودعوته للتحقيق في الحادثة ونشر نتائج التحقيقات ومحاكمة كل من تثبت مسؤوليتهم في الحادثة، بردة فعل عكسية ، حيث قامت القوى اللبنانية المرتهنة لفرنسا وأمريكا والسعودية وإسرائيل بافتعال أعمال شغب وتخريب في شوارع بيروت وذهبت لتدمير وإحراق المؤسسات والوزارات التي سلمت من تفجير المرفأ، بالتزامن مع حملة إعلامية مكثفة ضد حزب الله.
زيارة ماكرون السريعة ، تصريحات ترامب ، تحركات قوى 14آذار ، استقالات وزراء في الحكومة اللبنانية ، فوضى الشارع اللبناني ، المواقف الدولية المتحاملة على السلطة اللبنانية وحزب الله ، دعوات تدويل التحقيق ، تأجيل النطق بالحكم في قضية اغتيال رفيق الحريري ، كل هذه المعطيات وغيرها تشير إلى أن حادثة تفجير مرفأ بيروت لم تكن عرضية ، وأنها كانت مقدمة لتنفيذ مؤامرة كبرى تستهدف السيادة والمقاومة اللبنانية خدمة للكيان الصهيوني ، وأن الهدف هو السيطرة على مرفأ بيروت وإخضاعه للإشراف الأممي ، والذهاب نحو استهداف حزب الله واستخدام المساعدات الخاصة بإعادة الإعمار كورقة ضغط على الشارع اللبناني في حال تم التوصل إلى اتفاق حول إعلان الدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة.
بالمختصر المفيد، حادثة تفجير مرفأ بيروت كشفت حقيقة القوى اللبنانية العميلة التي ظلت تتشدق بالوطنية وإذا بها عبارة عن أدوات رخيصة بيد فرنسا وأمريكا والسعودية ، وعملاء للكيان الصهيوني ، وأظهرت حجم الحقد الذي تكنه هذه القوى على لبنان ومقاومتها البطلة التي كانت وما تزال وستظل صمام أمان لها ، والصخرة الصلبة التي تتحطم عليها أحلام وأوهام وتطلعات الكيان الصهيوني ، ومنحت الشعب اللبناني الحر الفرصة لتعرية وتحجيم هذه القوى الظلامية المأزومة ، والتي جعلت من نفسها شريكة في كارثة مرفأ بيروت وباتت مسؤولة عنها ، ولا يمكن أن تمر ممارساتها العدائية مرور الكرام ، وسيطالها ومن معها العقاب الرادع.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.