عظمة شهر رمضان.. وفُرصة بناء واقع الإنسان
نوال أحمد
شهر رمضان المبارك هو من أعظم الشهور وأفضلها قربة إلى الله سبحانه وتعالى، وهو الشهر الكريم شهر الرحمات والخيرات والمبرّات، شهر الصيام والقيام وقراءة القرآن، شهر رمضان هو من أفضل الشهور عند الله وهو المنحة الإلهية التي وهبها الله لعباده، هو المحطة الإيمانية التي يتزود فيها الإنسان بزاد التقوى، شهر رمضان الكريم هو مدرسة تربوية عظيمة تُربّي الإنسان التربية الإيمانية الصحيحة، يتعلّم الإنسان فيها كيف يجاهد هوى النفس و كيف يعمل على تزكيتها، تعلمه الصبّر الذي هو «بمنزلة الرأس من جسد الإنسان «وأهم ركيزة من ركائز الإيمان، والعامل الذي يعين الإنسان المؤمن على الثبات والاستقامة في هذه الحياة الزائلة والدنيا الفانية.
شهر رمضان المبارك هو مدرسة نتعلم منه قوة العزم والإرادة، نتعلم منه الصبر على الجهد والمعاناة النفسية والعصبية، فرصة عظيمة لتزكية النفس والتزود بزاد التقوى التي هي أساس الصلاح والفلاح، لا يمكن أن تنجح الأعمال إلا بالتقوى والاهتمام بقراءة القرآن وتلاوته بتدبر وتأمل والتحرك به والبناء على أساسه في واقع الحياة.
هذا الشهر هو أعظم محطة تربوية وإيمانية يبتني فيها الإنسان بهدى الله القرآن الكريم ليكون قريباً من الله، ومؤهلاً لحمل المسؤولية الإلـٰٓهية، والتحرك بالحق في كل مجالاته لإقامة دين الله، فنحن أمة القرآن وينبغي علينا ونحن نقرأ القرآن أن يكون تحركنا قرآنياً نابعاً من توجيهات الله في القرآن الكريم وفق منهجيته وهدايته ونحن في هذا الزمن المظلم الذي كثر فيه المضللون والمبطلون وتكالب فيه أعوان الباطل وأنصاره، علينا أن نتحرك بحركة القرآن الكريم، وننظر للأحداث بعينٍ على القرآن وعين على الأحداث لنجد عظمة القرآن الكريم وقداسته ، فهو الذي يبصرنا ويوجهنا ويخاطبنا ويبنينا وهو الذي كشف الله لنا فيه خبث ومكر اليهود وأنصارهم ومن يوالونهم من قوى العمالة والنفاق.
يراجع الإنسان نفسه من أول ليلة من هذا الشهر الكريم ،وينبغي على كل إنسان مسلم أن يبدأ بمراجعة النفس ومحاسبتها والتوبة إلى الله من الذنوب والمعاصي والعودة إلى الله والالتجاء إليه، فالإنسان الذي لا يرتبط بالله على أساس إيماني صحيح فإن مصيره جهنم التي هي مقر الغاوين ومستقر المستكبرين.
شهر رمضان المبارك يُعتبر فرصة يهيئ الإنسان فيها نفسه ليعيد بناء علاقته مع الله سبحانه وتعالى، وهو مرحلة يتخلص فيها الإنسان من الذنوب والغفلة التي قد تكون أحاطت به ،فرصة للإنسان الذي ما زال على قيد الحياة، فهناك من فاتته هذه الفرصة الإلهية التي أضاعها ويتمنى لو أنه يعود إلى الدنيا كي يصلح نفسه وأعماله وينجو من عذاب الله ،هناك من يتندم على ما اقترفته يداه من معاص في الدنيا ويطلب من الله العودة ليصلح أعماله فيتصدق ويكون من المتقين ولكن بعد أن فَوَّت الفرصة وبعد أن فات الأوان.
شهر رمضان المبارك فرصتك أيها الإنسان، اغتنم هذا الشهر وارجع إلى الله وتحرك لمراجعة واقعك وصححه ،حاسب نفسك ما زالت الفرصة سانحة لك « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ » الله ينادينا يأمرنا بأن نتزوّد بزاد التقوى وأن نزيد من إيماننا ونقبـِل إليه منيبين تائبين طامعين في عفوه ومغفرته ورضوانه وأن نلتجئ إليه لجوء المحتاجين له وقلوبنا طاهرة نقية ونفوسنا زاكية وأعمالنا صالحة خالصة لله رب العالمين.
شهر رمضان الكريم هو شهر الصيام وقراءة القرآن ،هو مدرسة نتعلم فيها القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة، يتزود فيه الإنسان المؤمن بزاد العلم والوعي والتقوى، ويتحلى فيه بالسجايا الحميدة والشمائل الكريمة، شهر تصوم فيه أعضاء الإنسان من غوغائيتها والقلوب من أهوائها وتلين فيه الأفئدة، وتزكو فيه الأنفس، وتتهذب فيه أخلاق الإنسان المؤمن الذي يعرف أهداف الصيام ويسعى لتحقيق غاياته العظيمة.
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإيمان وفرض علينا الصيام لننال منه سبحانه الرضا والرضوان تهذيبا للنفوس، وصحة للأبدان، تزوداً بالعزم والصبر والتقوى لله الملك الديان، الله سبحانه وتعالى شرع لعباده الصيام، وجعله بمثابة فرصة لعباده رحمة بهم، وإكراما لهم، ليرزقهم من فضله، لأنه يريد لهم الخير والهدى والفوز بجنته. «وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ «.