في ساحة الجامع الكبير.. كبار السن يتولون المُهمة بلا مقابل
“عيون الرجال المكحلة”..عادة رمضانية أبطالها المعمرون
الثورة / محمد شرف
طوابير طويلة من الأطفال والشباب وكبار السن تصطف بعد صلاة العصر في ساحة الجامع الكبير في مدينة التراث العالمي صنعاء، ينتظرون دورهم لوضح كحل الإثمد في أعينهم، من قبل عدد من الرجال المسنين الذين يجلسون القرفصاء وأمامهم ما يُسمى بـ”المكحلة” التي تتميز بالزخرفة عادة ما تُصنع من مادة الخشب أو النحاس يُحفظ فيها الكحل.
الكثيرون يعتقدون بأن تكحيل العين بهذه المادة وغيرها من أنواع الكحل الطبيعية يُحافظ على صحة العين وصفائها؛ وذلك في واحدة من أقدم وأغرب العادات الرمضانية اليمنية.
الابتسامات تتحوّل – فجأة– إلى مشهد من البكاء يستمر لنحو خمس دقائق؛ تتعطل خلاله لُغة الكلام، لتبقى الدموع وحدها وهي تتساقط من العيون المتحدث الوحيد للحالة التي يعيشها كلُ من قرر خوض غمار هذه التجربة، نتيجة شدة الحُرقة التي يحدثها الكحل في العين. وما هي إلا فترة بسيطة حتى تتوقف الدموع وتتحوّل العيون الحمراء إلى عيون صافية، تعود معها الابتسامة إلى وجوه أصحابها.
في المكان يتولى العديد من الرجال المعمرين المُهمة دون أي مُقابل، مُستخدمين كحل الإثمد والإقليد وغيرها من أنواع الكحل الطبيعية في جو رمضاني بهيج.
بزيّه التقليدي المميز؛ يقوم الحاج إسماعيل لطف البواب، بوضع الكحل في أعين العشرات من الأطفال والشباب والمعمرين الذين يقصدون المكان من مختلف المناطق اليمنية، موزعاً ابتسامته الرائعة على ضيوفه.
يقول البواب: الكحل هي مادة طيبّة لها فوائد صحيّة للعين، في عادة رمضانية تتوارثها الأجيال، وتشهد إقبالاً كبيراً من مختلف شرائح المجتمع.
ويضيف: “الكحل يعمل على صفاء العين وتنظيفها من الأتربة والحصى، كما أنه يُعالج الشقيقة. ومثل هذه الأنواع من الكحل الطبيعية تنتشر في معظم المناطق اليمنية”.
كثيرون أرجعوا في أحاديث لهم، أسباب رغبتهم في تكحيل أعينهم إلى اعتقادهم بأن “النبي محمد صلى الله عليه وسلم استخدم كحل الإثمد”، وللفوائد العديدة للكحل الطبيعي، فيما يراه البعض “تطهيراً للعين مع بداية شهر الصوم”.