الثورة/ اسماء البزاز
أوضح مراقبون وسياسيون أن ذكرى الثلاثين من نوفمبر 1967م تعيد إلى الواجهة سفرا من نضال اليمنيين وتبعث روح الثورة وتحيي قيم الحرية والكرامة ودروساً عدة.
وأشاروا إلى أن احياء هذه الذكرى المجيدة والاحتفالات بعيد الجلاء وانتزاع الاستقلال الوطني من الاحتلال البريطاني رسالة للعالم تذكرهم بأن «اليمنيين وعبر مختلف الحقب التاريخية يلفظون ويرفضون الغزاة، ومهما امتلكوا من الأسلحة الحديثة ومهما بقوا على الأرض وتواطأ معهم المرتزقة من الداخل، فإن مصيرهم الحتمي الهلاك وخروج من تبقى منهم أذلاء يحملون العار والهزيمة التاريخية».
* المحلل السياسي زيد البعوة رأى أن «الشعب اليمني خلال هذه الأيام يعيش مرحلة استثنائية جمعت بين ذكريات النضال الثوري التاريخي ضد الاحتلال والاستبداد والفساد والخيانة وبين ثورة قائمة في وجه العدوان الأمريكي السعودي الذي يعمل منذ خمس سنوات على احتلال اليمن ارضاً وانساناً ولأن الشعب اليمني يحتفل كل عام بذكرى الاستقلال من الاحتلال البريطاني والتخلص من الحكم الإمامي الاستبدادي في شهر سبتمبر وشهر اكتوبر وشهر نوفمبر وفي مثل هذه الظروف في ظل العدوان والحصار يحتفل ايضاً فهو بذلك يؤكد ثباته على المضي قدماً في انتزاع الحرية والاستقلال».
ثورة مستمرة
وقال: ثورة مستمرة ضد الاحتلال والاستبداد والفساد يعيشها الشعب اليمني ثورة تلو اخرى لا تختلف من حيث الزمان والمكان عن الأهداف والمبادئ إلا في بعض الأمور من ذكرى ثورة ضد الاستبداد الى ذكرى ثورة ضد الفساد والخيانة الى ذكرى ثورة ضد الاحتلال، ليس هذا فحسب حيث لم يعد الأمر مجرد ذكرى ثورة مضت وانتهت بل ثورة مستمرة لم تنته بعد لأن الشعب اليمني الثائر لا يزال يشق طريقه نحو المجد والحرية والاستقلال».
وأضاف البعوة: إنه وعلى الرغم من الظروف الحالية التي يمر بها اليمن نتيجة العدوان والحصار الأمريكي السعودي والأطماع الاستعمارية التي تهدف إلى احتلال اليمن منذ خمس سنوات إلا ان الشعب اليمني يتمتع بروح الحرية والاستقلال والعزة والكرامة ويضحي من اجل هذه المبادئ العظيمة ويبذل ما بوسعه في سبيل ان يبقى اليمن حراً مستقلاً، كما أن صمود الشعب اليمني واصراره على التصدي للمعتدين وصبره على تحمل المشاق في سبيل الله والوطن والشعب والقضايا المحقة والعادلة كل هذا يدل على ان الشعب اليمني لا يمكن ان يقبل بالاحتلال والهيمنة الخارجية مهما كانت التحديات .
دروس وعبر
البعوة نوه إلى دروس وعبر عدة تبرز شاخصة في ذكرى الثلاثين من نوفمبر وقال: من أهم الدروس والعبر التي يجب ان يأخذها الشعب اليمني خلال هذه المرحلة من الثورات الماضية، العزيمة والإرادة والاستمرار في النهج الثوري التحرري كيفما كانت الظروف لأن مبدأ الاستقلال ليس مجرد ذكريات بل هو قضية ومطلب لا بد من تحقيقه، ومقارعة المحتل الجديد والاصرار على دحره وطرده من كل شبر من ارض اليمن مطلب شعبي تبذل من اجله الدماء كل يوم ولن يتوقف حتى يعلن الشعب اليمني الانتصار والاستقلال التام كما حصل في السابق في الثلاثين من نوفمبر عندما تم طرد آخر جندي بريطاني من الجنوب.
حقائق متجددة
الكاتب السياسي أحمد الصنعاني ملتقى الكتاب اليمنيين أوضح من جانبه أن ذكرى الثلاثين من نوفمبر تجسد حقائق متجددة، وقال: عبر مختلف الحقب التاريخية، تؤكد الأرض اليمنية ومن سكنَها من الأجداد، أنها تلفظ وترفض الغزاة مهما امتلكوا من الأسلحة الحديثة ومهما بقوا على الأرض وتواطأ معهم المرتزقة من الداخل، فإن مصيرهم الحتمي الهلاك وخروج من تبقى منهم أذلاء يحملون معهم دروساً يمانية قاسية من الأرض والإنسان عنوانها أن الشعب اليمني لا يقبل الغزاة وأن أرضه مقبرة لهم.
حقيقة أخرى ابرزها الصنعاني قائلا: والشعب اليمني اليوم يحيي ذكرى الاستقلال المجيد لجنوبه، علينا أن نعرف أن الاحتلال لا يستطيع النفاذ إلى بقعة جغرافية معينة من الوطن حتى لو كانت شبرا، إلا من خلال استغلال حالة التفرق والخلافات البينية، وهو ذات النهج والسياسة البريطانية التي اتبعتها أثناء احتلالها لجنوب اليمن قبل 30 نوفمبر 1967م، حيث كانت تتّبع سياسة «فرّق تسد» وتشظى الجنوب بفعل هذه السياسة إلى عشرات الإمارات والسلطنات حينها.
وأضاف: هذا هو ما يسعى له غزاة وأعداء اليوم في الجنوب وبالعودة إلى النضالات اليمانية الناجعة عبر التاريخ ومنها معركة طرد المحتل البريطاني، كان يكتب لها النجاح النوعي لأنها كانت نضالات وحدوية تتمسك بالهوية اليمانية الجامعة وتتخطى محاولات التقسيم والفرز التي يروج لها الغزاة، وهذه كلمة السر إذا ما عاد بعض المرتزقة في المناطق الجنوبية لرشدهم.
الصنعاني ختم حديثه بالتنويه إلى حقيقة ثالثة تجسدها ذكرى الثلاثين من نوفمبر وقال: إن ما يروج له اليوم تحت اسم «الجنوب العربي» هو عبارة عن مشروع سابق أقامته بريطانيا لضرب نضال أبطال الجنوب الاحرار، وهو مشروع يتنكر لتاريخ أبناء الجنوب اليمني قبل أن يتنكر للهوية اليمنية الجامعة، ويستند على الأحقاد والتغذية الخارجية لا على حقائق التاريخ والجغرافيا.
مؤامرة كبيرة
الناشط والكاتب فؤاد الصياد شدد على أهمية «إدراك الجميع ان المؤامرة كبيرة على بلادنا وأن اعداءها يراهنون في كيفية زرع التفرقة والكراهية بين أبناء هذا الشعب الواحد»، وقال: من منطلق هذا المفهوم اتمنى من كل وسائل الاعلام ومنابر المساجد والجهات المختصة ان تولي هذا الجانب اهتماما أكبر لأن المحتل البريطاني لم يكن ليبقى محتلا لجنوب الوطن لولا انه آنذاك اتبع سياسية فرق تسد، ولكن ابطالنا الثوار لم يمهلوه فنفذوا ثورة مسلحة لمقاومته حتى طردوا آخر جندي بريطاني يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م.
وأضاف: وبالرغم من ذلك إلا انه مازال اعداؤنا حتى هذه اللحظة يخططون لتقسيم وتجزئة بلادنا بإثارة واستغلال نقاط الضعف في تعصبنا السياسي والفكري والمناطقي، ولا بد من مواجهة هذا المخطط الخبيث بالمزيد من الوعي ونشر قيم الحب والتسامح وترسيخ فكرة التعايش فيما بين ابناء اليمن من أقصاه الى اقصاه حتى يتحقق الامن والسلام والازدهار والعيش الكريم لكل أبناء هذا الشعب .
مسيرة نضال
الإعلامي أحمد داوود شدد على أهمية كبرى لذكرى الثلاثين من نوفمبر، وقال: ليوم الثلاثين من نوفمبر أهمية كبيرة في قلوب اليمنيين، حيث يحتفلون كل عام بهذه المناسبة وهم يتذكرون سيرة الأبطال وتضحية الشهداء الذين تقاطروا من كل مناطق اليمن لطرد الاحتلال البريطاني من جنوب اليمن وتحديداً من محافظة عدن والتي ظلت تحت سيطرة الاحتلال البريطاني 128 عاما حتى توجت ثورة 14 أكتوبر 1963م بانتزاع الاستقلال الوطني ودحر قوات الاحتلال البريطاني من جنوب اليمن في الثلاثين من نوفمبر 1967م وانهاء وصايته واستحواذه على موقع ومقدرات اليمن.
عودة الاحتلال وأدواته
وأضاف: لكن بعد مرور 56 عاماً يحتفل اليمنيون بهذه المناسبة وجنوب اليمن حبيس احتلال آخر، يحمل المخططات البريطانية ذاتها، بل ويفوقها في الإجرام والبشاعة، احتلال سعودي إماراتي في الظاهر، أما في الباطن فإنه احتلال أمريكي بريطاني، واليوم كذلك تتكرر وجوه الارتزاق والخيانة، فخونة اليوم الذين يتساهلون مع الاحتلال السعودي والإماراتي لجنوب البلاد يتشابهون مع خونة الأمس الذين سمحوا وسهلوا للاحتلال البريطاني البقاء لفترات طويلة، مستفيداً من ثروات وخيرات البلاد، والتاريخ يعلمنا أن اليمن لم يتمكن من طرد الاحتلال البريطاني إلا بعد أن تنامت الأصوات المطالبة بالاستقلال وتنامى الحس القومي لدى الشعب اليمني، وازدادت وتيرة المقاومة كجبهة التحرير والجبهة القومية، وتمت مهاجمة معاقل القوات البريطانية وقتل المندوب السامي البريطاني في عدن حتى اضطرت بريطانيا للانسحاب.
درس كبير
من هنا شدد داوود على ضرورة استلهام الدرس الأكبر للاحتلال البريطاني وانتزاع الاستقلال منه، وقال : نحن على يقين أن الاحتلال السعودي الإماراتي لن يطرد من عدن إلا إذا توفرت العوامل السابقة لدى أبناء المحافظات الجنوبية، وامتلكوا زمام المبادرة في مواجهة الاحتلال الحقيقي لمدنهم ومناطقهم المحتلة، لكن للأسف الشديد لا يزال الكثيرون هناك ينظرون إلى الاحتلال الجديد على أنه «المنقذ لهم» وأنه سيصنع لهم المجد الكبير، متناسين المآسي التي تصب على رؤوسهم والسجون التي تمتهن فيها كرامتهم وخيرات بلادهم التي تصب إلى الخزينة السعودية الإماراتية البريطانية الأمريكية دون أن يكون لهم سوى الفقر والعوز نصيبا.
وأضاف : بالتأكيد سيأتي ذلك اليوم الذي نحتفل فيه جميعاً بتحرير اليمن من هيمنة المحتلين، ونحن نسير في الطريق الصحيح، ففي شمال اليمن جيش عظيم هم أبطال الجيش واللجان الشعبية يخوضون غمار مواجهة شرسة عنوانها الكبير «الاستقلالية أولاً» ورفض أي هيمنة للاحتلال وانتقاص السيادة، وسنرى النور يشرق قريباً في كل ربوع اليمن وقد تحقق النصر الكبير على أعداء الوطن المتمثلين بقوى تحالف العدوان بقيادة السعودية ومرتزقته في الداخل.