من يهدد الأمن القومي السعودي؟
محمد الوجيه
السعودية على أزماتها الداخلية والخارجية ومعاناة الشعب من بطالة وفقر وإسكان وضرائب متتالية وتقييد للحريات واعتقال للناشطين والناشطات وكل من يعارض رؤية ولي العهد محمد بن سلمان فضلاً عن المستقبل المجهول وخصوصاً بعد استدانة السعودية من البنوك الدولية 11 مليار دولار لأول مرة في تاريخها، يجري الحديث وبكثرة عن الأمن القومي السعودي عبر وسائل الإعلام السعودية المختلفة، بل ان محمد بن سلمان يتحدث عن ذلك مرارا وتكرارا في محاولة منه لتبرير جرائمه الوحشية إما بحق اليمن واليمنيين او بحق الناشطين والناشطات الذين يتم اعتقالهم في السعودية، وكذلك تحالفه مع الكيان الصهيوني، وباعتبار محمد بن سلمان وزير الدفاع فقد رفع من ميزانية الدفاع في العام 2018 لتحتل السعودية المرتبة الخامسة عالمياً بـ 58 مليار دولار والتي تجاوزت ميزانية دفاع فرنسا.
تسوّق السعودية لتعّرض أمنها القومي للخطر وخوفها من الجار اليمن الذي لم يكن في يوم من الأيام شكّل او يشكل تهديداً للسعودية بعكس الأخيرة التي شكلت تهديداً حقيقياً لليمن وقامت باحتلال محافظات جيزان ونجران وعسير في ثلاثينيات القرن الماضي ثم اعتدائها المباشر وتدخلها العسكري في حروب صعدة التي شنها النظام السابق وصولا لعدوانها المباشر من خلال ما يسمى بالتحالف العربي (عاصفة الحزم) التي تقوده السعودية ضد الشعب اليمني ونحن اليوم نقف على عتبات العام الخامس من العدوان والحصار الذي خلف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين بالإضافة للتدمير الشامل والممنهج للبنية التحتية اليمنية وللمراكز الأثرية والحضارية التي يمتد عمرها لآلاف السنين.
في الحقيقة ان من يشكل التهديد الحقيقي للسعودية ويعرض امنها القومي للخطر هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي في المقام الأول شن عدوان مباشر على اليمن وفرض الحصار البري والبحري والجوي مما جعل من اليمن ان يدافع عن نفسه بأبنائه وقدراتهم التي تتطور يوما بعد آخر وباعتراف العدو قبل الصديق، لقد تحول اليمن من موقف المدافع الى الهجوم وإضافة للانتصارات التي يحققها ابطال الجيش اليمني واللجان الشعبية في كافة الجبهات الداخلية والخارجية وخصوصا على الحدود منها فقد تم تطوير القوة الصاروخية وصناعة الطيران المسيّر وبدلاً من عودة اليمن للحضن السعودي كما كان يراد له ان يكون اعترف بن سلمان بهزيمته واصبح يبحث عن الحل السياسي الذي يحفظ له ماء وجهه الملطخ بالدماء والمتوسم بالعار.
ثانياً: بعد الاعتقالات التعسفية لكثير من السعوديين ومنعهم من حقوقهم وتعرضهم للتعذيب جلدا وضرباً وصعقاً بالكهرباء بل وصل الأمر لحد التحرش بالناشطات واغتصابهن تتهم النيابة العامة السعودية المعتقلين بأنهم من المهددين للأمن القومي السعودي فتحيلهم إلى محكمة الإرهاب والمعتقلون هم من أبرز الناشطين الحقوقيين في مجال حقوق الإنسان وأبرز الكتّاب وأبرز الناشطين المطالبين بحقوق المرأة وأبرز المدونين هؤلاء حرموا من الحقوق المفترضة إعطاؤها للمعتقل كعدم إصدار مذكرات توقيف بحقهم وعدم تنصيب محام للدفاع عنهم وعدم إجراء التحقيق إلا بعد مرور أكثر من عشرة شهور وبالتالي يتساءل الكثير هل حقاً يصدق معنى الإرهاب على هؤلاء الناشطين؟ وهل يصح التعامل مع الناشطين السلميين بهذه القسوة والشدة؟
ثالثاً: ان التحالف السعودي الصهيوني لهو التهديد الأبرز للأمن القومي السعودي فالعلاقات السعودية الإسرائيلية تحولت من مرحلة التطبيع الى مرحلة التحالف وهذا ما صرح به رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو عندما قال ان إيران تشكل عدواً مشتركاً لإسرائيل والسعودية، إضافة الى ان محمد بن سلمان اليوم يحاول جاهداً تمرير صفقة القرن التي تعترف بإسرائيل وعاصمتها القدس.
وسائل الإعلام العبرية احتفت بكلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال لقائه مع ممثلين عن منظمات يهودية في نيويورك، فقد كشفت وسائل إعلام عبرية عن انتقاد علني «شديد اللهجة» من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للفلسطينيين، معلق الشؤون السياسية في القناة العاشرة العبرية، باراك رابيد، قال إن هذه الدولة «ليست أي دولة عربية.. إنها السعودية» متحدثاً ان ابن سلمان قال كلاماً رائعاً ومما قاله: خلال الأربعين عاماً الماضية فوتت القيادة الفلسطينية مرةً تلو الأخرى الفرص ورفضت أي اقتراح قُدم لها»، وتابع «ابن سلمان قال إن الوقت حان ليوافق الفلسطينيون على الاقتراحات وأن يوافقوا على الحضور إلى طاولة المفاوضات أو فليخرسوا ويتوقفوا عن الشكوى»
ومما قاله ولي العهد السعودي إن الموضوع الفلسطيني ليس على رأس أولويات الحكومة السعودية ولا الرأي العام السعودي، مؤكداً أن هناك مواضيع أكثر إلحاحاً وأهم للمعاجلة وفي رأس قائمة هذه المواضيع إيران.
وختم حديثه للقناة العاشرة العبرية بالقول إن مصدراً شارك في اللقاء قال «إن من تواجد في الغرفة كان مصدوماً من هذا الكلام، وبشكل حرفي الناس سقطت عن الكراسي».
إذاً .. لا اليمن ولا إيران ولا الناشطين والناشطات من يهدد الأمن القومي السعودي، محمد بن سلمان هو الخطر الحقيقي على السعودية فقد بدأ حربه مع العائلة المالكة وعلى المواطن في مملكة بني سعود ودول الجوار ثم يستقوي بنتنياهو وترمب وهم من سيقودونه الى الهلاك.