الشهيد الخيواني فارس الكلمة وعدو التوريث

 

عبدالفتاح علي البنوس
تحدث في الممنوع في الوقت الذي كان الحديث عنه أو الخوض فيه من المحظورات التي تجلب على صاحبها صنوف الإذلال والتعذيب والقمع والاعتقال ، تناول مواضيع حساسة ، وتطرق إلى قضايا كان الخوض فيها محرما ، ومنها قضية التوريث ، الملف كامل الدسم الذي تبناه شهيد الغدر والخيانة ، شهيد الإعلان الدستوري ، شهيد الكلمة الصادقة والرأي الحر الصحفي المخضرم الشهيد عبدالكريم الخيواني في صحيفة الشورى ، الملف الذي فتح عليه أبواب جهنم من قبل السلطة التي كانت تتجه بخطوات متسارعة نحو توريث السلطة لنجل عفاش الذي بدأ بالتمهيد لذلك عقب تعيينه قائدا لقوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة.
كتب الشهيد الخيواني الكثير من المقالات ونشر العديد من التحليلات والتحقيقات التي تتناول قضية التوريث للسلطة في الaيمن ، وعلى إثر هذه الكتابات قامت السلطة بجرجرة الشهيد الخيواني وصحيفة الشورى لأكثر من مرة إلى محكمة الصحافة والمطبوعات ، وتعرض للاعتقال لأكثر من مرة ، وتم اختطافه وتعذيبه وتهديده بقطع أصابعه ونزع لسانه إن هو لم يلزم الصمت ويغلق ملف التوريث الذي خاض وصال وجال فيه ، وأشبعه بالتحليل والنقاش والتحقيق والنشر ، لأنه كان يرى في ذلك تهديدا للدولة المدنية الحديثة التي كان ينشدها ، وكان رحمه الله يعتبر التوريث العدو اللدود للديمقراطية ومبدأ التداول السلمي للسلطة ، لذلك ظل متشبثا بمبادئه ، ولم يكترث للتهديدات التي كان يتلقاها ، ولم يلتفت للإغراءات التي قدمتها السلطة له لتغيير مواقفه والارتماء في أحضانها ، ولذلك فاز عن جدارة واستحقاق بالجائزة الخاصة بصحافة حقوق الإنسان المعرضة للخطر والتي منحتها إياه منظمة العفو الدولية للصحفيين المعرضين للخطر في العام 2008م ، وفي مايو من العام 2014م عينته منظمة بعثة السلام والعلاقات الدبلوماسية للمجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية سفيرا للنوايا الحسنة والعلاقات الدبلوماسية تقديرا لجهوده واسهاماته في المجالات الإنسانية ، كأول يمني يتم منحه هذا المنصب الفخري .
ومع قيام ثورة الـ21من سبتمبر والتي كان الشهيد الخيواني أبرز قياداتها وأكثر النخب الإعلامية والصحفية تفاعلا معها وتحمسا لها ، وما زلت أتذكر اللحظات الفارقة في تاريخ اليمن والتي أعلن خلالها الشهيد الخيواني من دار الرئاسة الإعلان الدستوري الذي أنهى حالة الفراغ التي أعقبت قيام الثورة بصوته الجهوري الذي لا يزال صداه يخفق في أذني حتى اليوم ، وهو الحضور اللافت الذي أنا على ثقة تامة بأنه السبب الذي دفع بأعداء الحياة إلى الذهاب لتصفيته في مثل هذا اليوم 18مارس من العام 2015م أثناء خروجه من منزله ليسقط شهيدا ، حيث نزل الخبر على الوسط السياسي والإعلامي كالصاعقة وخيم الحزن على الجميع ، وفي تلكم اللحظة أدركت بأن هناك مخططا خبيثا لنشر الفوضى في البلاد للتشويش على الثوار والإساءة إلى الثورة التي أطاحت بأذناب السعودية وخدامها وأذرعها في الداخل اليمني ، وطهرت اليمن من مافيا الفساد والنهب والفيد والاستغلال ، وبعد يومين من استشهاد الخيواني صحونا على فاجعة جديدة تمثلت في تفجيرات مسجدي بدر والحشحوش أثناء صلاة الجمعة ، وماهي إلا أربعة أيام حتى شنت السعودية عدوانها الغادر ، حينها أدركت بأن الجريمتين المروعتين كانتا مقدمة لهذا العدوان القذر وبضوء أخضر أمريكي .
بالمختصر المفيد، ونحن نحيي اليوم ذكرى استشهاد فارس الكلمة الصادقة ، وصاحب القلم الوطني والرأي الحر ، عدو توريث السلطة الأول في اليمن الأستاذ الشهيد عبدالكريم الخيواني، لا يسعنا إلا أن نسأل من الله العلي القدير بأن يرحمه رحمة الأبرار ، وأن يسكنه مساكن الأخيار ، وينزله منازل الشهداء في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، وأن يكتب للبلاد والعباد الرفعة والعزة والكرامة التي كان ينشدها الشهيد في ظل دولة مدنية حديثة لطالما حلم بها وسعى من أجل الوصول إليها ، وأن يرينا في آل سعود وآل نهيان ومن تحالف معهم من العرب والعجم وقطيع المرتزقة عجائب قدرته ، ويكتب لنا النصر المؤزر عليهم بحوله وطوله وقوته وتأييده وجبروته .
الرحمة والخلود للشهيد الخيواني ولكل الشهداء العظماء ، الشفاء للجرحى ، الخلاص والحرية للأسرى ، والخزي والعار والذل والمهانة للغزاة المحتلين والمرتزقة المنافقين وللقتلة المجرمين ولا نامت أعين الجبناء .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا