وكفى بالله وكيلا وشهيدا ونصيرا
أحمد كنفاني
من السذاجة تصوِّر انتهاء هذا العدوان القذر الذي تشنَّهُ قوى الاستكبار بقيادة السعودية والإمارات ومن خلفهما أمريكا وإسرائيل وبريطانيا على أطفال اليمن والذي أبدى ويبدي فيها اليمنيون أروع مشاهد البطولة والصمود بهدنة كما جاء في “إتفاق السويد” والجولات والمفاوضات العبثية التي يقوم بها المبعوث الأممي الى اليمن مارتن غريفيث ، فهناك حقائق على الأرض والواقع تفرضها لغة الفداء والتضحيات ودم الشهداء بأنه لا بد من فرض حماية دولية للشعب اليمني وإنهاء الحصار غير الأخلاقي وغير الإنساني لأكثر من 20 مليون إنسان يمني يعيشون تحت الحصار ويكابدون بشكل يومي المجاعة والفقر والجوع وتفشي الأمراض والأوبئة ويقطنون أكبر سجن غير مسقوف في العالم، لنا أن نتذكَّر بهذا الصدد الحديث النبوي الشريف : “عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض “.
لم يكن الضمير الإنساني في زمن ما أكثر موتا منه الآن، فقد كان يوجد فيه رمق حياة أحيانا لبعض حوادث وكوارث العالم، لاسيما الحوادث البعيدة عن العالم الإسلامي، إذ كان يشجب ويندد مما يوحي للظالم الغاشم بشيء من الرهبة وإعادة حساباته أحيانا، لكنه اليوم وهو يرى المجازر الوحشية من قبل ذئاب بشرية من نوازع شتى ليس فيها ذرة من إنسانية، تدمِّر كل شيء من البشر والحجر والشجر تلذِّذا في القتل وهواية للإبادة وتسلِّيا بجماجم البشر وتلهِّيا بالاستكبار والغطرسة والفساد في الأرض، كل ذلك والعالم أجمع يشاهد ويسمع ولكنه يرى أن ذلك لا يعنيه شيئا، وهذا هو موت الضمير الإنساني حقا، إذ لو كانت فيه ذرة من حياء لتحرَّك قليلا دفاعا عن الكرامة الإنسانية التي يشترك فيها البشر قاطبة، فإن في ذلك إحياء للنوع الإنساني الذي هو مسؤولية الجميع، فما لهذا العالم لا يفعل شيئا وهو يعيش حقبة الحضارة الإنسانية الزاهية، وينظر لحقوق الإنسان والحيوان والبيئة والكائنات الحية؟!
إن الحالة الاستثنائية التي يعيشها اليمنيون بشتى المحافظات حتى تلك القابعة تحت الاحتلال، توجب على الكل أن ينهض بجد لوقف ذلكم الارتزاق والمهزلة والدمار الكبير، والفناء المستطير الذي تفعله قوى الاستكبار من الداخل والخارج بأناس أبرياء لا حول لهم ولا قوة، والذين مازال العدوان الضروس يطحنهم منذ أكثر من خمس سنوات حتى أريد الإجهاز عليهم جميعا وإخراجهم من قراهم ومنازلهم قسرا بحجة لاهية لا أساس لها ولم ينزل الله بها من سلطان تحت ذريعة الدفاع عن الشرعية المزعومة، والتي لا شرعية ولا وجود لها أصلا وما يجري الآن لليمنيين بمختلف المدن والمناطق اليمنية يعتبر عملا إجراميا مع سبق الإصرار والترصد ويخالف الشرائع السماوية والنظم والأعراف الدولية.
إن حل مشكلة اليمن لن يكون بمثل هذا الدمار والإبادة والتكبُّر والغطرسة أيها العربان من ملوك وأمراء السعودية والإمارات، أيها الحثالة الذين ازددتم تقزماً في اليمن وأصبحتم مثالا للسخرية والاستهزاء بين شعوب العالم، بل لن يكون إلا حلا سياسيا في ظل المرجعيات التي يختارها الشعب وحده في ظل قيادة ثورته ومجلسه السياسي، ومن قدَّم روحه فداء للوطن والذود عنه وعن حياضه ، كفاكم عبثا وتكبرا وتزلفا ، ألا تراعون أو تختشون من لعنة التاريخ إن لم تخافوا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، الموعود بها قتلة الأبرياء، أما كفاكم فحشا هذا التدمير، وخزيا تشتيت أكثر من عشرين مليونا من الشعب اليمني الأبي الصامد ؟!
الأرض أرضنا والديار ديارنا وأولئك إخواننا، فإذا لم يستفيقوا من غيهم أفقناهم نحن بوسائلنا وبما نمتلكه من قدرات وهبها الله لنا دون غيرنا من إيمان وحكمة وعزيمة ورباطة جأش لا تقهر ولا تعرف المستحيل .
ها هي الإرادة الدولية مفقودة ولا أقول عاجزة ، لأنها لم تفعل شيئا حتى تعجز .. فإلى متى ستظلون؟ في غيكم فقد طفح بشعبنا الكيل .. إن المسؤولية كبيرة والمساءلة عظيمة .
فمتى ستتعظوا ؟.. ردودنا في القادم ستكون أقوى وأشد “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون” .. وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا وكفى بالله عليما وكفى بالله شهيدا وكفى بالله وكيلا .