ماذا يعني الوطن؟ ؟
علي محمد قايد
يبدأ خلق الإنسان في رحم أمه ليستمر تسعه شهور بعد ذلك يخرج إلى هذه الدنيا مما يعني أن الأم تعتبر موطنه الأول وأن رحمها هو البيئة أو المكان الذي بدأ تكوينه بعد ذلك تمت ولادته ليعلن خروجه إلى وطن أكبر بكثير هو بلده أو موطنه فمجرد أن يولد يحصل على جنسية بلده ومن ثم يبدأ مرحلة جديدة وهي مرحلة النمو طفلا فشبابا فشيبه .
وفي كل تلك المراحل العمرية ينعم بالعيش على وطنه فيجد الأمن والاستقرار والأمان والعزة والحرية والكرامة يأكل ويشرب ويتنفس وينام ويمشي ويمارس حياته بشكل طبيعي هذا لأن الله أنعم عليه بنعمة الوطن فعليه يمارس طقوس حياته مما يعني أن الوطن يعني الشعور بالحياة لأن في وطنه يشعر بوجوده كإنسان مكرم أستخلفه الله في الأرض ليعيش ويبني ويعمر ويمارس حياته ويتزوج ويكون أسرة ويعمل ويحصل على مصدر دخل يعول به أسرته فكل من يعيشون حياتهم ضمن الأسرة يشعرون بنعمة الترابط والتكافل الأسري والأسرة هي جزء من المجتمع والمجتمع الصغير يكون قرية وعزلة ومن ثم تتكون المحافظات والمحافظات تشكل وطنا يعيش عليه الجميع بنظام وقوانين وعادات وتقاليد طبقا لتعاليم وأخلاق ديننا الإسلامي الحنيف الذي حرص كل الحرص على ان يعيش أبناء الوطن الواحد بكل حب وتفاهم واحترام وبذل وعطاء ومودة يناصرون بعضهم البعض ويكونون كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وكل ذلك ضمن إطار بيئة آمنه يعيشون عليها حياة كريمة كل فرد يقوم بواجباته تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه دون ارتكاب أي مخالفات أو خروقات أو تجاوز الخطوط الحمراء فالجميع وفق الدين الإسلامي أخوه يجمعهم دين واحد وأرض واحدة ومصير مشترك واحد وعادات وتقاليد ووطن يضم الجميع إن حافظوا عليه حافظوا على أنفسهم وعلى عزتهم وكرامتهم وحياتهم الكريمة وإن لم يحافظوا عليه وعاشوا عليه كالوحوش في الغابة تحول الوطن كالغابة وعاش عليه الجميع عيشة سوداء يسودها التباغض والتناحر والصراعات والانقسامات والحروب والقتل وبالتالي يسيطر عليهم الضعف والوهن ومن السهل ان يسيطر عليهم الأعداء من خارج الوطن فإن كان الجميع يؤمنون بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبوطنهم مستقرا عاشوا كذلك الجسد الواحد محافظين على أنفسهم وعلى عزتهم وكرامتهم وحياتهم الكريمة فالإنسان عمره محدود وليس مخلدا حتى يعيش عيشة همجية وعشوائية لايضرب حسابا واعتبارا لمجتمعه ووطنه بل كل ما يفكر به نفسه وتحقيق مصالحه على حساب الآخرين .
ولنا في ما نعيشه اليوم عظه وعبرة فكيف صار وطننا وكيف صارت حياتنا وما هي الأسباب التي أوصلتنا إلى هذه الحالة وهذا الوضع بالطبع لكل شخص إجابته الخاصة فمنهم من يجيب ان السبب الشخص الفلاني والحزب الفلاني والجماعة الفلانية ومهما كانت الإجابات مختلفة فيجب ألا نتجاهل شيئاً واحدا وهو أننا دمرنا وطننا بأنفسنا نتيجة الابتعاد عن الأنظمة والضوابط الدينية والاجتماعية والوطنية ونتيجة الاختلاف والانقسامات تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان حتى صارت حالنا يرثى لها سيطر الغزاة والمحتلون على وطننا وغابت ثقافة المحبة وحلت بدلا عنها ثقافة الأحقاد والكراهية والتعصبات العمياء والنعرات الطائفية والمذهبية والحزبية والمناطقية, لم نحافظ على وجودنا كبشر بل صار الأخ يقتل أخاه فدمر وطن كان يعيش عليه الجميع في نعيم واليوم يعيشون في جحيم!!