الثورة نت../
عقدت دائرة التوجيه المعنوي اليوم بصنعاء مؤتمرا صحفيا كشفت فيه تفاصيل هامة عن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.
وأشارت دائرة التوجيه المعنوي في تقرير حول الجريمة، تلاه نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي للشؤون الإعلامية العميد عبدالله بن عامر، إلى أهم الضالعين في جريمة الاغتيال ودور الأجهزة المخابراتية الأمريكية والسعودية التي خططت ومولت وأشرفت على عملية الاغتيال بصورة مباشرة.
واستعرض التقرير التدخل السافر للنظام السعودي في التحكم بالقرار اليمني من خلال ملحقها العسكري في سفارتها بصنعاء العقيد صالح الهديان الذي أصبح يدير المؤسسات الحكومية في اليمن ويعين فيها من يشاء.
ولفت نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي إلى أن كشف هذه التفاصيل جاء إستجابة للمطالبات المستمرة بالكشف عن ملابسات جريمة إغتيال الرئيس إبراهيم محمد الحمدي في 11 أكتوبر 1977م بصنعاء وهي الجريمة التي لم يُحقق فيها ولم تُتخذ أية إجراءات لكشف ملابساتها.
وأشار التقرير إلى أنه وبعد العثور على وثيقة مهمة تشير إلى أسماء الضالعين بالجريمة قامت دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة بالبحث عن المزيد من الأدلة والوثائق والمعلومات والشهادات حول جريمة الإغتيال من الأسباب إلى التفاصيل وحتى النتائج والتداعيات.
حيث جرت عملية الجمع والبحث بشكل غير معلن نظراً لحساسية القضية، وتم العثور على وثائق والحصول على معلومات وتوثيق شهادات عن تلك المرحلة وتحديداً جريمة الإغتيال من الأسباب إلى التفاصيل والنتائج والتداعيات بما في ذلك معرفة الأطراف الضالعة بالجريمة.
وذكر التقرير أنه جرى التأكد من صحة أبرز الوثائق بالطرق المتبعة وكذا ربط ما ورد فيها من معلومات بالشهادات والإفادات والمعلومات منها ما نشر ومنها ما لم ينشر .. لافتا إلى أن ذكر أسماء للضالعين في الجريمة لا ينفي مشاركة أسماء أخرى كان لها دور في الجريمة سواء في مرحلة التخطيط أو التنفيذ أو التغطية على الجريمة.
واعتبرت دائرة التوجيه المعنوي، هذا التقرير هو الأول الذي يصدر عن الجريمة منذ إرتكابها نظراً لأن الضالعون الرئيسيون هم من تولوا السلطة طوال العقود الماضية، واستمرار الوصاية والهيمنة السعودية، وإجراءات القتلة وممارساتهم ومن خلفهم السعودية ضد كل من يحاول الإقتراب من هذه القضية لدرجة أن البعض تعرض للإخفاء القسري والإغتيال على خلفية الحديث عن بعض تفاصيل الجريمة.
ولفت التقرير إلى أن أحد الوثائق، تشير إلى مدى خشية النظام السعودي من تبعات هذه الجريمة وتداعياتها لدرجة حرصه على تصعيد أحد الضالعين الرئيسيين في الجريمة وفي مباشرة القتل لرئاسة الدولة اليمنية من أجل حماية بقية القتلة وتنفيذ الأجندة السعودية في اليمن.
وذكر التقرير أنه تم الحصول على معلومات تتعلق بخطة الحمدي وسالمين للوحدة ودمج القوات المسلحة وباب المندب وتفاصيل الصراع مع العدو الإسرائيلي في تلك الفترة، ما يؤكد عدم استبعاد دور لأجهزة المخابرات الأجنبية في الإنقلاب الدموي الذي شهدته صنعاء يوم 11 أكتوبر 1977م.
وأكد أن من ضمن ما تم التوصل إليه ومن عدة مصادر موثوقة، أن عملية الإغتيال وثقت بالصور وضلوع النظام السعودي في الجريمة من التخطيط إلى الإشراف على التنفيذ وحتى التغطية على الجريمة فيما وردت عبارة “تأليف سعودي بالتعاون مع المخابرات الأمريكية” في واحدة من الوثائق عن عملية الإغتيال.
وتطرق التقرير إلى النتائج التي تم التوصل إليها بموجب الشهادات والوثائق والمعلومات، والتي تؤكد أن ما حدث في صنعاء في 11 أكتوبر 1977م ليس مجرد عملية إغتيال لرئيس الدولة بل إنقلاب دموي مكتمل الأركان.
حيث تم إغتيال رئيس مجلس القيادة القائد العام للقوات المسلحة إبراهيم محمد الحمدي، وإستهداف قيادات عسكرية بالإغتيال والتصفية كالمقدم عبدالله الحمدي قائد قوات العمالقة أو بالإخفاء القسري كالرائد علي قناف زهرة قائد اللواء السابع مدرع، وتنفيذ حملات إعتقالات طالت عشرات الضباط من ألوية ووحدات عسكرية عدة، والإنتشار العسكري والسيطرة على المقرات الرئيسية للدولة كمقر القيادة العامة للقوات المسلحة والإذاعة وقطع خطوط الاتصالات على بعض المقرات والمنازل، منع إتخاذ أية إجراءات تحقيق بعد إرتكاب الجريمة.
ولفت التقرير إلى أنه تم تشويه صورة الرئيس الحمدي أمام الشعب والعالم من خلال نشر قصص مفبركة عن تفاصيل الجريمة وأسبابها .. مبينا أن سلطة الإنقلاب التي استمرت في الحكم لعدة عقود من الزمن عملت على إتلاف وإخفاء وطمس كل الأدلة والمعلومات المتعلقة بالجريمة بالإضافة إلى إتلاف الوثائق والشهادات والأدلة المتعلقة بالجريمة لدى الأجهزة المختصة بالشطر الجنوبي أو بما كان يسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
ووفقا للتقرير فإن من ضمن النتائج التي تم التوصل إليها ضلوع النظام السعودي في المؤامرة الإنقلابية الدموية وكذلك قيادات عسكرية يمنية، حيث تمثل الدور السعودي في إستقطاب قيادات عسكرية وأمنية ومدنية يمنية، وإستخدام الأدوات العميلة في تنفيذ مخطط الإغتيال وتحت إشراف مباشر من الملحق العسكري السعودي بصنعاء، وشراء صمت القيادات العسكرية والأمنية غير المشاركة بشكل مباشر في الإنقلاب الدموي.
كما تضمن الدور السعودي، الترتيب لعملية التنفيذ مع قيادات يمنية، والحضور المباشر والمشاركة الفعلية في التنفيذ وإدارة ما يشبه غرفة عمليات قبل وأثناء وبعد الجريمة وسيناريوهات التنفيذ، بما يضمن تصفية الرئيس إبراهيم الحمدي وشقيقه، والإشراف المباشر والمشاركة الفعلية في عملية الإغتيال.
وأشار التقرير إلى أن من أبرز الضالعين في الجريمة من القيادات السعودية علي بن مسلم مسؤول الملف اليمني في الديوان الملكي، وأن الدور الأبرز كان للملحق العسكري السعودي بصنعاء صالح الهديان برتبة عقيد.
وبحسب التقرير فإن الذين حضروا لحظة تصفية وإغتيال الرئيس الحمدي من السعوديين أربعة الأول الملحق العسكري صالح الهديان وثلاثة عناصر من الإستخبارات السعودية، كانوا قد وصلوا إلى مطار صنعاء ليلة إرتكاب الجريمة وغادروا بعدها فورا .. مؤكدا أن صالح الهديان أشرف بنفسه على إغتيال الرئيس الحمدي من خلال الحضور الفعلي في مسرح الجريمة.
وبين التقرير أن الدور السعودي امتد إلى ما بعد إرتكاب الجريمة كتوزيع الأموال وشراء ذمم القادة والمسئولين والمشائخ وكذلك التحكم بالقرار اليمني وإخفاء تفاصيل الجريمة ومحاولة تشوية صورة الرئيس الحمدي وتاريخه وإنجازاته.
وذكر التقرير أن أبرز القادة العسكريين الضالعين بجريمة الإغتيال، نائب القائد العام ورئيس هيئة الأركان وقتها المقدم أحمد الغشمي وكذلك قائد لواء تعز الرائد علي عبدالله صالح .. مبينا أن الملحق العسكري السعودي بصنعاء العقيد صالح الهديان والمقدم أحمد الغشمي والرائد علي عبدالله صالح وردت اسمائهم في واحدة من أهم الوثائق التي تؤكد ضلوعهم في الجريمة.
وأشار التقرير إلى أن هناك أسماء أخرى كان لها دور في الإنقلاب الدموي غير أن الأسماء المذكورة تولت قيادة ذلك الإنقلاب وكان لها الدور الرئيسي فيه.
ولفت التقرير إلى أنه من خلال تتبع مسار العلاقة بين الأطراف المشاركة بالجريمة بعد ارتكابها تبين محاولات سعودية لإلصاق الجريمة بالأطراف اليمنية، ومحاولة كل من السعوديين وعلي عبدالله صالح إلصاق الجريمة بطرف واحد وهو الرئيس أحمد حسين الغشمي، وفبركة قصص مختلفة عن تفاصيل الجريمة والضالعين بإرتكابها ومحو وإتلاف أي دليل يكشف حقيقة ما جرى ومن ضمن ذلك الوعد بتقديم أموال لأسرة الفتاتين الفرنسيتين للتوقف عن المطالبة بكشف ملابسات الجريمة.
وقال” استخدمت السعودية القضية كورقة ضغط وتهديد على الأطراف المنفذة للجريمة لتظل تلك الأطراف تحت السيطرة السعودية “.. مبينا أنه تبادل الإتهامات بشأن الوقوف خلف الجريمة والمشاركة في إرتكابها وتحديداً بين النظام السعودي وعلي عبدالله صالح، حيث اتهم الأخير الملحق العسكري السعودي بالإشراف على إغتيال الرئيس الحمدي لترد السعودية بعد ذلك في واحدة من أبرز وسائلها الإعلامية بإتهام صالح بقتل الحمدي.
واستعرض التقرير تفاصيل شهادة أحد شهود العيان على جريمة الإغتيال.
وأشار التقرير إلى أن الحاضرين لحظة الإغتيال هم الملحق العسكري السعودي صالح الهديان والمقدم أحمد الغشمي والرائد علي عبدالله صالح ومحمود مانع ومحمد حزام وثلاثة أفراد سعوديين مجهولي الهوية، فيما المباشرون للقتل علي عبدالله صالح ومحمود مانع وصالح الهديان.
وبين أن المشاركين الثانويين في الجريمة مرافقين وعاملين لدى رئيس هيئة الأركان وقتها منهم مدير مكتبه وسائقه، ومرافقون لدى قائد لواء تعز وضباط ووزراء كان لهم مهام مختلفة منهم من شارك في التخطيط ومنهم من شارك في التغطية.
وتطرق التقرير إلى الدور السعودي في الجريمة وتحديداً من مرحلة التخطيط إلى ما بعد التنفيذ، حيث حاول النظام السعودي التخلص من الحمدي من خلال محاولة تجنيد أحد القتلة من جنسية فلسطينية عن طريق وزير الخارجية وقتها الموالي للسعودية عبدالله الأصنج بحسب ما تذكره أحد الوثائق التي تتضمن تفاصيل لقاء مسؤول فلسطيني كبير مع ولي العهد السعودي آنذاك فهد بن عبدالعزيز، وكذا تحريض القبائل ودفعها لإقتحام صنعاء وإشعال حرب أهلية، وتجنيد قناصة محترفين لقتل الحمدي.
وأكد التقرير أن الأوامر السعودية قضت بإغتيال الحمدي والتخلص منه قبل زيارته إلى عدن ولهذا وضع القتلة عدة سيناريوهات لتنفيذ المهمة منها مآدبة الغداء وكذلك قصف منزل الحمدي أو إسقاط الطائرة أثناء إقلاعها أو أثناء تحليقها أو أثناء هبوطها في مطار عدن.
وفيما يتعلق بأسباب إرتكاب الجريمة وتنفيذ الإنقلاب الدموي، أوضح التقرير أن العلاقة بين الحمدي والنظام السعودي شهدت حالة فتور ثم تطورت إلى خلاف وتوتر على الكثير من الملفات والقضايا أبرزها التدخل السعودي في اليمن، ورغبة الحمدي في تعزيز قوة اليمن وكذا تذمره من حجم التدخل السعودي في شؤون الشطر الشمالي وقته، ووقوفه أمام محاولات السعودية لإشعال الحرب بين الشطرين.
وبين التقرير أن من ضمن الأسباب ملف الحدود، حيث أبدت السعودية إنزعاجها مما قيل أن الطلاب اليمنيين يدرسون أن جيزان وعسير ونجران مناطق يمنية، بالإضافة إلى أن الحمدي حاول عدم فتح ملف الحدود في وقت كانت السعودية تريد تثبيت الوضع الحدودي، إضافة إلى أن اليمن لم يكن قوياً لدرجة فتح مثل هذا الملف حتى يضمن إستعادة حقه.
وبحسب التقرير فإن من ضمن الأسباب أن الحمدي حرض القبائل في المناطق الحدودية على إطلاق النار على المروحيات العسكرية السعودية التي كانت تقوم بتجاوز الخط الحدودي ومواجهة أي تقدم عسكري سعودي، وتوجه الحمدي نحو إستكشاف النفط والخروج عن الهمينة السعودية، إضافة إلى ملف له علاقة بالكيان الصهيوني وهو ملف باب المندب والبحر الأحمر.
وفيما يتعلق بأسماء القيادات السعودية الضالعة بالجريمة بحسب المنصب في تلك الفترة، أوضح التقرير أن الأسماء تضم، الثلاثة السعوديون الذين شهدوا الجريمة والملحق العسكري السعودي بصنعاء العقيد صالح الهديان والمستشار في الديوان الملكي علي بن مسلم والأمير سلطان بن عبدالعزيز مسؤول الملف اليمني بشكل كامل وولي العهد فهد بن عبدالعزيز الذي كان يدير الكثير من الملفات في المملكة أثناء فترة ولايته للعهد والملك خالد بن عبدالعزيز بإعتباره المسؤول الأول.
وفيما يتعلق بالمؤسسات السعودية الضالعة بالجريمة، أشار إليها التقرير بأنها” السفارة السعودية بصنعاء والإستخبارات السعودية والديوان الملكي”.
وخلص التقرير إلى أن الرائد علي عبدالله صالح هو المنفذ الرئيسي لجريمة إغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي وكذلك شقيقه عبدالله الحمدي، وأن النظام السعودي يقف خلف جريمة الإغتيال من خلال التمويل والتخطيط والإشراف على التنفيذ.
وأكد أن جريمة إغتيال الرئيس الحمدي لا تسقط بالتقادم كون هذه الجريمة أدت إلى نتائج كارثية وتداعيات خطيرة لا يزال اليمن يعاني منها حتى اللحظة.
وأشارت دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة، إلى أن ما ورد في التقرير يستند إلى الشهادات والوثائق وعلى كل من يمتلك أي دليل مادي يتناقض مع ما ورد، فالدائرة تضمن له حق الرد أو يمكن أن يقدمها إلى الجهات المختصة كالقضاء.
كما أكدت أن قضية إغتيال الحمدي لم تكن يوماً قضية تتعلق بأسرته أو أقربائه، بل قضية تتعلق بالشعب والوطن ولهذا فقد تم التعامل معها من منظور وطني وأخلاقي وإنساني.
سبأ