غزة/وكالات
دخل اتفاق وقف العدوان الإسرائيلي على غزّة حيّز التنفيذ الاتفاق الذي جاء بعد 4 ساعات من مجزرة إسرائيلية بشعة راح ضحيتها 6 شهداء من عائلة واحدة في دير البلح، يأتي أيضاً بعد إطلاق مئات الصواريخ الفلسطينية على المستوطنات في غلاف غزّة من جهة، وعلى تل أبيب من ناحية أخرى.
ما نجحت فيه السلطات الإسرائيلية خلال هذا العدوان هو التعتيم الإعلامي وفرض القبضة الحديدة على خسائرها الفادحة، ولكن ما فشلت به هو أكبر بكثير، في المقابل أظهرت المقاومة الفلسطينية نموذجاً فريداً في وحدة الصفّ، فقد اعتبر المحلل والمؤرخ الإسرائيلي “غال بيرغر”، أن “إسرائيل” وقعت في خطيئة كبيرة بعد استهداف قائد سرايا القدس في غزة بهاء أبو العطا، مشيراً إلى أن خطيئة “إسرائيل” هذه المرة أنها حددت هدفاً واحداً في المواجهة الدائرة، وهو الجهاد الإسلامي، وهذه الخطيئة استثمرتها حماس لتفعل ما تريد من خلف هذا الستار.
وأضاف “الآن الجميع يقوم بضربنا باسم الجهاد الاسلامي، إنهم يتفقون علينا ونتنياهو هو السبب”.
لم ينجح الكيان الإسرائيلي في كسر قواعد الاشتباك، والسير بنهج الاغتيالات ضد قيادات المقاومة، لا يقتصر الفشل الإسرائيلي، أي نجاح المقاومة على هذا الأمر، وهنا نشير إلى التالي:
أوّلاً: تأتي الهدنة بعد نجاح المقاومة في التصدّي للعدوان وكسر هيبة نتنياهو الطامح لأي إنجاز عسكري، فالاتفاق على أساس تلك الشروط التي اشترطها الجهاد نيابة عن المقاومة والتي تمثّلت في وقف سياسة الاغتيالات وحماية المتظاهرين في مسيرات العودة الكبرى والبدء عملياً في تنفيذ إجراءات كسر الحصار، وفق الجهاد الإسلامي.
ثانياً: بدا أن هناك تنسيقاً كبيراً بين فصائل المقاومة، وقد حاول الكيان الإسرائيلي اللعب على هذا الوتر، لكنّه فشل.
حاول الكيان الإسرائيلي أن يُظهر بأن مشكلته اليوم مع الجهاد الإسلامي، وليس حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية، لكن غرفة العمليات المشتركة أثبتت العكس تماماً.
حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أكّدت مجدداً أن “المقاومة الفلسطينية لن تتراجع عن دورها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وكسر الحصار الذي يفرضه على الشعب الفلسطيني”، فقد قال الناطق باسم الحركة، حازم قاسم: إن “غزة ومقاومتها ستبقى عصية على الانكسار وستفرض إرادتها على المحتل في كل مرة وستنتزع حقها بالعيش بحرية وكرامة، وستكسر الحصار عن نفسها”، مشدّداً على أن الالتفاف الشعبي حول المقاومة يشكل الدرع الحامي والسند والظهير لهذه المقاومة وهي تواجه الاحتلال، معرباً عن قناعته بأن “الأداء الموحّد للمقاومة في مواجهة العدوان على غزة يؤكد مرة أخرى أن وحدتنا في الميدان هي أحد عوامل صمود شعبنا وانتصار مقاومته”، هذا التنسيق دفع بأفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، لاتهام حركة حماس بعملية إطلاق صواريخ من قطاع غزة باتجاه وسط فلسطين المحتلّة.
ثالثاً: فرضت الرقابة الإسرائيلية رقابة فولاذية على الخسائر الإسرائيلية، وهو السبب الحقيقي وراء عدم إعلان الكيان الإسرائيلي عن خسائره، لكن صواريخ المقاومة التي نزلت ناراً وشناراً على سكان الكيان المحتل وفاقت الـ450 تؤكد أن غزّة مقابل تل أبيب، فقد ولى الزمن الذي يبقى فيه سكان غزة في منازلهم، ويعيش فيه سكان تل أبيب في رخاء.
عضو الكنيست “عوفر شيلح” علّق على ما حدث بالقول: الجهاد الإسلامي حققت صورة الانتصار عندما قصفت “تل أبيب”، وشلت حركتها لمدة ثلاثة أيام، وجعلتنا كالرهائن بالمدينة.
رابعاً: مرّة جديدة، تكشف منظومة القبّة الحديدة الإسرائيلية فشلها أمام صواريخ المقاومة. نعم، نجحت هذه القبّة في اعتراض بعض الصواريخ، لكنها في الحقيقة فشلت في حماية سماء فلسطين المحتلّة من صليات المقاومة. ويأتي هذا الفشل بعد جميع التجارب السابقة التي أجراها الكيان الإسرائيلي لتحسين مستوى هذه المنظومة، وجعلها متعددة للسطوح، فضلاً عن الزج بمنظومات أمريكية أيضاً.
في الختام، نجحت المقاومة الفلسطينية في إدارة المعركة سياسياً وعسكرياً بحكمة عالية سمحت لها بفرض شروطها على الكيان الإسرائيلي، نتنياهو فشل في عملية الاستثمار السياسي، لاسيّما أن صواريخ المقاومة أظهرت براعة قتالية كبيرة شلّت مناحي الحياة في الكيان.
مرّة جديدة تثبت المقاومة وحدتها، ليس على الصعيد السياسي والعسكرية فحسب، بل في فرض معادلات الردع، ما شاهدناه في غزة خلال العدوان الأخيرة هو “تكامل جهادي” بأبهى أشكاله.