الوعي والمشروع في محاضرة السيد عبدالملك الحوثي ثاني أيام رمضان .. (2)
عبدالفتاح حيدرة
إن الحديث عن الوعي، يتطلب مهارة كبيرة جدا، مهارة تستحق الاحترام والتقدير والتمثين العالي، أتحدث عنها، عن محاضرات السيد عبدالملك الحوثي، في محاضراته الرمضانية المباشرة للناس، إذ لو تطرقنا وسوف نتطرق لوعي المحاضرة لاحقا، لكن أود التوضيح أولا حول سياق وعي وقيم ومشروع هذه المحاضرات التي يقوم بها السيد عبدالملك في الأيام الفضيلة هذه، والهدف منها، ولماذا يحاربها العالم ..
ما أود توضيحه من سياقات الوعي كوعي ومن سياقات القيم كقيم، ومن سياقات المشروع كمشروع، هو أن الكل يعرف أن محاضرات السيد عبدالملك كانت مختصره وخاصة على أنصار الله فقط، ولم تكن محاضرات عامة أبدا، وبتحولها إلى محاضرات عامة، وللناس كافة ومن خلال الوعي الذي تقدمه، فإن علينا كيمنيين أن نتفاخر بذلك، ونستعد إلى أن نكون جميعا (أنصار الله)، أنصار الله ليس بمعناه السياسي الذي يريدنا العدو أن نكون عليه، بل أن نكون أنصارا لله ولدين الله ولسنن الله ووعي هدى الله وقيم رجال وأنبياء الله ومشروع الله وحق الله للإنسان وللأرض..
شخصيا وكشاب ومواطن وصحفي يمني كنت أحسد شباب أنصار الله على هذه المحاضرات التي كانت خاصة بهم فقط ، وكتبت بألم وقهر عشرات المقالات التي أطالبهم فيها بنشر هدى الله للناس، لأنني اليوم أرى أن هذه المحاضرات لم تعد فقط لأنصار الله، بل لم تعد لليمنيين، لقد تجاوزت كل هذا، أصبحت موجهة للعالم كله، بوعيها وقيمها ومشروعها، المتماسك بهدى الله وبقوانين ونواميس معرفة الله والهداية بالله والإيمان بالله، هذا الوعي وهذه القيم وهذا المشروع، المترابطة كلها بالله هو ما تخافه وترتعب منه كل أدوات ودول وجيوش وأحزاب الشيطان، وهو ما يحاربنا نحن كيمنيين ويحاصروننا ويقتلوننا حتى لا يظهر للناس وللعالم هذا التنوير المعرفي، الذي إذا ما انتشر وتمسك به الناس وعرفه الناس، سوف يجتث كل أدوات ودول وجيوش وأموال وسلاح الإجرام والظلم والجور والتجويع، والتي على رأسها أمريكا واسرائيل والسعودية والإمارات..
لن أطيل عليكم، فقد ارتكزت محاضرة السيد عبدالملك الحوثي الثانية من محاضرات شهر رمضان الكريم بتوضيح الهدف والركيزة الأساسية من فريضة الصيام وهي ركيزة (التقوى)، التقوى من ناحية تهذيب النفس وتربيتها، التهذيب والتربية الروحية التي تسمو بالنفس البشرية إلى مصاف العلو والرفعة والانتصار والمعرفة والبناء ، ذلك البناء الذي يعزز سنن الله في التغيير، البناء المتكامل لروحية وسمو النفس الإنسانية وارتباطها بهدى الله، لخلق العقل الصافي والمتنور والواعي الذي يقوم بتعمير الأرض على أسس ومبادئ إحقاق الحق..
كما تطرقت المحاضرة بوعيها وتناسقها المنطقي، الذي يمس العقل والوجدان الإنساني، حول مسألة اكتساب ذلك الإنسان للتقوى، وتهذيب النفس بالهداية لله، إلى آية من آيات القرآن الكريم وبقوله تعالى (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم)، هذه الآية وما تحتويه من عتاب ولوم نفسي من الله سبحانه وتعالى، كنوع من الاستقطاب السماوي يحث على ضرورة الارتباط بالله وعدم نسيانه، وفي نفس الوقت هي تهديد ووعيد حتى يتعظ ناس اليوم بما حدث للناس في السابق الذين نسوا الله فأنساهم الله أنفسهم..
المحاضرة الثانية للسيد عبدالملك فيها من القراءات للوعي الكثير والكثير، لأنها تمثل في كل جزئية منها معلما جديدا وتفتح بابا جديدا في مسألة الإدراك والوعي ، ذلك الوعي المرتبط بالقيم والمثل العليا وبالمشروع أيضا، مشروع الانتصار، وليس أي انتصار، انه الانتصار لله سبحانه وتعالى، انه وعي متكامل ومرتبط ارتباطاً مباشراً بهدى الله، هذا الوعي يمثل تلك المعرفة التي يبقى الإنسان طوال حياته يبحث عنها، ولن يجدها إلا بمعرفة الله ومعرفة هدى الله ..