في مثل هذا التاريخ يتذكر اليمنيون موقفاٍ أخوياٍ صادقاٍ أخرجهم من مأزق الاقتتال وجنبهم دوامة الحرب الأهليةوعند مرور كل عام من ذكرى توقيع المبادرة الخليجية التي أخمدت نيراناٍ أوشكت في إشعال جذوة العنف يراجع اليمنيون معادلة التقييم والانجاز لما تحقق من بنود(صلح) أشقائهم الذي احقن دماءهم محدقين لواقعهم اليوم وما تحقق وما لم يتحقق على مدى العامين الماضيين.
في هذه المادة نستعرض رؤى مستشفة لسياسيين ومراقبين يقدمون لـ”الثورة” وجهة نظر ورؤية واقعية لا ترتهن لأهواء أطراف طامعة بكسب المصالح أو الاستحواذ والالتواء على تلك المبادرة وعرقلة سيرها كما نستعرض ماهية الأخطاء التي صاحبت تنفيذها والنجاحات التي تحققت من خلالها لصالح اليمن واليمنيين.
مصلحة الوطن صنعت الانجاز
يقول الدكتور عبدالسلام الجوفي وزير التربية والتعليم الأسبق أن اليمنيين بكل انتماءاتهم الحزبية والجهويه يستحقون التهنئات .. لأنهم جميعا وبدون استثناء أنجزوا عملا رائعاٍ يستحق التقدير.. جنبوا اليمن ويلات الدمار والاقتتال وهذا محسوب لمن كان يحكم ولمن كان يعارض .. اما في ما يتعلق بما انجز من المبادرة فأقول أن كثيراٍ من النقاط قد أنجزت وتم التبادل السلمي للسلطة وبصورة عكست واقعية المبادرة وصدق التوجهات.. انعقاد موتمر الحوار الوطني إنجاز حقيقي والتقاء الاطراف جميعها انجاز بحد ذاته.. وجود حكومة وفاق من كل الأطراف.
ويرى أن ما تحقق اليوم هو بحق كثير صحيح أن طموحات الناس كانت اكبرلكن هذا واقع وهناك قضايا متشابكة ومعقدة (القضية الجنوبية نموذج) الذي يشكك بما تحقق ينظر الى ليبيا وسوريا ويقارن سيعرف كم شوطاٍ إيجابياٍ انجزته المبادرة .. اليوم الناس أكثر تفاؤلاٍ واقل انفعالاٍ .. اليوم علينا ان نتحدث عن مابقي وليس ما انجزنا .. هذا التفاؤل هو انجاز ومابقي من بنود هى مهمة ومهمة جدا لكن لم تعد مستحيلة … على الجميع أن يدرك ان ما وصلنا إليه كان بتنازل الجميع عن مصالحهم وعليهم اليوم ان يستمروا بنفس المبدى الوطن فخور بما أنجز وسيكون اكثر فخرا اذا اكملنا الانجاز .. اقول انه لا يستطيع احد انكار ان كثيرا من المبادرة وبنودها قد انجز لكن في نفس الوقت علينا الاعتراف ان إشكاليات لم تحسم بعد وأهمها استكمال الحوار الوطني باعتبار مخرجاته ستوضح شكل الدولة ونظام الحكم وأيضاٍ خطوات السلم الاجتماعي.
نجاحات كبيرة
يعتبر عضو مؤتمر الحوار صلاح الصيادي المبادرة الخليجية حققت نجاحات كبيرة منتقدا من يصفهم بأنهم لا يقدرون نعمة التسوية السياسية في اليمن متطرقا لحكمة القيادة السياسية وحنكتها في إخراج الوطن إلى بر الأمان عبر الآلية الخليجية ويعرج الصيادي امين عام حزب حشد على ما يتعلق بالمادة (7) الفقرة (ب) من الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية التي تضع حداٍ لمن يدعي ان فترة الرئيس هادي سنتان فقط .. حيث ربطت الفقرة (ب) انتهاء الجزء الثاني من المرحلة الانتقالية بإجراء الانتخابات حتى ولو بعد خمس سنوات ويضيف أن أجمل ما في الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية أنها عملت احتياطاتها لكل شيء ممكن أن يحدث أو يستجد.
نجاح في خطواتها الأولى
من جانبه ويقول القاضي محمد الوقشي: لا بد من النظرة العميقة القرآنية لدراسة التجربة لكونها من مدارج الحكمة والاعتراف بالإخفاقات الواقعة لتسديد المسار بما يكفل تجاوز المرحلة الانتقالية بنجاح وواضح أن المبادرة نجحت في خطواتها الأولى عند تشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية.
ولقد سار الحوار الوطني سيرا جيدا إلى المنتصف ولكنه الآن تأخر عن موعد إنجازه المقرر وظهرت إشكالات كبيرة للأسف بعض أبناء اليمن كان لهم ضلعا في ذلك وحدث تعثر في سير التسجيل الانتخابي والسجل الالكتروني ولذا فاحتمال تأخر الانتخابات كبير وهو من مواطن الإخلال بالتزمين المقرر للمبادرة وهذا سيفتح الباب لمن يحبون الاصطياد في الماء العكر.
ويتمنى أن يكون في المبادرة شيء من المرونة وأن مراكز القوى السياسة في الساحة تكون على مستوى من المسؤولية بحيث تستطيع أن تتعامل مع بنود المبادرة بمرونة وبما يقتضيه الظرف.
كما يجب على الجميع ألا يتعامل مع الوضع كفرصة لتحقيق مكاسب شخصية وتجاوزوا فيها مصلحة الوطن وللأسف كاستخدام الكهرباء والخدمات والنفط كورقة ضغط للاستجابة لبعض المطالب التي لا تصب في مصلحة الوطن والطريقة التي ضغط بها بعض الأطراف فساداٍ وإفساداٍ لا تدل على حرص في تجاوز المحنة بسلام.
ويقول :نحن على أمل كبير أن تظهر مخايل الوصف النبوي (الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان) في السير الجاد لتجاوز تعسر الوضع القائم في الحوار بحيث يتجاوزه إلى ولادة آمنة ومولود كامل غير مشوه لكي نستطيع تجاوز المرحلة الانتقالية بسلام إن شاء الله.
والمبادرة الخليجية إن شاء الله ستنجح وسيكون لها أبعاد حضارية رائعة لأنها ستكون تجربة ناجحة لمخاض ثورات الربيع العربي ونموذج يحتذى به وصورة ناضجة من التفكير العقلاني على مائدة الحوار بديلا عن الصراع لمستقبل الثورات التي ستكون في المنطقة والأوضاع الحرجة التي مرت بها الثورات القائمة.
ويعتبر الوقشي المبادرة الخليجية تجربة رائدة مع ما حدث مطالبا من يقفون عقبة أمام خروج اليمن من النفق المظلم أن يعوا أنهم هم أنفسهم على سفينة الوطن وأن الإخفاق ضرره سيعود على الجميع بلا استثناء وأن الشعب اليمني وصل إلى حد لم يعد يستطيع التحمل أكثر من ذلك وأن انهيار الدولة اليمنية له عواقب كارثية لا على الوطن ولكن على المنطقة برمتها.
ويجب أن يعقل اليمنيون أن الاستجابة لمطالب دول في المنطقة ولو على مصلحة الوطن هو شيء معيب في حقهم وذاكرة اليمنيين وتاريخهم لن ينساهم أبدا.
وهم بين خيارين إما أن يدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه حين ينجحون في التجاوز بسفينة اليمن إلى بر الأمان أو الخروج من التاريخ من أوسع أبوابه حين يكونون نقمة على بلدهم والعياذ بالله إن انهارت الدولة ودخل أبناء اليمن في صراع غير واضح المعالم.
في الأخير يؤسفني القول أن اليمن قد خاض حروبا بالنيابة بما يكفي طوال نصف القرن الماضي وأتمنى أن يكون أبناؤها اليوم عقلاء يدركون خطر النظرة الضيقة ومآلها الكارثي على مستقبل اليمن.