العدوان المتعثر وسقوط الأوهام المستحيلة
ردا على «الجبير» : اليمنيون وحدهم من يمتلكون حق تحديد مستقبلهم
الثورة / خاص
يتعثر النظام السعودي في الخروج من مأزق «العدوان على اليمن» بعدما أوصلته سنوات الحرب الخمس إلى نقاط اللا عودة ، وحالت دون تحقيق الأهداف التي أعلنها مع شن الحرب في مارس 2015 ، وأبعدته عن إمكانية تحقيق أقل واحد من الأهداف تلك ، وسط الهزائم والنكبات والخسائر الكبيرة التي لحقت به ، وتوالي الانتكاسات على الصعد العسكرية المختلفة.
مع بروز أسلحة جديدة مكنت الجيش واللجان الشعبية من تدمير أهم منشآت النفط السعودية في 15 سبتمبر 2019 م ، متسببة في توقف ضخ النفط من منشآت «ابقيق» التي تنتج 50% من إجمالي النفط السعودي ، أدت إلى انكشاف صارخ للدفاعات الجوية التي راهن عليها في حماية المنشآت الحيوية ، وافتقاره إلى ما يمكّنه من درء مخاطر ارتدادات استمرار الحرب الغاشمة على اليمن ،أما على المستوى الميداني فقد جاءت عملية نصر من الله فاتحة لما توالى بعدها في جبهات الحدود ، إذ أسقطت استراتيجية «الجيوش البديلة» التي اعتمدها النظام السعودي في مواجهة الجيش واللجان الشعبية على طول الشريط الحدودي مضافة إلى قائمة التهديدات الوجودية التي تواجهه بسبب الحرب ، ناهيك عن الأثمان والكلف الباهظة التي يتحملها.
في هذا السياق استهجن ناطق حكومة الإنقاذ ضيف الله الشامي، -مساء أمس الجمعة-، التصريحات التي اطلقها وزير الشؤون الخارجية السعودي -عادل الجبير حول رؤيته للحرب ومستقبل اليمن ،وقال الشامي في معرض رده على تصريحات الجبير : «اليمنيون لم يقدِّموا التضحيات ليبقى الجبير وأمثاله يأمرون وينهون في بلدهم» ، وأضاف في تغريدة له على حسابه في تويتر :» من أدوات سخرية هذا العالم، كائناً يدعى الجبير». يحاول الجبير جبر الكسور والعظام السعودية التي فتتها أبطال اليمن طيلة خمس سنوات محاولا إبراز انه لا زال وأسياده من سيتحكمون في مستقبل اليمن».
من جانبه ، قال عضو الوفد الوطني عبد الملك العجري إنه من المثير للاستفزاز عندما تتحدث بعض الأطراف الخارجية عن قبولها بدور لأنصار الله في المستقبل السياسي لليمن وكأنها هبة ومكرمة وهو ما لا يمكن القبول به. وأكد عضو الوفد الوطني في تعليقه على تصريح لوزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير حول التهدئة ودور اليمنيين في مستقبل اليمن، أن على هؤلاء أن يفهموا أن اليمنيين وحدهم من يملكون حق تحديد مستقبلهم وأدوارهم.
وأضاف العجري في تصريح لـ (سبأ)» لم يخطئ الجبير بحق أنصار الله وحدهم بل بحق كل القوى السياسية واليمنيين عندما يقول أن كل اليمنيين لهم دور في المستقبل بهذه اللغة الاستعلائية وكأنه هو من يحدد الأدوار في اليمن وكرما أعطى اليمنيين دورا من بين هذه الأدوار وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، قال خلال مشاركته في مؤتمر “الحوار المتوسطي” في روما، أمس الجمعة، إن الحلّ الوحيد في اليمن سياسيّ وأن لكل اليمنيين بمن فيهم الحوثيون دورا في مستقبل اليمن” على حد زعمه.
مخارج الحرب أزمات مملكة العدوان أيضا!
يعيش النظام السعودي حالا بائسا ومثقلا بالهزائم والخسائر المريرة ، والحال هذا ناتج عن تورمات الوهم المستفحل لدى قادته ومسؤوليه وهم يكابدون مشقة «الإنفاق على الحرب وكُلَف ارتداداتها»، وفي المقلب الآخر يفقد الأوراق والذرائع السياسية والإعلامية التي استخدمها في سياق حربه العدوانية على اليمن ، وعلى اعتبارات عدة تتعلق بالسلام العادل الذي يعني :أن تُصان الأعراض ، وتُحفظ الكرامات ، وتُحمى الحقوق من التعدي والانتهاك ، يكون السلام هو المعادل الموضوعي للقوة التي تحمي منظومة تلك القيم أو ما تسمى بالضروريات الخمس ، وعليه فإن السلام الذي يكون انعكاسا للقوة الذاتية يكون محميا بها ، وقد عكست مبادرة السلام التي أطلقها الرئيس المشاط ليلة «21 سبتمبر» والتي أعلنها في خطابه عشية العيد الخامس للثورة ؛ في جوهرها وفي مضمونها تجسيد لاستراتيجية اليمن الثابتة تجاه السلام العادل ، وقد تضمنت بنودها بدايات حقيقية وجادة لمسار السلام متوازيا مع تطوير متصاعد في مسار التصنيع العسكري وبناء القدرات التي ستحمي الجميع من طيش القوة الغاشمة.
كل الخيارات التي تبدو مخارج للنظام السعودي من مأزق العدوان هي أزمات حقيقية تلاحقه ، ولذا لم يجد قادته من طريقة للنجاة من تداعيات العدوان على اليمن إلا سيل الأكاذيب والادعاءات التي يتم تسويقها ومنها ما صرح به عادل الجبير ، وبمعزل عن إطلاقه 130 أسيرا من الجيش واللجان الشعبية فإنه لم يقدم حتى الآن أي خطوة تثبت جديته في السلام ، فيما تؤكد المعلومات استمراره في تحشيد أعداد المرتزقة إلى الحدود يوميا ، تحشيد يتوازى مع استخدامه لكل أدوات الصراع وتجنيدها لأهدافه العدوانية ، ساعيا من خلالها إلى الاستيلاء على أهم المواقع والمناطق ومصادر النفط والموانئ والجزر ، لكن ما يدفعه إلى البحث عن مخارج لورطته ومن مأزقه في العدوان على اليمن هو الخوف من أثمان إضافية سيدفعها جراء استمرار العدوان ، ومن نصف هزيمة أخرى مضافة إلى نصفها الأول بضربة ابقيق ونصر من الله ، فإن الإعلان الرسمي بإيقاف العدوان ورفع الحصار مخرج وحيد يضمن توقف الحرب ، ويضمن للسعودية وللمنطقة الأمن والسلام.
وأخيرا فإن ما يَشغل تحالف العدوان واصطفاف الخيانة والعملاء ليس المرور من عدمه إلى تحقيق الأهداف التي لن تتحقق رغم تَواضعها نزولاً على سلالم الوهم والخيانة ، وإنما ما يَشغلها هو كيف تَحتوي أو تَمتص التداعيات والنتائج والارتدادات ، وكيف يحتمي المجرمون من تبعات جرائمهم ، وكيف تتوقف الارتدادات القسرية الآتية عليهم حتما!.