> مشروع قانون تجريم المتاجرة بالأعضاء البشرية لا زال في أدراج مجلس النواب رغم تنامي الظاهرة
> وزارة الداخلية : ضبط أكبر عصابة للمتاجرة بالأعضاء تقودها امرأة في مطار صنعاء الدولي
الفقر .. الفقر .. الفقر ياله من آفة قاتلة باسمه ترتكب الجرائم وتستباح النفوس وبسببه يستغل الضعفاء .. وللهروب منه يتخلى المرء عن أغلى ما يملك الإتجار بالأعضاء (البشرية) هي واحدة من عشرات القضايا الإنسانية التي يخلقها لنا هذا القاتل الصامت ولكنها من أبشع مخلفاته إن لم تكن أبشعها على الإطلاق .. عصابات منظمة ترتدي أقنعة بشرية تتوالد وتنتشر في الأحياء الفقيرة على مرأى ومسمع من الجهات المختصة العاجزة عن إيقافها بحجة عدم وجود مادة قانونية تجرم ذلك وتحرمه ¿
وطبقاٍ لمراقبين يعد الفقر البيئة المناسبة لتفشي جميع الظواهر السلبية في أي مجتمع مهما بلغت درجة ثقافته وهذا ما يحدث بالفعل في مجتمعنا اليمني فقد ضبطت الأجهزة الأمنية في بلادنا خلال السنتين الماضيتين شبكات سرية للإتجار بالأعضاء البشرية وذلك مقابل مبلغ مالي لا يتعدى 3 آلاف دولار من أجل التخلي عن إحدى من الأعضاء الداخلية ,,,
ضحايا السماسرة
ألف حالة تم رصدها و500 حالة موثقة لعملية الإتجار بالأعضاء البشرية معظمها كانت في مستشفى وادي النيل بحدائق القبة وهذا ما تم توثيقه بالصوت والصورة لعشرات من الضحايا مع بعض السماسرة الذين تم القبض عليهم من قبل الجهات المختصة هذا ما أكدته التقارير والأرقام التي حصلنا عليها وسعينا للتأكد منها لنتوجه ساعتها إلى المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر والتقينا برئيسها الأخ نبيل فاضل والذي بدوره أكد لنا صحة ارتفاع منسوب تلك العصابات وزودنا بتلك الأرقام المذكورة سلفا في التحقيق ويضيف فاضل : هناك 500 حالة لم تتمكن المنظمة من رصدها لأسباب مالية تتعلق بتمويل عملية المسح والرصد .
وأشار إلى أن تحول 80 شخصاٍ من ضحايا الإتجار بالأعضاء إلى سماسرة بيد عصابات وشبكات الإتجار بالأعضاء هو من أجل حصولهم على مبالغ مالية تتراوح ما بين الألف والألفين دولار ويقتصر دورهم في استقطاب الضحايا عبر مختلف الطرق والوسائل الممكنة والمتاحة .
مبيناٍ أن شبكات الإتجار لم تكتف بسماسرتها من الموجودين عبر مختلف المناطق اليمنية بل قامت بإرسال أحد الأردنيين لينظم عملية إرسال الضحايا بفتح فروع في صنعاء وتعز ومن ثم جمعهم في المركز الرئيسي للشبكة بصنعاء وتسفيرهم إلى جمهورية مصر العربية.
وحال سؤالنا فاضل عن كيف تمكنت المنظمة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من كشف مراكز وفروع الشبكة أجاب قائلا : توجه السمسار الأردني إلى مطار صنعاء الدولي لتوديع وترحيل عشرة من الضحايا برحلة واحدة إلى مصر إلا أن القلق والتلعثم كان مسيطراٍ على موقف الضحايا أثناء مغادرتهم وخطابهم مع أمن المطار الأمر الذي أثار الشكوك لدى الأجهزة الأمنية التي شددت لهجة الخطاب على الضحايا حتى اعترفوا بكل شيء .
أرقام قياسية
7800 هذا الرقم لا علاقة له ببراءة اختراع وليس له أي علاقة بأي شيء من شأنه يخدم الأمة العربية وإنما العدد الظاهر أمامكم هو عدد عمليات زرع الكلى التي قام بها مستشفى وادي النيل بجمهورية مصر العربية بعد أن تصدرت مصر بلدان العالم في عمليات الإتجار بالبشر بحصولها على المرتبة الثانية !!
وأما عن طريقة إجراء عملية الاستئصال التي تتم دون أي تحاليل طبية للمستقطب فتتم بخرق منطقة الصدر لتخرج الكلية بعدها من العانة ولو رأيت الضحايا لوجدتهم من البلدان العربية الفقيرة ومنها اليمن لتستهدف تلك الشبكة المنظمة من خلال سماسرتها العاطلون عن العمل بالدرجة الأولى والعاملون في فرز الباصات ومزارع القات (المبزغين) والأشخاص الأميين والبسطاء هذا ما توصلت إليه المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر بعد أن قامت إدارة استقبال البلاغات وإدارة حصر الحالات الخاصة بالضحايا اليمنيين والتقت بمئات الضحايا من الذين باعوا أعضاءهم البشرية في مصر مستغلين فقرهم وضعفهم
أعمال مشبوهة
أما بالنسبة للأخ ناصر الجلعي – لرئيس المؤسسة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر ناصر الجلعي فهو يؤكد بأن المنظمة قامت بالنزول الميداني للضحايا والجهات ذات العلاقة ورصدت ما يقارب 1650 حالة وقامت بنشرها في التقرير الخاص بها وكذلك رصد 87 قضية اتجار بالأعضاء البشرية موزعة بحسب تصريح مدير البحث الجنائي كالتالي منذ عام 2009 شهر أكتوبر وحتى 2012 شهر فبراير تم ضبط 86 حالة منهم 12 من المطلوبين أمنيا و من بينهم 2 من جنسيات أردنية وأوضح مدير البحث الجنائي بأنهم باعوا إحدى كليتيهم بمحض إرادتهم بعد أن تم استغلال حاجياتهم المادية ولذا تم الإفراج عن بعض المتهمين ذلك بسبب عدم وجود نصوص قانونية تجرم هذه الظاهرة مما يزيد الحاجة لضرورة وجود قانون يجرم هذه الأعمال المشينة ويضع معايير صحيحة وقانونية تحد من استغلال العصابات لهؤلاء الضحايا.
التشريعات الوطنية
قصور القانون اليمني في تجريم ذلك الفعل مكن بعض أفراد تلك العصابات الوحشية من أن يفلتوا من دون عقاب مناسب لتلك الأفعال الإجرامية التي يقومون بها وعن هذا القانون وتلك الجرائم يحدثنا المحامي المدني خالد الغيثي بالقول: الإتجار بالأعضاء البشرية إحدى صور الجريمة وقد نصت المادة 48 رقم 12 لعام 1994م من قانون الجرائم والعقوبات تحت عنوان الرق انه يعاقب بالحبس مدة تزيد عن عشر سنوات لكل من اشترى أو باع أو أهدى أو تصرف بأي تصرف كان في إنسان وتركت بقية الصور دون تجريم ولا يوجد نص خاص يجرم الإتجار بالأعضاء البشرية وإن كانت تدخل ضمن أفعال أخرى مجرمة مثل الاعتداء على الجسم . ويضيف الغيثي : تعتبر اليمن من الدول التي يظهر فيها العديد من صور أشكال جريمة الإتجار بالبشر خصوصا وأنها تعد محطة عبور للهجرة غير المشروعة من القرن الأفريقي ودول شرق آسيا إلى منطقة الخليج وكذلك نظراٍ لانتشار الفقر برزت في الفترة الأخيرة ويطالب الغيثي بسرعة إصدار قانون مكافحة الإتجار بالأعضاء البشرية .
مصدر أمني
العصابات التي تم القبض عليها أثناء محاولتها تهريب بعض الضحايا تعتبر من أخطر العصابات الإجرامية وجميع أفرادها من أرباب السوابق فقد ارتكبوا عدداٍ من الجرائم الجسيمة بالإضافة إلى تورطهم في جرائم اختطاف واختفاء عدد من النساء والرجال والأطفال من خلال إيهامهم بأنهم سيرسلون إلى العمل في دول الخليج وهذا ما أكده لنا مدير عام البحث الجنائي في وزارة الداخلية العميد مطهر الشعيبي بعد أن كشفت الإدارة العامة للبحث الجنائي عن ضبط عصابة متخصصة بالإتجار بالأعضاء البشرية ليتم التحقيق معها وجمع المعلومات التي من خلالها تم الوصول إلى العصابة
وأفاد الشعيبي بأن قيادة وزارة الداخلية أبدت اهتماما بعملية ضبط عصابة الإتجار بالأعضاء البشرية ووجهت بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وإحالتهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل
تحرُ واكتشاف
العقيد محمد الصباري من وزارة الداخلية والمسئول الأمني الأول في مكافحة الإتجار بالأعضاء البشرية في اليمن يقول: في عام 2009 م بدأت التجارة بأعضاء الأطفال حيث وصلنا بلاغ من منظمة سياج يفيد بأن خمسة أطفال يمنيين في مصر استأصلت إحدى كليتيهم فتم تشكيل لجنة أمنية للتحقق من الحادثة والتنسيق مع وزارة الداخلية والخارجية عبر الجالية اليمنية وكذا والتنسيق مع الانتربول حينها وأشخاص مباشرين بلغوا عن الحالات وبعد التحري اكتشفنا بأنها شبكة يمنية مصرية أردنية وتمكنا من ضبط 157 حالة بين متاجر وضحية أعقبها إدخال أسماء شبكة المتاجرين ضمن القائمة السوداء لإحباط أي عملية ترحيل للضحايا
موضحاٍ: بأنه وجد الأطفال المستأصلة إحدى كليتيهم في حالة إنسانية يرثى لها بعد إجراء عمليات الاستئصال ولا ندري حقا هل هناك أعضاء أخرى يجري استئصالها غير الكلى لكن الشبكة ممتدة من الجوازات والترحيل والاستقبال وحجز الشقق السكنية حيث يقومون بتلقين الضحية في المطارات بأنه قادم ليتبرع بكليته إلى فلان من الناس يكون من ضمن أفراد العصابة أو معارفه ويتم التعتيم على الموضوع وهي عصابة وشبكة خطيرة لا تقل في خطورتها عن تجارة السلاح والمخدرات وعن طريق الأجهزة الأمنية والبحث الجنائي تمكنا من إبطال العديد من الرحلات التي كانت تقل مغرر بهم .
وألقى الصباري بالمسؤولية على وزارة الصحة والأجهزة الأمنية في القضاء والنيابة لعدم حزمها تجاه هذه القضية الخطيرة وأن غياب القانون كان السبب الرئيسي في تفاقمها .
صمت مميت
أحد الضحايا فضل عدم ذكر اسمه أكد لنا أنه قام بإبلاغ السفارة اليمنية في القاهرة عن طريق الدكتور عادل الآنسي وهو المستشار الطبي بالسفارة عن وجود شقق فيها ضحايا يمنيين تمت المتاجرة بأعضائهم فتم تحويل الموضوع إلى مستشار السفارة الدكتور عبد الله القدسي لإبلاغ السفير بما يحدث ولكن السفارة – كما قال – لم تحرك ساكنا وعلى أقل وجه كان المفترض أن تقدم بلاغاٍ إلى وزارة الداخلية والصحة المصرية بما يجري في مستشفى وادي النيل ولكن لا حياة لمن تنادي
احتجاز القانون
تمكنا من الحصول على نسخة من مشروع القانون الذي رفعه وزير العدل بتاريخ 1 يوليو 2013م إلى مجلس الوزراء وأقره المجلس وتم تكليف وزير العدل لإكمال الإجراءات في مجلس النواب في الجلسة المنعقدة 23 سبتمبر 2013م وتم في المجلس مناقشة مذكرة وزير العدل بخصوص إقرار قانون يجرم هذه الظاهرة وحتى اليوم لم يتم التصويت والإقرار.
وحال لقائنا مع الدكتور كهلان صوفان – رئيس الحقوق والحريات بمجلس النواب أوضح بأن القانون لازال قيد الدراسة في المجلس وقد تم تشكيل ثلاث لجان لدراسته وهي لجنة العدل ولجنة الحريات واللجنة القضائية
مكافحة الظاهرة
توجهنا بعد ذلك إلى وزارة حقوق الإنسان بصفتها الجهة الحكومية والحقوقية في الدولة والتقينا عبد السلام الدروبي – المسئول الإعلامي باللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر بوزارة حقوق الإنسان حيث أكد لنا بأن الوزارة أنشأت اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر مشكلة بقرار من رئيس الوزراء وكْلفت بعدة مهام منها إعداد قانون مكافحة الإتجار بالبشر والذي يْجرم في مواده الإتجار بالبشر ويضع العقوبات لذلك وتعريف المواطن بالظاهرة والذي قد لا يصدقها البعض وذلك بعمل برنامج توعوي تثقيفي متكامل إلى جانب مهامها الأخرى كما ستقوم الوزارة بإنشاء وحدة خاصة بمكافحة الإتجار بالبشر .
منع الترخيص
وفي التقرير الذي قدمه وزير الصحة العامة والسكان الدكتور أحمد العنسي في الاجتماع الدوري للحكومة مؤخراٍ حول قيام عصابات بتهريب يمنيين من داخل البلاد إلى جمهورية مصر لغرض المتاجرة بأعضائهم البشرية جعل مجلس الوزراء يلتفت للقضية وطالب وزير الصحة بإعداد تقرير متكامل عن الموضوع متضمنا القرارات المطلوب اتخاذها وتقديمها إلى مجلس النواب للمناقشة واتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة ومن هذا المنطلق قامت وزارة الصحة والسكان بجهود جبارة لمحاربة أية صورة من صور الإتجار بالأعضاء يقول صفوان الشرحي – مسئول العلاقات بوزارة الصحة منذ أول عملية إبلاغ عام 2010م عن الإتجار بأعضاء الأطفال كان لوزارة الصحة والداخلية والبحث الجنائي الدور البارز والفعال في التضييق على الشبكة التي تتاجر بالأعضاء وذلك بتشكيل لجنة من وزارة الصحة في مجلس النواب لدراسة مشروع إقرار قانون يجرم الإتجار بالأعضاء مؤكداٍ أن الوزارة تولي هذه القضية جل اهتمامها وترفض منح التراخيص لمثل هذه الانتهاكات غير المشروعة والتي غدت نوعا من أنواع المقاولة بالأرواح من دون رقيب ولا حسيب
خديعة وضغط نفسي
الإتجار بالأعضاء البشرية جريمة نكراء لها تداعياتها النفسية والصحية على واقع ومستقبل الأطفال باعتبارهم الفئة المستضعفة المغلوب على أمرها هذا ما عبرت عنه الدكتورة وردة وهيب أخصائية علم نفس بمستشفى دار السلام للأمراض النفسية تقول: إن هذه الفئة لا تدرك أنها واقعة في جريمة الإتجار بأعضائها بل يتم حثهم على السفر بعد خداعهم وتعريضهم للضغط النفسي أو التهديد من قبل أقربائهم أو تحت تأثير أفراد الشبكة المتاجرة بالأعضاء البشرية.
وتابعت وهيب: إن تلك التداعيات تؤدي إلى شعور الطفل بالنقص أمام الآخرين وأمام نفسه وغياب ثقته بكل من حوله الميل إلى الوحدة والعزوف عن المجتمع هذه المشكلات تأتي تراكماٍ لسلسة من الأخطار والانتهاكات تعرض لها ناهيكم عن بزوغ روح الانتقام في شخصيته باعتبار كل من حوله هم وراء ما حدث له فقدان شعوره بالأمان النفسي والاضطرابات النفسية والسلوكية المصاحبة لشخصيته ومضت تقول: معها يصبح عنيف الطبع والأسلوب والتعامل عدواني متصلب المواقف يمثل بيئة سهلة للانحراف لكونه ناقم على مجتمعه ويشعر بالضياع في مختلف مراحل حياته ولا يجد مخرجاٍ له سوى أن يغدو سمسارا بيد عصابات وشبكات الإتجار.
وأوضحت وهيب : أنه لابد من إنشاء مراكز لإعادة تأهيل الأطفال الضحايا الذين تم الإتجار بأعضائهم نفسيا واجتماعيا واقتصاديا لا معاقبتهم لأنهم ضحايا لا ذنب لهم وإعادة دمجهم وتوفير حياة كريمة لهم ولأسرهم ونوهت إلى ضرورة التوعية المجتمعية والتثقيفية بمخاطر هذه الظاهرة الخطيرة عبر مختلف وسائل الإعلام حتى لا تتفاقم في استقطاب ضحاياها من مختلف الأجناس والأعمار.
رأي الدين
قال تعالى: (وِلِقِدú كِرِمúنِا بِني آِدِمِ وِحِمِلúنِاهْمú في الúبِر وِالúبِحúر وِرِزِقúنِاهْمú منِ الطِيبِات وِفِضِلúنِاهْمú عِلِى كِثيرُ ممِنú خِلِقúنِا تِفúضيلا).
بهذه الآية الكريمة استهل العلامة منصور الريمي حديثه حول هذه الظاهرة يقول: إن بيع الأعضاء البشرية بيع باطل لا يجوز لأنها ليست ملكاٍ للإنسان ولم يؤذن له في بيعها شرعاٍ فكان بيعها داخلاٍ في بيع الإنسان ما لا يملكه ثم إن بيع الإنسان لأعضائه ـ فيه امتهان له وهو الذي قد كرمه الله تعالى وحرمه الدين لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا تبع ما ليس عندك”
موضحاٍ: أن ذلك يعرض الإنسان للهلاك حال بيع جزء من جسده لكون ذلك له تداعيات صحية لا يحمد عقباها .. وفي ذلك يقول المولى سبحانه وتعالى: (ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة).