الاحتفال بالمولد النبوي هوية يمانية خالدة.. والبدعة والحق واضحان وضوح موالاة الصهاينة
جميل أنعم العبسي
إنها الهوية اليمانية الإيمانية الأصيلة ولاذنب لهم في إحياء المولد النبوي الشريف بهذا الشكل الكرنفالي الفريد والمغيض للأعداء، ففي الوقت الذي تنكر له أهل مكة ثلاثة عشر عاماً وحوصر ثلاثاً في شعب بني هاشم وفي الطائف حدث له ما حدث ورمي بالحجارة حتى سال الدم من رأسه، وفي ليلة الهجرة حوصر بأربعين مقاتلاً من قبائل الأعراب لسفك دمه، وبالمعجزة الإلهية هاجر ليلاً من مكة ناجياً بنفسه ودينه إلى قبائل الأوس والخزرج في يثرب، هناك خرج الأنصار عن بكرة أبيهم رجالاً ونساء وشيوخاً وأطفال لاستقباله والاحتفال به وبزامل يمني أصيل بث الرعب في قلوب الأعداء، زامل “طلع البدر علينا من ثنيات الوداع” ضاربين تحديات مواجهة أهل مكة والطائف ويهود يثرب عرض الحائط، وحدهم فقط وبدون حرب وسيف وجهاد وطوعاً وبالسلم دخلوا أفواجاً في دين محمد، فكان هناك موطن الأنصار والمهاجرين، وبثلاث سنوات تم اجتثاث اليهود من الجزيرة العربية حتى عام 1948م، وانتشرت أخلاق القرآن في كل الجزيرة العربية خلال عشر سنوات فقط وأصبحت وطناً لكل العرب والمسلمين بعد القضاء على أصل ومصدر الفتن والحروب اليهود.
إنهم أحفاد أول من احتفل برسول الرحمة للعالمين، ولاذaنب لهم، واليمن إلى تاريخ قريب، كل اليمن، يحتفل بالمولد النبوي الشريف كما يذكر التاريخ والأجداد والآباء، بل أن النظام الماركسي في الجنوب اليمني عدن كان يعتبر يوم المولد يوم عطلة رسمية، فالاحتفالات شعبية عند الأشراف والأحباء في حضرموت وعدن العيدروس ولحج وفي تعز من جبل الهتاري وقُعّهْ في الأعبوس إلى جبل حبشي والصراري يذبحون الذبائح ويقيمون ولائم العشاء ويحيون الليل حتى الصباح بالموالد وقصائد المديح في فضل رسول الرحمة للعالمين، وفي تهامة اليمن له لون ونكهة خاصة بالذبائح والأطفال بالملابس الجديدة والزيارات لقبور أولياء الله الصالحين والأطفال للألعاب والحلوى والكبار رجال ونساء بإشعال قناديل الكيروسين والشموع للأضرحة، وفي المساء تقام الموالد مع روائح العود والبخور والعطور والرياحين والمشاقر، وفي الشمال كذلك بإحراق الإطارات في قمم الجبال وأكثر، وخفت واختفت هذه الاحتفالات بغزو الوهابية والإخوان لليمن بالريال السعودي والتكفير وثورات نبش القبور، وثورة 21 سبتمبر 2014م تعيد للذكرى عنفوان قل نظيره في الوطن العربي والعالم الإسلامي.
وقالوا الاحتفال بذكرى مولد رسول الهدى بدعة وظلالة وفي النار، ونقول أجدادنا احتفلوا بوجود الرسول منذ أول احتفال وزامل يماني إسلامي خرج للعلن، زامل طلع البدر علينا، وعندها لم يقل الرسول هذا زامل حرام والاحتفال بي في النار، بل نال اليمانيون من الرسول مالم ينله أحد من الثناء والمديح، والحديث عن البدعة والتحريف والتزوير والتدليس وحتى المسائلة يجب أن تذكر صبح مساء، والحق والبدعة لا يتقابلان.
الحق يقول (لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ).. والبدعة تقول (سنبني تحالفاً إستراتيجياً مع يهود إسرائيل لمواجهة الرافضة).
الحق يقول (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، والبدعة تقول (سنتحالف مع الشيطان ضد المجوس).
الحق يقول (لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ)، والبدعة تقول (لاتتخذوا أعداء إسرائيل أولياء).
الحق يقول (يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)، وبدعة القرضاوي تقول (شكراً لأمريكا التي تقف وقفة رجولة وقفة لله مع الحرية والشعوب.. ولو كان الرسول موجودا لعقد تحالفا مع الناتو).. الناتو الصهيوني المحرم موالاته لاجتماع حلف اليهود والنصارى فيه.
الحق يقول (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ).. وبدعة إمام الحرم المكي السديس تقول (أمريكا ترامب وسلمان تقود العالم إلى الأمن والاستقرار).. وبدعة أمريكا وبن سعود تشرعان بقتل المسلمين كل المسلمين شيعة وسنة في اليمن وسوريا والعراق ومصر وليبيا بالمئات والألوف وفي المساجد والأسواق وتحت راية الموساد الصهيوني والمخابرات الأمريكية، أذلة على الكفار أشداء على المؤمنين.
الحق يقول (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا).. والبدعة تقول (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا أعداء إسرائيل).
الحق يقول (الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا)، والبدعة تقول (الفُرس أشد كفراً ونفاقاً).
الحق يقول (واللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ)، والبدعة تقول (أعداءنا أعداء إسرائيل فقط أما أعداء الله لم يحن دورهم).
الحق يقول (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ)، والبدعة تقول (ديننا ما تُدين به أمريكا واسرائيل).
الحق يقول (ولاتَعتدوا إن الله لايحب الظالمين)، وبدعة آل الشيخ تقول في خطبة يوم عرفة (نحن نقاتل اليمنيين الضالين) وحصيلة العدوان تجاوزت 40 ألف شهيد وجريح أغلبهم نساء وأطفال، والملايين من اليمنيين محاصرين في أكبر سجن جماعي عرفته البشرية.
الحق يقول (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، وبدعة السديس تقول (إن لم تكن طائفية جعلناها طائفية).
الحق يقول (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا).. وبدعة بن عبدالوهاب تقول (عذاب الجحيم من نصيب كل متمرد على الملوك).
الحق يقول (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ).. وبدعة آل الشيخ تقول (على من قاتل “إسرائيل” من صفوف حزب الله التوبة إلى الله فلا يجوز مساعدة الرافضة)!.
الحق يقول على لسان رسول الوحي لعمار بن ياسر (تقتلك الفئة الباغية).. وبدعة حلف البغي تقول (عمار خرج باغياً في بني أمية وقتله الذي أخرجه).
الحق يقول على لسان رسول الوحي (قولوا اللهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على آل إبراهيم وآل إبراهيم).. وبدعة شيوخ التكفير الوهابي تقول (لا يجوز الصلاة على آل محمد لأنها أصبحت شعاراً للشيعة).
وقالوا الاحتفال تشبه بالنصارى، وأجدادنا الأوس والخزرج أول من احتفلوا برسول الرحمة ولم ينهر أو ينهى صنيعهم، ونقول تقصير الدشداشة والزنة والقميص والبنطلون والبالطو للرجال، وطمس معالم القبور هو تشبه باليهود، والنصارى منفردين أقرب مودة للذين آمنوا، من زمن الراهب بحيرى القائل لأبو طالب احذر عليه من اليهود.. والنصراني ورقة بن نوفل.. والنصراني ملك الحبشة النجاشي حتى نصارى أنطاكية.
هذا بالقرآن الكريم وبالسنة ومن أصدق من الله ورسوله قيلاً، ومع ذلك نقول بالوطنية والقومية واليسار الأممي إن العدو للعرب والمسلمين هم أمريكا الإمبريالية وإسرائيل الصهيونية والرجعية السعودية الوهابية، ومن لا يستطيع تمييز الحق والباطل وتشابهت الألوان عليه كما تشابهت على أسلافه في سالف الزمان ألوان الأبقار، نقول له العرق دساس، نعم، العرق دساس، “عاد اليهودي داخله” كما قالها الشهيد حسن الملصي، حتى وإن صام وتقدم صفوف المصلين، تماماً كزعيم المنافقين “بن سلول”، وأكثر من ذلك فإن الضرب في الميت حرام.
إذن لا غرابة أن يقال إحياء الثقافة المحمدية والاحتفاء بمولده بدعة بل أكثر عند هؤلاء، وينبغي أن نحتفل ونغيظهم باحتفائنا بمولد من أرشدنا للحق وحذرنا من قبح أولئك المدلسين المفترين على الله تعالى ورسوله.
اليوم هناك حلفان، حلف مع الاحتفال، وحلف ضد الاحتفال، وبمرور الزمن يتموضع الضد مع العدوان تحت قيادة السعودية وبن سلمان الذي يتولى أمريكا ترامب وإسرائيل نتنياهو، والحلف الآخر مع الاحتفال أنصار الله وحلفائه والمتخندقين ضد عدوان بن سلمان وأسياده الصهاينة والأمريكان، والحلفان مختلفان بالاحتفال والعدوان، ليست صدفة، إنه صراع الحق والباطل بأم عينه.
وبرغم المجازر والجوع والتجويع.. وبرغم الفقر والإفقار والحصار والدمار، ورغماً عن الرغم، تتوافد الحشود من أقصى جبال لحج والضالع وتعز ومن أرجاء شبوة وأبين والبيضاء ومن كل قرية ووادٍ في إب وذمار وصعدة وحجة وعمران والمحويت وتنضم سهول تهامة إلى قافلة الأنصار الكبرى في عاصمة الثورة صنعاء الصمود والانتصار، ويخرج أحفاد الأوس والخزرج محتفلين بالمولد النبوي الشريف لإغاضة أحفاد اليهود الصهاينة ومن والاهم وإحياء الثقافة النبوية قيماً ومبادئ ومنهجاً واستراتيجية معادية لأعداء الله ورسوله، رافعين القبضات بالأيدي والسلاح عالياً، وبالهتاف المدوي مجددين بيعة الأنصار لرسول الله، يا رسول الله.. يا رسول الله.. فداك الروح والدم.. والأب والأم.. والأهل والولد.. إن دماءنا وأرواحنا وأولادنا ترخص لك، والله على ما نقول شهيد، ودماء شهدائنا تشهد، وجراح جرحانا تشهد، وبيوتنا المهدمة تشهد، مادام فينا دم لن نحيد أو نستكين، يمانون محمديون على العهد، وسيبقى الصوت عاليا، لبيك يا رسول الله.. لبيك يا رسول الله، لبيك يا رسول الله.