الدفع السعودي المستمر.. والحماية الامريكية المفقودة
إسماعيل المحاقري
لا يمكن للسعودية أن تستغني عن الحماية الأمريكية في أي حال من الأحوال وتحت أي ظرف من الظروف، تلك حقيقة لا يختلف عليها اثنان، في المقابل لا غنى لواشنطن عن أدواتها الخليجيين وثروات بلدانهم لتحقيق مصالحها وخوض حروبها في المنطقة.
بعد ستة عشر عامًا، عادت الولايات المتحدة من حيث خرجت لبناء قواتها العسكرية في قاعدة الأمير سلطان الجوية جنوب الرياض لمواجهة ما أسمتها وزارة الحرب الأمريكية التهديدات والمخاطر الناشئة.
التوتر في المنطقة و”فوبيا إيران” ليس المبرر الوحيد لحشد البيت الأبيض طائرات مقاتلة إلى القاعدة السعودية وصواريخ باتريوت بعيدة المدى من المتوقع أن تعمل خلال الأسبوعين المقبلين بحسب شبكة NBC News التي أشارت إلى وجود المئات من الجنود الأمريكيين يستعدون لأي عملية واسعة النطاق بمجرد وصول أسراب جوية كاملة، فالضربات الباليستية وهجمات الطائرات المسيرة التي تخترق الأجواء السعودية بشكل شبه يومي لضرب المنشآت الحيوية والاستراتيجية في عدة قطاعات بالمملكة أسباب رئيسية دفعت سلمان بن عبدالعزيز للاستنجاد بقوات أمريكية لحفظ ماء وجه بلاده وتلافي السقوط المخزي في اليمن.
الخطوة وإن عبرت عن حرص البيت الأبيض على استنقاذ أدواته وإعادة تموضع انتشار قواته للابقاء على النفوذ وحفظ مصالح أمريكا الاستراتيجية إلا أنها بالنسبة للنظام السعودي خطوة مهينة ليس لأنها تثبت فشل القوات السعودية في حماية حدودها وصد هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية رغم ما تمتلكه من ترسانة أسلحة دفاعية متطورة وباهظة الثمن وحسب، بل لأن من شأن ذلك أن يفتح شهية ترامب لاستدرار أموال المملكة ويترك الباب مفتوحًا على مصراعيه أمامه لكيل سيل من الإهانات لسلمان بن عبدالعزيز بمناسبة أو بدون لإجباره على الدفع مقابل الحماية.
وقال ترامب أمام تجمع انتخابي في مدينة مسيسبي، في أكتوبر الماضي: “نحن نحمي السعودية، ستقولون إنهم أغنياء، وأنا أحب الملك سلمان، لكني قلت: أيها الملك- نحن نحميك- ربما لن تتمكن من البقاء أسبوعين من دوننا- عليك أن تدفع!”.
ووفق “مجلة نيوزويك” فإن إعادة انتشار القوات الأمريكية في السعودية والتي جاءت بعد طلب سعودي وفق البنتاجون بدأت الشهر الماضي لكنها ستتسارع في الأسابيع المقبلة في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، ما يشير الى أن النظام السعودي في عجلة من أمره مبديًا استعداده دفع تكاليف هذا التواجد وتحسين القاعدة الجوية لاستيعاب الجيش الأمريكي لرفع ما أسموه مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها، وضمان السِّلم فيها.
ولأن السعودية أصبحت ساحة حرب مفتوحة، ومكشوفة أمام القدرات اليمنية استبقت الولايات المتحدة ارسال جنودها بتنصيب الدفاعات الجوية على امتداد الجهات المؤدية الى القاعدة الجوية وهو أمر يحمل واشنطن تبعات الفشل والإخفاق في قادم الأيام وبغض النظر عن حجم التواجد الأمريكي في القاعدة السعودية فذلك حتمًا لن يوفر الحماية للنظام السعودي الذي سيضطر فقط لدفع الأموال لترامب دون أي مقابل.
وتمركزت القوات الأمريكية في قاعدة الأمير سلطان الجوية في عام 1991م أثناء حرب الخليج وبقيت هناك لمراقبة “منطقة حظر الطيران” فوق العراق، قبل أن تعود إليها مرة أخرى في عام 1996م بعد تفجيرات برج الخبر التي أسفرت عن مقتل تسعة عشر فردًا من الجنود الأمريكيين وجرح مئات آخرين، وبقيت هناك حتى عام 2003م.