يرى متابعون بأن القرار الذي اصدرته الإدارة الأميركية والمتضمن جزئيا◌ٍ قطع المساعدات على مصر يعتبر شهاد براءة للنظام القائم بأنه غير منصاع للتوجهات والتعليمات الغربية في الوقت نفسه يعتبر دعما◌ٍ غير مباشر لجماعة الاخوان المسلمين وفي كلتا الحالتين الهدف من ذلك القرار تعميق الانقسام داخل المشهد السياسي المصري والخلاف الحاصل بين الأطراف السياسية في مصر.
لا سيما القوى الدولية دائما◌ٍ ما كانت تراهن على تفكيك الجيش المصري وذلك أمر لم تكن الجماعة تدركه بشكل واضح حتى أن السياسة الأميركية أخذت تتراوح في رؤيتها للأحداث من معايير مزدوجة فجزء من الساسة أو المسؤولين الأميركيين مع استمرار الاحتجاجات الشعبية معتبرين أن محمد مرسي رئيس شرعي وجاء من إرادة الصناديق وجزء آخر لهم موقف مضاد ويؤيدون النظام القائم ويرون أنه شرعي ويقود معركة ضد الإرهاب.
وفي الحالتين يكون الهدف هو مصر المستهدفة الحقيقية في تلك المراوحة القائمة على المعايير المزدوجة التي تتخذها إدارة البيت الأبيض ليأتي قرارها الأخير تأكيدا◌ٍ واضحا◌ٍ على أنها غير متحكمة بإدارة الشؤون المصرية فلو كانت كذلك لما لجأت إلى قطع المعونات التي تعتبر من ضمن ملحقات سابقة لمعاهدة رعتها واشنطن بين مصر والكيان الصهيوني.
وبالتالي لجوؤها إلى قطع المساعدات كما أشرنا دليل فشل تظهر من خلاله الولايات المتحدة أنها مع الاحتجاجات وهي بالحقيقة والواقع لا تريد إلا فرض إملاءات سياسية على القاهرة وقد سبق وأن كانت لعبة المساعدات أوراق ضغط سياسية استخدمت ضد مصر على غرار رفض البنك والصندوق الدوليين تمويل بناء مشروع السد العالي مشترطا◌ٍ شروطا◌ٍ سياسية مجحفة على مصر رفضتها القاهرة مما أدى إلى العدوان الثلاثي عام 1956م.
حيث كانت الاشكاليات تعليق بناء السد العالي وما حدث قبل وبعد واثناء ذلك من تأميم قناة السويس من قبل جمال عبدالناصر لان مصر دولة لايستهان بها في الشرق الاوسط مؤثرة في مجريات الاحداث لكن السياسة الدولية تريدها إمعة ومطية غير متوازنة وليس ذلك فحسب بل تريد تلك السياسة اخضاع القاهرة لاملاءاتها المختلفة بدليل قطع المساعدات مع ان مصر بجيشها وشعبها وتأريخها حضارة بكل ما تعني الكلمة من معنى ودلالة وكان ومازال وسيظل الجيش الوطني المصري هو المستهدف لانه جيش متماسك واستطاع في ظروف صعبة ومعقدة ان يلعب مع القوى الدولية دونما السماح بتسليم اوراقه الداخلية.
وهو ما يكشف ان حفريات القوى الغربية تجاه مصر تستهدف وحدتها الوطنية وان قرار قطع المعونات بحثا◌ٍ عن توسيع رقعة الاستياء الشعبي لتعميق الاحتقانات المضادة لعمل ربكة داخل ذلك البلد.
ومما لا شك فيه ان مصر لديها امكانيات ومقومات تجعلها غنية عن المساعدات الخارجية اذا ما توزانت جديدا◌ٍ وحررت القرار السياسي الوطني المصري من كافة التأثيرات الاجنبية ليكون قرارا◌ٍ وطنيا◌ٍ بحجم ومكانة مصر الكبيرة.
Prev Post
