في الوقت الذي تحرص فيه الأجهزة الأمنية على القيام بواجباتها ومسؤولياتها الوطنية في الذود عن حياض الوطن ومصالحه والسهر على أمن واستقرار المجتمع وسكينته العامة مقدمة التضحيات تلو التضحيات وهي تؤدي ذلك الواجب باعتزاز ونكران ذات وإيثار واستبسال نادرين¡ تتجلى أنصع صورهما في ذلك الدور الذي تضطلع به هذه الأجهزة ومنتسبوها الأوفياء في ملاحقة عناصر التطرف والإرهاب من تنظيم القاعدة التي احترفت الإجرام والبغي والعدوان والقتل وسفك الدماء¡ ويحسب للأجهزة الأمنية اليمنية أنها التي استطاعت بنجاح تام تقويض وإفشال الكثير من مخططات هذا التنظيم الإرهابي وعدم تمكينه من الوصول إلى غاياته الدنيئة ومراميه الخبيثة¡ مثلما تحرص هذه الأجهزة الأمنية على تأدية المهام الموكلة إليها على أكمل وجه في التصدي لآفة الإرهاب وحماية الوطن والمجتمع من شرورها¡ فإن المطلوب أيضا◌ٍ من الآخرين أن يقوموا بواجباتهم كل من موقعه في هذه المواجهة¡ فالأحزاب السياسية والعلماء والوعاظ والمرشدين والمؤسسات الثقافية والتربوية والشبابية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني¡ هذه المكونات جميعها لابد لها أن تعي أننا جميعا◌ٍ في هذا الوطن أمام تحدø◌ُ خطير يستهدف وجودنا وحقنا في العيش والحياة ويتحين اللحظة التي يستطيع فيها استباحة هذا الوطن وتعميم الحرائق في أرجائه وإشاعة الفوضى في عمومه وتكريس عوامل الخراب والدمار وشريعة الغاب في ربوعه. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل قام علماؤنا الأجلاء بمهامهم في تحصين شبابنا وأبناء مجتمعنا من فكر التطرف والإرهاب وذلك عبر تبصيرهم بأمور دينهم والأسس الصحيحة لعقيدتهم الإسلامية التي تنبذ العدوان والغلو والتشدد والعنف وقتل النفس البريئة وتحث على التسامح والوئام والمحبة بين أبناء البشر¿! بكل تأكيد فإن مثل هذا التساؤل يحتاج إلى إجابة واضحة من أصحاب الفضيلة العلماء وهم من بوسعهم إبداء النصح إزاء حماية الشباب من الوقوع في براثن فكر التطرف والإرهاب¡ وهل أدت الأحزاب السياسية دورها الثقافي في هذا الجانب لما من شأنه خلق ثقافة وطنية تعزز قيم الولاء والانتماء لهذا الوطن أم أنها التي جنحت في اتجاه التنظير في الغرف المغلقة وخطاب التأزيم الذي لا هدف له سوى إثارة البلبلة وتعكير مناخات الحياة السياسية وتعطيل مسارات التنمية وتوجهات البناء وخلق حالة من الإحباط واليأس في نفوس الشباب دون وعي لعواقب هذا الشحن على هؤلاء الشباب الذين إذا ما فقدوا الأمل والتفاؤل فإنهم قد يصبحون فريسة سهلة لعناصر التطرف والإرهاب التي تجد في الشباب غير الراشدين أو الذين لم يكتمل الوعي لديهم الأدوات الملائمة لتنفيذ مخططاتها الإجرامية وأنشطتها التدميرية حيث يقوم جلاوزة الإرهاب الذين عادة ما يتخفون في أقبيتهم فيما يدفعون بأولئك الشباب من صغار السن وغير الراشدين إلى محرقة الموت وتفجير أنفسهم مقابل أن يضمنوا لهم الجنة.. والمثير والمريب أن هذا الصنف من المرابين والكهنة والمتاجرين بأرواح البسطاء الذين ينتحرون ويذبحون أنفسهم ويمزقون أشلاءهم على حافة الطرق يتمترسون في كهوفهم وجحورهم خوفا◌ٍ على حياتهم التي يحرصون على أن لا تشملها صكوك الجنة التي يوزعونها على غيرهم. والمؤسف أن العديد من الأحزاب والتنظيمات السياسية قد أسقطت عن نفسها أي واجب أو التزام تجاه مجتمعها وأجياله الصاعدة وتفرغت لأهدافها الخاصة ومصالحها الذاتية والأنانية.. ومع ذلك يبقى الأمل في أن تعود هذه الأحزاب والتنظيمات السياسية إلى رشدها وجادة الصواب مدركة أن من مصلحتنا في هذا الوطن أن نحصن شبابنا ومجتمعنا من فكر الإرهاب باعتباره عدونا جميعا◌ٍ¡ مستشعرين أن هذا العدو الفاجر والمتربص لا يميز بين يمني وآخر فالكل مستهدف على حد سواء¡ ومن المنطق والعقل أن لا نترك هذا العدو الخبيث يفتك بنا وبوطننا وشبابنا لأن الضرر سيعم الجميع.. ولن يكون هناك رابح وخاسر بل إن الكل خاسر لا محالة.. ومن يعتقد غير ذلك إنما يكذب على نفسه!!.