عندما كنت أسمع عبارة “فلانة مطلقة” كنت ألوكها وأرددها مع القائلين دون أن أحيط بمعناها, وأسأل نفسي –نافية◌ٍ ومستنكرة- كيف ولماذا¿
حتى مرت على ناظري تلك المقولة منذ أيام قلائل, شاهدت خلالها صورة تعيسة, محزنة ومخيفة لملامح تلك المطلقة التي اتخذت من إحدى زوايا المكان البعيد عنها, القريب إليها, ملاذا◌ٍ للفرار من أعين الناس..
توقفت قدماي حينما رأيتها منزوية بداخل ملابسها, متوجسة◌ٍ خيفة◌ٍ من نظرات قاتلة هي من تداعيات الأقدار..
بينما هي كذلك كانت هنالك زهرتان في ربيع العمر تجلسان بجانبها وأيديهما تمتدان لتمسكا بجلبابها وعيناهما يسلطان أنظارهما نحوها.. تلك النظرات المليئة بالخوف والقلق والتوتر والمنبعث من ظاهرها فرحة ناقصة, تهمهمان بصوت منخفض لأمøöهما, تلك الإنسانة التي كن ينتظرن عودتها مليا◌ٍ, وبين حين وآخر كانت أماني الشوق تكبر معهما, غير أن الوالد وضع على أعينهن نظارة سوداء, سعيا◌ٍ منه وراء الستر ورغبة في إخفاء صورة الطفولة الأولى وحتى لا تتكرر على مسامعه كلمات قد تزعجه مستقبلا◌ٍ..
ترى من الضحية إزاء تلك المشاهد المروعة, التي تدعو للتساؤل والحيرة¿ ما الذنب الذي اقترفته هاتان الزهرتان لتحرما فجأة ودون سابق إنذار مما يتمتع به غيرهما¿ حرمان يشوه تلك الابتسامة البريئة لذلك الجسم المنهك.. ولماذا¿ ولماذا¿
والحق أننا كأفراد في المجتمع بحاجة إلى فهم الحياة أكثر, وعدم تجاهل النتائج التي كنا أحد أسبابها, وإلى أن نشعر بنتائج تلك المشكلة, كان لا بد من إيجاد حلول سريعة لمثل هذه الأحوال المتفاقمة يوما◌ٍ بعد يوم..
كان لا بد من التوقف قليلا◌ٍ لتشي إلينا تلك الصور من حياة الأبناء سلوكا◌ٍ مغايرا◌ٍ لما نسعى إليه, ولتضع أمامنا حقيقة المشاعر التي نخفيها في أعماقنا ولا نفصح عن إشهارها لاعتبار ذلك السابق عيبا◌ٍ يثلم شخصياتنا ويقلل هيبة الفرد فينا..
كيف نستطيع رؤية ملامح الألم والفقدان بعيون أطفالنا دون أن نحرك ساكنا◌ٍ¿
وهل نحن نمتلك قلوبا◌ٍ أم صخورا◌ٍ¿
مشهد تمنيت أن لا أراه, وأن لا أعيش لحظاته, هكذا تنطوي المشاعر وتتلعثم مفردات العتاب وتسكت الأنفاس المتوقدة..
لقد كانت زيارة الأم المطلقة لبناتها وه◌ْنø في الطريق إلى المجهول كوقع قطرات المطر للأرض العطشى, التي بحاجة ماسة لري أعماقها الجافة..
هل ننتظر من الزمن حل هذه المشكلات وتكبد متاعب علاجها¿
Prev Post
قد يعجبك ايضا