المثالية في زمن ” الهوشلية “
محمد أحمد المؤيد
لفظ المثالية يدل على امتثال الشخص إلى أفضل الأقوال والأفعال , فيصبح حينها مثلا يحتذى به ونبراساً ينظر إليه , لا لشيء وإنما لأن الحياة بطبعها وقالبها هي مجرد ” مواقف ” تكون خلاصة لكل الأقوال والأفعال والنيات التي يمارسها الشخص في حياته أو يكنها داخل كيانه وفؤاده , فتنبعث تصرفات من سلوك ينتهجه الإنسان فتحسب له مواقف تدلل عليه أو تميزه عن غيره , فهناك مواقف تصدر من شخص ما تولد لديك تصوراً معيناً عن هذا الشخص , فيظل يلازمه حتى يصدر منه ما يدحضه , هذا وقد لاينفك عنه إلا بعد فراق لسنين غابرة أو تظل كذكريات يتداولها الآخرون بعد موته , وخاصة من حظي بعشرته أو ملازمته أو الاتصال به بشكل مباشر أو غير مباشر.
ولذا فالمواقف مهمة جداً في الحياة , فقد لا يستغني الشخص عن مواقف الآخرين تجاهه حتى من أي شيء تتعامل معه , فالكلب مثلاً قد يجد الشخص موقفاً جميلاً صدر من ذلك الحيوان فأرغم الشخص على احترام ذلك الكلب وهذا ما يفسر لنا كيف أن الناس تتداول مقولة ملازمة لرمز معين عن المواقف الصادرة كوفاء الكلب وحقد الجمل وكرم حاتم الطائي وحكمة لقمان وبخل الجاحظ وجبروت فرعون وهكذا من المواقف التي دائما ما نسمعها أو نتلفظ بها أو نمثل بها , فتأملوا معي كم تكون تلك المقولات الشائعة أو التي هي مضرب المثل مؤثرة في النفس البشرية بالسلب أو الإيجاب , فتزجر شخص وتمنع شخصاً وتحث شخصاً وترفع من همة شخصاً أو تخفضها , وخاصة إن وجد فيها مثالية في التصرف أو النهج فعندها لا يفتأ الشخص يتشبث بها أو ينبذها ك ” الهوشلية / العشوائية في التصرف “.
وكون المثالية أمراً مطلوباً ومرغوباً فيه , ولذا فلاشك أن ما من شخص إلا ولديه ميول إلى الأخذ بمبدأ كهذا , وخاصة إن وجد فيه ما يربي النفس ويهذبها ويصقلها , فيبدو الرجل حين صقل رجولته بالمثالية أفضل حال أمام الآخرين , وكذلك المرأة والشاب والشابة فليس من ينبذ المثالية إلا الشيطان الذي أقسم أن يغوي بني آدم إلا عباد الله منهم المخلصين , وعجيب أن ينتظر الشخص المثالية من غيره وهو يغرق في عالم اسمه : ” الهوشلية ” فكيف بمعلم ينتظر المثالية من طلابه وهو شحنة من “الهوشلية” التي تكون كنتيجة حتمية لمبدأ العنصرية والغباء والتحزب وزرع الشحناء والبغضاء في نفوس الطلاب والطالبات وترك العالم والتحضر والثقافة اليمنية الأصلية جانباً ..!!!.
لا شيء يبعدنا عن العمل بالمثالية إلا الغرور أو اليأس من الحياة , فلو أن الناس تعرف معنى المثالية الحقيقية لما تخلت عنها ولما تركت أمراً إلا وعملت به أو بموجبها وعلى العكس في مبدأ ” الهوشلية ” , فلو تأملنا كيف أن حياة النبي المصطفى محمد (صلوات ربي وسلامه عليه وآله وصحبه) كانت عالماً من المثالية الممتثلة لأمر الله , فكان مثلا في الخلق وكان مثلا في الشجاعة والذود عن دين الله ومحارمه فجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين قال تعالى : ” وإنك لعلى خلق عظيم ” صدق الله العظيم .
الغريب في هذا الزمان أن المثالية لاتكاد تغيب عن ذهن غالبيتنا بتاتاً , ولكن الكثيرين منا لا يعمل بها بل وليس له فيها , كما هي أمريكا التي تدعي بالحرية وهي من تكمم الأفواه وتتسلط على مقدرات الشعوب حتى وصل بهم الحال إلى أنهم يقتاتون من دماء الشعب اليمني وهم يدعون المثالية , فكل الأحداث العسكرية والسياسة العالمية لا تخلو من المثالية الأمريكية في الغطرسة واللعب بالنار , فالأزمة الاقتصادية في اليمن بسبب ارتفاع الريال وطبع العملة الوطنية بلا استراتيجية أو دراسة تحول دون عاقبة تنذر بالخطر الجسيم كهذه , فتصرف أحمق كهذا فإنما هو دليل على ” الهوشلية ” لمن هم يدعون المثالية ” حكومة الشرعية المزعومة للفار هادي “.
يقولون في وسائل الإعلام التابعة للعدوان السعوأمريكي إن أنصار الله يعتدون على جنودهم ويحرقون مدرعاتهم ويريدون منهم الامتثال للمثالية في حين أن ” الهوشلية ” هي التي ينتهجها العدوان بكل وسائلها , هذا وقد قضت الحرب على اليمن على عالم المثاليات , فأي مثالية والعدوان قد اعتدى على اليمن وقتل الطفل و المرأة وقتلها ورملت بسببهم وشرد السكان والأحياء السكنية ولم يعد لنا إلا هوشلية فضحت مثاليتهم المزعومة وخير دليل تعاملاتهم الأخيرة مع الأسرى من رجال الجيش واللجان الشعبية .
..ولله عاقبة الأمور..
~أضحى مبارك وكل عام وأنتم بخير.