نحن و مولد الرّحمة
أشواق مهدي دومان
نعم : سنحتفل بمولد خير البشريّة في عمق وجعنا لنحيي رسول اللّه فينا قدوة و أسوة نتأسّى به ، وهو من حاصره وحاربه تحالف أعرابيهودي كما يحاصرنا و يعتدي علينا تحالف يشبه ذلك بمسميات أخرى فرضها تغيّر الزّمان ، وبطقوس مختلفة يفرضها تطوّر آلة العدوان ؛ فكما أرادوا تفريق دمّ سيّد البشريّة (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) على قبائلهم أرادوا قتلنا بل أرادوا قتل محمّد بن عبدالله فينا فهو من واجه تحالفهم قبل أربعة عشر قرنا ، وجاهد ورابط وصبر و قاتل ؛ لإعلاء كلمة اللّه و قد أعلاها .
وهم يدركون أنّهم سينحطّون للأسفل حين تعلى كلمة اللّه ؛ فإعلاؤها يعني التّحرّر من كلّ أنواع العبودية ، وكما حرّر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) البشريّة من عبوديّة الأصنام والبشر حين انتهج القرآن و استضاء به ، فها نحن -اليمانيين – نقتدي ونتأسى به كأعظم قائد بشريّ مطلقا ، قائد ما عبد سوى ربّه ، وقد حاولوا طمسه روحا و فكرا و تاريخا و نهجا حين عجزوا عن تحريف قرآنا أُوحِيَ إليه من لدن شديد القوى ، عجزوا عن تحريف القرآن حرفا و لغة و نصّا فحاولوا أن يوجدوا ندّا لكلام اللّه فلازالت نفسيّاتهم عالقة بغير اللّه فحين يحاولون إيجاد بديلا عن كتاب اللّه يعودون إليه قبل كلام اللّه باسم السّنة فهم يرتدّون عن تعاليم القرآن ، وقد عرفوا أنّهم تاهوا عنها حين جفّفوا منابعها الحقيقيّة ، واتخذوا منابع مشوّهة لفهم عقيدة وحياة محمّد رسول اللّه بعيدا عن أعرف وأفهم وأحفظ الناس لسنّته ، وهم عترته ( آل بيته)،
نعم : يحاولون إبعاده عن المشهد العقلي و الفكري والأيدلوجي والسّلوكي والعملي لأمته ؛ فلديهم عقيدة تقول : محمّد بن عبداللّه بن عبدالمطّلب قد مات وعندنا خلاف لهم؛ فعقيدتنا تقول : إنّ محمّدا لم يمت ولن يموت ، وها هو حيّ يوصينا بالتّكافل والرّحمة والتّراحم والإيثار في حصار عدوان ظالم علينا كاد أن يكمل الأربعة أعوام ، حصار خانق ، ورسول اللّه أدرى الناس به فقد حوصر مدّة الأربعة أعوام في شعب بني هاشم قبلنا ، وهو يدرك فاقتنا ؛ و لهذا نراه يقول :
– ” المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا ” ،
-” من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم جاره ” ،
” لا تحاسدوا ،لا تباغضوا ،لا تظالموا”،
وكثيرا مما قال وفعل ، وقد رأيناه كذلك ؛ ولهذا فرسول اللّه لم يمت ؛ فقضيته قضيتنا وقضيتنا قضيته .
لم يمت و هو يرابط في جبهات الشّرف مع رجال اللّه خطوة بخطوة يحرّضهم على القتال فيقولها آيات اللّه :
– “قاتلوهم يعذبهم اللّه ” ، و يقول :
-” انفروا خفافا و ثقالا”، ويقول:
-“كتب عليكم القتال “، ويقول :
– اصبروا وصابروا ورابطوا “، ويقول :
” فاضربوا فوق الأعناق ، و اضربوا منهم كلّ بنان ” ،
و يقول :” واعدوا لهم ما استطعتم من قوّة و من رباط الخيل ” ،
أفبعد حركته هذه كلّها هو ميّت ؟ !
لا والذي رفع السّماء إنّ رسول اللّه معنا ، يتحرّك بروحه وقيمه وجهاده مع رجال اللّه في كلّ الجبهات ، يحرّضهم على القتال في سبيل الله ، ويدعو لهم بأن يعزّزهم الله بحنود من السماء ، ويعدهم بالنّصر و يؤمّنهم ، ويخطو معهم حتّى في كيفيّة صلاتهم وهم في مواجهة العدو ، ويشرح لهم كيف لا يتغافلون عن أسلحتهم ، ويدعو اللّه بأن يربط على قلوبهم بالنّصر والتّمكين ، وكثيرا مما يفعله رسول اللّه في صحبة رجال اللّه أحبابه الذين يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه !!
و لهذا فنحن – الشّعب اليمني – مؤمنون بأنّ هذه الحرب الظالمة علينا ليست إلّا اختيارا لنا (كأحفاد أنصار حبيبه ) بالانتصار لقضية الحقّ ، وليست إلّا انتقاء ، ونحن نؤمن بحياة رسول اللّه بيننا عقيدة و عاليما وحركيّة ، ولهذا ماكان عدوان العالم الأرعن علينا عذابا ؛ فما كان اللّه ليعذّبنا و حبيبه فينا ،،
وهو محمّد (رسول اللّه) نفسه الذي كان في أرواح أجدادنا الذين نصروه في ساعة العسرة ، ورأوه بدرا يطلع عليهم ، فجعلوا ينشدونه أغاني عشق ، ويعزفونه نبيا رسولا مكينا مطاعا، لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؛ ولأنّه رمز الكمال البشري الذي نفتقده فهو فينا وبيننا ، ومن نسله حفيده الذي رفع وحمل رايته القرآنيّة ، من نسله السّيّد القائد / عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي لولا انتصاره لهذا الشّعب المستضعف ما احتفلنا بقدوم مولد جدّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حين غشت الوهابيّة وغطّت جوانح هذه الأمّة بزيفها وتضليلها على مدى المائة عام الماضية ،
نعم : كانت الوهّابية تخبرنا بأنّ عشق محمّد بدعة ، و إن لم يصرّحوا بها فقد بدّعوا الحفاوة بمولده الشّريف !!
فلكلّ ظالم وهابيّ تكفيريّ يؤمن ببدعة الاحتفال بمولد خير الأنام أقول :
سنحتفل بمحمّد بن عبداللّه ، وعلى مائدة حبّه سنتلو آيات عشقنا له .
فمن نحن حتى نتجاهل من احتفت به السّماوات و الأراضون ؟!
ومن نحن لنتجاهل خير ميلاد أشرق الكون به ؟!
وهو النّور في الظّلمات ،
من نحن حتّى نجرؤ و نشارك في طمس هويّته و قرآنه باسم البدعة في الحفاوة به ؟!
ويا ذوي فتاوى البدع : دعونا نضلّ و نبتدع في حبّ محمّد الذي أسماه اللّه حبيبه ، وكتب اسمه على عرشه قبل خلق السّماوات والأرض،
وسنحتفل به لا بنتنياهو ولا بترامب ،
سنحتفي بمحمّد بن عبداللّه لا بوزراء كيان غاصب ، و لا بعيد ميلاد إيفانكا .
سنحتفل بمولد خير الأنام في حفلة غير تنكريّة كما فعلتم حين تنكّرتم للإسلام و العقيدة المحمديّة الصّحيحة السّمحاء، والتي غرّبتموها و فيتموها في صحراء بداوة أرواحكم، وأقمتم الحفلات التنكّريّة تشربون فيها دماءنا ، وتأكلون لحومنا ، وأنتم أولياء أحفاد القردة والخنازير ،،
سنحتفل بمحمّد (رسول اللّه) فاحتفلوا بأعياد ميلاداتكم ، وأعياد زواجاتكم ، وأعياد كرسمساتكم ، وأعياد ملوككم .
أمّا نحن فسنحتفل برسول اللّه ليس كقصائد تعلّق على أستار الكعبة التي دنّستموها حين ألبسها ثوبها ترامب و خاط نسيجها نتنياهو .
سنحتفل بمحمّد( رسول اللّه) ونحن لم ندنّس مسجده المكّي ولا المدنيّ بزيارات من نهانا اللّه عن توليهم و هم المغضوب عليهم ، وهم من لُعِنوا على لسان الأنبياء و المرسلين حين كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه وما أبشع من منكر قتل شعب الإيمان والحكمة الذين تقتلونه كأنّكم تفاخرون بقتل روح محمّد الذي قال لكم : ” استوصوا بالأنصار خيرا ” ، فخنتم رسول اللّه ورسل اللّه جميعا حين بعتم فلسطين أرض الأنبياء، و سلّمتموها لترامب ومنه لنتنياهو ليهدم مسرى رسول اللّه كما هدمتم بيوته و بيوت أزواجه وأصحابه من قبل ..
سنحتفل برسول اللّه رغما عن أنوفكم لأنّه رمزنا وعنواننا وهويتنا التي نموت لو انسلخنا عنها ،
سنحتفل برسول اللّه لأنّه رمز لحياة العالمين ، وأيقونة الرحمة الخالدة ،
سنحتفل به احتفالا و لكن بطريقتنا ، وكما قال له ربّ العرش العظيم : ”
” يا أيّها النّبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ” .
سنحتفل بك – يارسول اللّه – احتفالا فيه تنتشي أرواحنا فرحا ، وتهزج قلوبنا ومن في الكون بأكمله سعادة ،
سنحتفل وبالمثل ستحتفل بنادق رجالنا تنكيلا بالعدوّ الأجرب ،
سنحتفل انتصارات تلو انتصارات للمستضعفين ، وكما انتصرت – يا رسول اللّه – سننتصر .