البيت الابيض والكونجرس.. معركة حاسمة وفرص الحل تضيق اكثر

> تتركز انظار العالم على الولايات المتحدة التي تعاني وضعا حرجا للغاية يتمثل في شلل الدولة الغير المسبوق في تاريخ اكبر دوله في العالم وبحسب المعطيات فإن يوم الحساب يقترب من الحسم حيثْ امام الرئيس باراك اوباما واعضاء الكونجرس آخر فرصة للتوصل إلى تسوية حول الميزانية لتبدد مخاطر تعثر اميركا في سداد مستحقاتها لاول مرة في تاريخها.
وحاول الجمهوريون والديموقراطيون المختلفون حول مالية البلاد وتوجهها منذ اكثر من اسبوعين بث بعض التفاؤل خلال نهاية اسبوع شهدت محادثات متواصلة لم تفض إلى حل.
وحذرت الخزانة الأميركية من انه مع حلول اليوم الخميس وفي حال لم يصوت الكونجرس بحلول هذا التاريخ على قانون يرفع سقف الدين لن يعود بوسعها الاقتراض وقد لا تتمكن عندها من الايفاء بجميع مدفوعاتها.
وتظهر بوادر القلق في الاسواق منذ الاثنين مع اقتراب هذا الموعد الحاسم.
ويتوقف مصير الدولار عملة الاحتياط في العالم ومصير سندات الخزينة التي تعتبر الاستثمار الاكثر امانا في العالم على المحادثات التي تجري منذ السبت بين الجمهوريين والديمقراطيين ولكن بدون أن تحرز نتيجة حتى الآن.
والجميع مدرك أن تعثرا في السداد سيكون بمثابة كارثة على الولايات المتحدة د غير أن الجمهوريين مصممون على اغتنام هذا الاستحقاق الملح لانتزاع اصلاحات في الميزانية وتحديدا في نظام التقاعد وبرامج الضمان الصحي لما فوق الخامسة والستين من العمر والاكثر فقرا ومنها برنامجا ميديكير وميديكايد والتي تستهلك 43% من الميزانية الفدرالية.
ويرفض اوباما التفاوض تحت ضغط “مسدس مصوب اليه” متهما خصومه باللامسؤولية.
ويعتبر ْالجمهوريون من جانبهم أن استراتيجية مماثلة هي التي ارغمت على سبيل المثال بيل كلينتون على الموافقة على تسويات مالية.
كما أن اوباما نفسه اضطر في اغسطس 2011م إلى القبول بجدولة اقتطاعات سنوية في الميزانية حتى العام 2021م.
ويبدي زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد الذي اختاره حزبه ليترأس المفاوضات من جانبهم تفاؤلاٍ ملحوظا حول فرص التوصل إلى نتيجة ايجابية بحلول يوم الاحد وذلك عقب إجراء مناقشات جوهرية في المجلس
ويحاول اعضاء الكونجرس ايجاد حل لمشكلتين في آن وهما رفع سقف الدين واقرار قانون ميزانية يغطي نفقات الوكالات الفدرالية المعطلة منذ الاول من اكتوبر الحالي بسبب خلافات في وجهات النظر بين الجمهوريين والديموقراطيين.
وانتقلت المبادرة إلى مجلس الشيوخ بعدما ابدى اعضاء جمهوريون فيه استياءهم من تعثر الحوار بين زملائهم في مجلس النواب الذين عجزوا عن التوصل إلى اتفاق مع اوباما الاسبوع الماضي.
وسيترتب على مجلس النواب الاميركي في مطلق الاحوال الموافقة على أي تسوية يتوصل اليها مجلس الشيوخ.
وسقف الدين هو “خط ائتمان” اقصى يمنحه الكونجرس منذ 1917م للسلطة التنفيذية التي لا يمكنها في أي من الاحوال تخطيه.
غير أن الدولة الفدرالية تواجه عجزا بلغ 3,9% من اجمالي الناتج الداخلي عام 2013م وهي مضطرة إلى مواصلة الاقتراض لتجديد دينها وتمويل نفقاتها سواء لدفع استحقاقات سندات الخزينة أو معاشات التقاعد.
ولا يعرف بالتحديد متى لا يعود بوسع الخزانة تامين كل مدفوعاتها غير أن هذا قد يحصل في أي وقت بعد انقضاء استحقاق 17 اكتوبر وقدر مكتب الميزانية في الكونجرس أن يحصل بين 22 و31 اكتوبر.
وفي حالة تعثر ولو جزئيا اول اقتصاد في العالم سيولد فوضى دولية يصعب التكهن بعواقبها ويراقب المسؤولون بقلق في العالم باسره من الصين إلى أوروبا اختبار القوة الجاري في الولايات المتحدة.
وحذر صندوق النقد الدولي بأن العواقب ستتخطى ما نتج عن الازمة المالية عام 2008م.
كما انذرت الخزانة الأميركية من انه مع حلول اليوم الخميس وفي حال لم يصوت الكونجرس بحلول هذا الاستحقاق على قانون يرفع سقف الدين لن يعود بوسعها الاقتراض وقد لا تتمكن عندها من الايفاء بجميع مدفوعاتها.
ووفقٍا لمركز السياسات الحزبية وهو مركز للأبحاث بواشنطن إن العجز عن السداد سيحدث في اليوم الأول الذي تعجز فيه الحكومة عن سداد أي فاتورة في موعدها.
ويمكن أن يحدث ذلك في أي وقت في الفترة من يوم 22 أكتوبر إلى الأول من نوفمبر لكن يمكن أن يحدث أيضٍا اليوم الخميس على أقرب تقدير وفقٍا للخبير في شؤن الدين نيل بوشانان وهو أستاذ قانون في جامعة جورج واشنطن.
وطبقا للخزانة فإن حصيلة الضرائب ستستمر في التدفق إلى خزائن الدولة على أساس يومي بشكل لا يمكن التنبؤ به. ويمكن أن تساعد تلك الحصيلة في سداد 12 مليار دولار مستحقة يوم 23 من الشهر الجاري إلى أصحاب معاشات التأمين الاجتماعي و6 مليارات دولار يوم 31 من الشهر ذاته لسداد قيمة فوائد لحاملي السندات العامة وما إجماليه 5 مليارات دولار في شكل تكاليف للرعاية الصحية للفقراء وأجور اتحادية بين هذين التاريخين.
وفي اليوم الأول من نوفمبر يستحق موعد تسديد فاتورة بقيمة إجمالية تبلغ 61 مليار دولار كلها في يوم واحد لأصحاب المعاشات ورعايتهم الصحية والموظفين الدائمين في الجيش وإعانات المتقاعدين وقدامى العسكريين وفقا لتوقعات المركز.
وأدت التوقعات بحدوث عجز عن السداد إلى اضطراب في النظام المالي المحلي والدولي وتهدد بإضعاف ما يصفه مسؤولون أميركيون “الإيمان والثقة في الولايات المتحدة” وهي السمعة العالمية للسندات التي يصدرها أكبر اقتصاد في العالم باعتبارها ملاذا آمنا.
وترتفع أسعار الفائدة بالفعل على السندات الأميركية بشكل مفاجئ خلال الأيام القليلة الماضية بسبب حالة عدم اليقين. ويحذر الرئيس الأميركي باراك أوباما من أن العجز عن السداد سيجتاح أسواق الائتمان ويرفع أسعار الفائدة في كل مكان على الرهون العقارية وقروض الطلبة وإقراض الشركات.
ويخشى من أن يؤدي ذلك إلى حدوث ركود عالمي أسوأ من الانهيار المالي الأميركي عام 2008م ويهدد التعافي الاقتصادي الهش منذ ذلك الحين.

قد يعجبك ايضا