طهران/
قام موقع “نشنال اينترست” الأمريكي بنشر تقرير سلّط فيه الضوء على الهجوم الصاروخي الأخير الذي شنّته قوات الحرس الثوري الإيراني ضد إرهابيي الحزب الديمقراطي الكردي، وجاء في هذا التقرير، أن قوات الحرس الثوري التابعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية أطلقت الأسبوع الماضي سبعة صواريخ “أرض – أرض” على قاعدة تابعة لمجموعات المعارضة الكردية المتمركزة شمال العراق، ولقد كشف هذا الهجوم الذي شنته الطائرات من دون طيار التابعة للقوات الإيرانية، الدقة العالية لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.
وجاء في التقرير أيضاً، أن قوات الحرس الثوري شنّت هذا الهجوم الصاروخي بعد أشهر من الصراع مع جماعات المعارضة الكردية الإيرانية في مناطق غرب إيران. ولفت هذا التقرير إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني “حدكا” الذي تأسس في عام 1945م، يعدّ أحد أبرز المناهضين والمعارضين للثورة الإسلامية الإيرانية، حيث أعلن هذا الحزب الإرهابي في 13 أغسطس، بأنه قتل 12 عضواً من الحرس الثوري الإيراني، وقام بنشر أفلام مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعية تضمنّت هجمات إرهابية قام بها داخل الأراضي الإيرانية، وأشار التقرير إلى أنه في الوقت نفسه، نفذت جماعات معارضة كردية أخرى هجمات على قوات الحرس الثوري الإيراني خلال الأشهر الماضية، بما في ذلك حزب الحياة الحرة الكردستاني “بيجاك”، المرتبط بعلاقة وطيدة مع حزب العمال الكردستاني “PKK”، والذي قام بقتل سبعة من حرس الحدود الإيرانيين في يونيو الماضي.
وأعرب موقع “نشنال اينترست” بأن الهجمات الإرهابية التي قامت بها المعارضة الكردية ضد قوات الحرس الثوري الإيراني جاءت عقب انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وفرضها للكثير من العقوبات الاقتصادية على إيران ولفت هذا التقرير إلى أنه في الواقع، كانت المعارضة الكردية تسعى إلى استغلال هذه الفرصة لإحداث فوضى عارمة في إيران، وهذا ما تؤكده الزيارة التي قام بها “مصطفى هجري” رئيس الحزب الديمقراطي الكردي الإيراني إلى واشنطن في شهر يونيو الماضي، حيث أعلن من هناك بأنه يأمل أن تقدم أمريكا والقوى العالمية الكثير من المساعدات لحزبه من أجل الاستمرار في مواجهة القوات الإيرانية، ومنذ ذلك الحين سعى الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني إلى شنّ العديد من الهجمات الإرهابية بالقرب من الحدود الإيرانية ليبرهن لواشنطن بأنه جدير بالدعم وبالثقة.
ولكن الحكومة الإيرانية لم تبقَ مكتوفة الأيدي بل إنها قامت بشنّ هجوم صاروخي على مقار الجماعات المعارضة الكردية المتمركزة في شمال العراق وذلك بعد يوم واحد من حرق القنصلية الإيرانية في مدينة البصرة العراقية، وهذا الهجوم كشف المستوى العالي الذي تتمتع به برامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.
ولكن: لماذا اختارت قوات الحرس الثوري الإيرانية هذا الوقت لمهاجمة المعارضين الأكراد؟ والسبب هنا يرجع إلى أن هذه الجماعات المعارضة الكردية الإيرانية كانت متمركزة شمال العراق منذ عدة عقود، وفي بداية تسعينيات القرن الماضي قامت هذه الجماعات بشنّ العديد من هجماتها الإرهابية على الكثير من المناطق الحدودية الإيرانية، وكما أعلن الحرس الثوري الإيراني في التلفزيون الإيراني الرسمي، فإن تلك الجماعات الإرهابية والسلطات الكردية تجاهلت جميع تحذيرات الحكومة الإيرانية ولهذا، قررت الحكومة الإيرانية نقل رسالة إلى إقليم كردستان، مفادها أنه ليس من حقكم أن تسمحوا للجماعات المعارضة الكردية بتنفيذ عمليات إرهابية داخل إيران، وذلك لأن هذا الأمر يمكن أن يزعزع استقرار إقليم كردستان المستقر نسبياً والمزدهر اقتصادياً، وهنا أظهرت إيران بالفعل أن لها القدرة على التأثير في المعادلات السياسية في إقليم كردستان، خاصة بعد قيام “قاسم سليماني”، قائد قوة القدس، بمساعدة الحكومة الفيدرالية العراقية في أكتوبر 2017 باستعادة السيطرة على محافظة كركوك الغنية بالنفط.
وجاء في هذا التقرير أيضاً، بأن قوات الحرس الثوري الإيراني، قامت عقب ذلك الهجوم الصاروخي، بنشر صور التقطتها الطائرات من دون طيار تظهر أن مقار الحزب الديمقراطي الكردستاني “أحد أفرع الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني” كانت مستهدفة بصواريخ باليستية من طراز “فاتح – 110” قصيرة المدى، كما أعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان له، بأن هجومه الصاروخي على مقار مجموعات المعارضة الكردية، تم بالتعاون مع القوة الجوية التابعة للجمهورية الإيرانية وباستخدام طائرات من دون طيار.
وفي نهاية هذا التقرير، أقرّ موقع “نشنال اينترست” الأمريكي، بقدرات إيران الاستخباراتية وقواتها الصاروخية، وقال: إن أشرطة الفيديو التي نشرها الحرس الثوري الإيراني عقب إطلاقه صاروخ “فتح -110″، أظهرت الدقة العالية التي تتمتع بها تلك الصواريخ التي سقطت بشكل مباشر على غرفة كانت مليئة بقادة أكراد رفيعي المستوى، وأن اختيار هذه الغرفة من بين مئات الغرف الموجودة في تلك القاعدة الكردية، يبرهن بأن قوات الحرس الثوري الإيراني استطاعت أن تنقل قدراتها العسكرية من صفحات الورق إلى أرض الواقع وبالإضافة إلى ذلك، استطاعت إيران بهجماتها الصاروخية تلك، أن ترسل رسالة علنية إلى واشنطن، بأنها لن تخضع ولن تركع وأنها لا تزال قوية وستستمر في تطوير قدراتها العسكرية وبنيتها التحتية وأن واشنطن يجب عليها أن تنظر إلى مستوى القوة التي وصلت إليها إيران قبل أي محاولة لتشكيل حكومة موالية لها في العراق.