التطبيع العلني .. من الشك إلى اليقين

محمد أحمد المؤيد

في مؤتمر وارسو حصلنا على نقطة مهمة أرشدتنا إلى حقيقة التطبيع الحقيقي من قبل العملاء العرب مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين العربية، ونقلتنا هذه الحقيقة نقلة نوعية من الشك إلى اليقين , وهي نقطة سوداء تضاف إلى سجل العالم العربي المخزي , كونها قد جمعت عدة دول عربية في مؤتمر يحضر فيه رئيس حكومة الصهاينة , وهو الأمر الذي بمجرد ارتضائهم بالدخول في مؤتمر يضم إلى جانبهم عدواً غاشماً يجثم على أرض عربية , فهذا بحد ذاته جريمة لا تغتفر , كونها قد قبلت بالعدو الحقيقي ” رئيس وفد إسرائيل ” ليجلس معها على طاولة وأحده ويتبادلون الحديث معه والابتسامات والترحيبات , وهذا يعد صفعة قاسية ومؤلمة في حق القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الأم، ناهيك عن محاولتهم حرف مسار الخطورة في منطقة الشرق الأوسط عبر صرف النظر من خطر إسرائيل الحقيقي والواضح منذ عقود من الزمن وتسليط الضوء ” المعتم طبعا ً” على خطورة إيران واليمن وحزب الله، حسب ما توصلوا إليه.
هناك مفارقات ونتائج عجيبة استنتجت من مؤتمر وارسو , وخاصة تلك الصورة التي توسط فيها خالد غير اليماني موفد الأمريكان وموفد الصهاينة , ولو دققنا في المغازي الحقيقية لهذه الصورة , لوجدنا أنها وضَّحت الكثير من الغموض في معركة التحرر التي يقودها السيد / عبدالملك الحوثي تجاه أذناب اليهود من تحالف العدوان السعوأمريكي , وفعلاً هذه الصورة تحديداً قد شخصت الوضع الذي هم عليه -الأمريكان والصهاينة وعملاؤهم – وكيف أن الخوف والقلق من أنصار الله والصرخة التي يطلقونها بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل قد سيطر عليهم , بدليل أن هذه الصورة لم تحصل بالصدفة , وإنما هناك من نسَّق لها وجهَّز لأحداثها وتعمَّد إظهارها ” وهذه حقيقة ” , وهذا بحد ذاته لا يدل إلا على مدى القلق والخوف من الصرخة، وإلا لما توسط غير اليماني من تطلق عليهم الصرخة من اليمن , أليست حقيقة الخوف والقلق ؟!!! هناك من المرتزقة من يفسر ويؤول حضور غير اليماني والصورة التي فضحت شرعية من أوفده تفسيراً مهيناً وقبيحاً لا يدل إلا على انبطاح وذل ومهانة لا نظير لها حتى غدا أحدهم يقول : ” هناك عدو أخطر من إسرائيل والشيطان نفسه ولذلك لا داعي للمزايدة ” وهو يقصد خطر الحوثي , أليس هذا انبطاح وذل ؟!!!.
لو قرأنا موضوع الصورة والصرخة , لوجدنا أن الصورة أكدت ضرورة الصرخة , وأننا ودفاعنا واستبسالنا وتضحياتنا طيلة الأربعة أعوام كان كل ذلك شرفاً وعزة لنا بكل ما تعني الكلمة من معنى , كيف لا ومن يقاتلوننا باسم الشرعية واستعانوا بالعالم من أجل شن الحرب علينا والاستمرار فيها يطبِّعون ويعلنون ذلك – بلا خوف أو استحياء – اليوم مع الكيان الصهيوني الغاصب , ليس هذا وحسب , لكنهم يستعينون به علينا كيمنيين أحرار , لذلك فعلى كل يمني أن يعي أنه من أعظم الشرف أن الصرخة كل يوم هي التي تكشف لنا خفايا وحقائق محجوبة عنا وصارت اليوم واضحة وجلية , فمن كان يدري أن قابوس عميل لإسرائيل , ومن كان يدري تورط الإمارات والسعودية في التطبيع مع الكيان الصهيوني , ومنذ متى كان العرب يفاخرون بمصافحة واستقبال نتينياهو والساسة الصهاينة بهذه الجرأة , والتي كانت قبل الحرب على اليمن صفراً في المئة من التطبيع العلني، إلا إحدى دول المغرب العربي لا أدري تحديداً من هي , ولكن سرعان ما ظهر ذلك التطبيع بمجرد دخولهم في مستنقع الحرب على اليمن بدعوى خطر أنصار الله والصرخة، خاصة وقد صارت –حربهم على اليمن- تلفظ أنفاسها الأخيرة منذ نصف السنة الرابعة، وإذا بهم يتسابقون كالقرود لاحتضان القرد الأكبر نتينياهو والتفاخر بالتطبيع معه، وهم بعملهم الحقير هذا وكأنهم يريدون أن يقهروا الحوثي، وهذا دليل واضح على أنهم عجزوا عن الإجهاز على أنصار الله والصرخة بعد هذه السنين من الحرب، لذلك صاروا ينتهجون أسلوب القذارات كي يغيضوا أنصار الله الذين يطلقون الصرخة التي تقول في مطلعها ” الموت لأمريكا ..الموت لإسرائيل ” , ويقولون بسفه وحقارة متناهية: ” ها نحن نطبِّع مع أمريكا وإسرائيل .. معترضين ومستنكرين ومستكبرين على صرختكم ” .. رغم أن هذا يفيد الأنصار بقدر ما يضر المنافقين والكفار، والأشكال على بعضها تقع .
..ولله عاقبة الأمور..