حرب العملات

محمد صالح حاتم
تعد ُالحرب الاقتصادية واحدة من الحروب التي يستخدمها العدو لإخضاع وإركاع الشعوب لمخططاتهم ومشاريعهم، ومنها تدمير الاقتصاد عن طريق تدمير العملة الوطنية..
وفي اليمن، فقد استخدم تحالف العدوان الحرب الاقتصادية متزامنة مع الحرب العسكرية، وهي الورقة التي لازال يعول عليها، ويراهن عليها لتحقيق أهداف عدوانه على اليمن..
وخلال الخمس السنوات قام هذا التحالف بعدة خطوات بهدف تدمير الاقتصاد اليمني ،ومنها فرضه حصاراً اقتصادياً برياً وبحرياً وجوياً ،ومنع دخول المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وبعدها قام بنقل مهام البنك المركزي إلى عدن، وهو ما حرم ما يقارب من مليون ومائتي ألف موظف من مرتباتهم، وكان أخطر عمل قام به هذا التحالف هو عملية طباعة كميات كبيرة من العملة تقدر بأكثر من تريليون وسبعمائة مليار ريال من عدة فئات، بطريقة غير شرعية وبدون غطاء نقدي، وهذه الكمية التي تمت طباعتها تُعد ّأكثر بكثير مما تم طباعته طيلة الثلاثين سنة الماضية، والهدف من طباعة هذه الكميات هو إغراق السوق اليمنية بهذه العملات غير الشرعية، وهذا وفق خبراء اقتصاديين يعمل على تدمير العملة الوطنية وفقدانها قيمتها أمام العملات الأجنبية ومنها الدولار، وهذا هو ما جعل أسعار الدولار تصل إلى حد ينذر بالخطر، حيث وصل سعر الدولار الواحد ما يقارب من 700 ريال، وهو ما انعكس سلبا ًعلى أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية التي تجاوزت أسعارها قدرة المواطن الذي عجز عن شراء احتياجاته الضرورية من المواد الغذائية..
واليوم وفي ظل استمرار حكومة الرياض في طباعة المزيد من هذه العملة غير الشرعية وغير القانونية، فقد جاء تدخل البنك المركزي في صنعاء من خلال اتخاذه عدة إجراءات وتدابير، منها منع تداول هذه العملة بين المواطنين والتجار وشركات الصرافة واعتبار حيازتها جريمة يستحق صاحبها العقوبة، وعلى الرغم من أن ّهذه الخطوة جاءت متأخرة، ولكن ّأن تأتي متأخرة خيرٌ من أن لا تأتي، ومن هذه الإجراءات إعطاء مهلة شهر لكل من لديه عملة غير قانونية وتسليمها إلى اقرب مركز تغيير العملة ونقاط التغيير التي حددها البنك المركزي، ومنها استبدال هذه العملة بالعملة الإلكترونية، والتي تعتبر أنجح طريقة لو تم تفعيلها وفق استراتيجية مدروسة، كما يتم العمل بها في عدة دول.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يستطيع البنك المركزي في صنعاء تعويض كافة المواطنين والتجار والصرافين، وهل يملك السيولة الكافية، وكذا هل توجد مراكز تجارية ومستشفيات وصيدليات تتعامل بالعملة الإلكترونية؟!
تظل الورقة الاقتصادية رهان العدو الخاسر، رغم أن السفير الأمريكي في اليمن سابقا ًفاير ستاين خلال مشاورات الكويت هدد الوفد الوطني بأنه إذا لم يوقع على اتفاق الكويت وفق اشتراطاتهم فإن العملة اليمنية لن تساوي الحبر الذي طبعت به، هكذا تم التهديد من قبل سفير البيت الأبيض، فهذا التهديد يعني أن العدو يعمل وفق استراتيجية مدروسة وأن طباعة هذه الكميات من العملة، يعد سلاحا ًيعول عليه التحالف، ويسعى من خلاله لتدمير الاقتصاد اليمني، وقتل الشعب اليمني جوعاً، وكذا إفشال حكومة الإنقاذ في صنعاء وعندها يخرج الشعب ليطالب بضرورة رحيل حكومة الإنقاذ وانصار الله بشكل خاص، وضرورة التدخل الخارجي لإنقاذ الشعب اليمني وذلك بتسليم الاقتصاد اليمني لمنظمات ومؤسسات دولية منها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهي من تقوم بإدارة الاقتصاد اليمني، وهي من تضع الخطط والاستراتيجيات الاقتصادية ومنها تسليم كافة الموارد اليمنية لهذه المنظمات ومنها مبيعات النفط والغاز اليمني الذي يسيطر عليه تحالف العدوان ومرتزقته، وهي التي بدورها تقوم ببيع هذه الثروات وتخصيص عوائدها لدفع مرتبات الموظفين، وشراء المواد الغذائية الضرورية والأدوية والمشتقات النفطية والغاز المنزلي.
فاليوم علينا أن ننتبه لخطورة التلاعب بالعملة الوطنية وأن الحفاظ عليها واجب وطني مقدس على كل مواطن يمني حر وشريف، وأن التلاعب بها والسعي لتدميرها يعد ُجريمة عظمى ،والتدخل الخارجي في طباعة العملة غير القانونية يُعد ّانتهاكاً للسيادة الوطنية.
وعاش اليمن حراً أبياً ،والخزي والعار للخونة والعملاء.

قد يعجبك ايضا