الثورة نت../
وجه الأخ مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى مساء اليوم كلمة إلى أبناء الشعب اليمني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك .
فيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في كتابة الكريم ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) صدق الله العظيم
شعبنا اليمني المسلم العزيز في الداخل والمهجر:
إنه لمن دواعي السرور أن أتوجه إليكم وإلى أبناء أمتنا العربية والإسلامية بخالص التهاني القلبية والمباركة بمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل .. شهر الخيرات والبركات والصيام شهر الرحمة والمغفرة والقرآن.
إن هذا الشهر المبارك محطة تربوية وموسم إيماني قيم لإحياء كل قيم الخير في النفوس، ومناسبة لا تعوض لشحذ الهمم وتنمية العزم والصبر والإرادة لدى الناس وفرصة لتعزيز التواصل الإنساني والإحساس بمعاناة الآخرين.
ولما يمثل هذا الشهر من أهمية خاصة لدى كل المسلمين فهو مناسبة مواتية لتعزيز التكافل الاجتماعي والتراحم وقيم التعاون والإخاء في المجتمعات، وخلق الأجواء الروحانية التي تنمي الإيمان في نفوسنا وتساعدنا على استشعار عظمة مبادئ وشعائر ديننا الإسلامي الحنيف.
الأخوة والأخوات:
ونحن في العام الرابع من ملحمة الصمود الأسطوري وشعبنا يواجه قوى الطاغوت والإجرام وعلى رأسها النظام السعودي العميل بإشراف وإدارة مباشرة من أمريكا في عدوان لا أخلاقي ودون أي مبرر أو مسوغ قانوني بهدف إركاع هذا الشعب واستعباده والسيطرة على ثرواته وفرض الوصاية الأجنبية عليه.
وكل ما سبق يؤكد أننا اليوم معنيون جميعاً لتعزيز التلاحم ورفد عوامل النصر والقوة أكثر من أي وقت مضى ونؤكد لكم بأن ما أنجزه شعبنا العظيم خلال الثلاث السنوات الماضية ما كان ليتم لولا التأييد الإلهي والعناية الربانية لهذا الشعب المظلوم ولعدالة قضيته أضف إلى ذلك كل الجهود المباركة من أبناء الشعب بقبائله الحرة والأبية ومثقفيه وعلمائه وإعلامييه ومزارعيه وتجاره وصناعه، رجاله ونسائه وأطفاله كباره وصغاره مجاهديه في ميادين المواجهة وأبطاله ، شهدائه وجرحاه وأسراه، وكل من شارك في تحقيق هذا الصمود المشرف، ومن المهم في شهر الجهاد والقرآن أن نتزود بالتقوى ونعود إلى الله عودة صادقة ونسأله الصبر والتثبيت في معركة هي الأكبر في محيطنا العربي والعالم تكالبت فيها على بلادنا كل قوى الشر والإجرام واستُخدمت فيها أحدث الأسلحة وأشدها فتكاً بالإنسان وتم استهداف كل مظاهر الحياة في بلادنا من مستشفيات ومرافق حكومية وأٍسواق وصالات الأفراح والعزاء والطرقات والجسور والمدارس والبنى التحتية وانتُهكت كل المحرمات وارتكب العدو أبشع الجرائم بحق النساء والأطفال وكل فئات الشعب في ظل صمت وتواطؤ مخجل من كل مؤسسات وهيئات المجتمع الدولي وعلى رأسها الأمم المتحدة، وهو ما يحتم علينا الصمود والمواجهة ولا خيار آخر يمكن أن يفضى إلى حرية هذا الشعب وعزته وكرامته وما نشاهده يومياً من جرائم وانتهاكات في المناطق الخاضعة للاحتلال أكبر دليل على ذلك.
الأخوة والأخوات:
إن أمتنا الإسلامية اليوم تواجه أخطار وتحديات جسيمة لا تخفى على أحد، ويعلم الجميع علم اليقين طبيعة المشاريع الأمريكية الصهيونية التوسعية والتي ليس آخرها اقتحام المسجد الأقصى من قبل مستوطنين صهاينة وتدنيسه في ظل صمت مهين من قبل الأنظمة العربية.
كما تابعنا جميعاً خلال الأيام القليلة الماضية الحراك الفلسطيني المبارك في انتفاضته ضد المشاريع الأمريكية الصهيونية لنقل سفارة أمريكا إلى القدس الشريف المحتل وسقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني برصاص جيش الكيان الصهيوني الغاصب ، كما شاهدنا جميعاً حالة الانكشاف والتواطؤ والتآمر من بعض الأنظمة العربية العميلة وفي مقدمتها الأنظمة المنخرطة في العدوان على اليمن كالنظام السعودي والنظام الإماراتي والنظام البحريني والتي دعمت وأيدت ومولت المؤامرات الأمريكية والصهيونية الخطيرة والمحاولات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية وحرف اهتمام الناس إلى قضايا أخرى هامشية تشغلهم عن قضية الأمة الرئيسية والمركزية في فلسطين.
وقد منيت كل محاولات التضليل التي عكف إعلام أمريكا وأنظمته العميلة من داخل الأمة بالفشل وظلت أنظار الشعوب العربية والإسلامية موجهة حيث يجب تجاه فلسطين وشعبها المظلوم، وانكشف اليوم أذناب الاحتلال ومطايا الصهيونية دون ذرة خجل في مواقفهم الوقحة والواضحة والتي لا تكاد تختلف في شيء عن موقف الاحتلال الصهيوني أو الإدارة الأمريكية وتسريع خطوات التطبيع معه وتبني مواقفه وإعلان العداء الصريح لكل الشرفاء والأحرار المتواجدون في خندق مواجهة الكيان الصهيوني في خيانة لله وللأمة وللتاريخ لن تسقط بالتقادم.
إن شعبنا اليمني العزيز قد قدم تضحيات كبيرة جراء مواقفه الأصيلة من القضية الفلسطينية وتمسكه بهذه القضية كان أحد أسباب استهدافه وهو اليوم في معركة واحدة مع كل المقاومين في العالم ضد توجهات قوى الاستكبار والغطرسة العالمية وأذنابها في المنطقة.
الأخوة والأخوات :
إننا في هذا المقام نؤكد على إدانتنا الشديدة واستنكارنا المطلق لجرائم الاحتلال والتهويد والقتل الذي تقوم به أمريكا والكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين ونؤكد على أننا مع حق الشعب الفلسطيني الكامل في الحرية والاستقلال وندعم ونبارك كل خياراته للدفاع عن نفسه وأرضه ونؤكد بأن الشعب اليمني مستعد كل الاستعداد أن يلتحم رغم العدوان الحاصل عليه مع أشقائه في فلسطين وكل محور المقاومة للذود عن مقدسات الأمة في أي معركة مصيرية قادمة.
كما ندعم ونؤيد كل خيارات المقاومة والمواجهة التي يجترحها الأبطال في ميادين مقاومة الاحتلال الصهيوني وندعو شعوب الأمة العربية والإسلامية للتحرك الجاد والفعّال لإفشال مؤامرات الأعداء في فلسطين العروبة والإسلام وعاصمتها القدس العربية المسلمة بكل الطرق الممكنة والمتاحة.
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم:
مع المعاناة الاقتصادية الشديدة والتضحيات الكبيرة التي يبذلها شعبنا العزيز في مواجهة عدوان وحشي منعدم الضمير إلا أننا نستطيع بعون الله تعالى أن نحول هذا التحدي إلى فرصة، وذلك من خلال تحلينا بأقصى درجات المسؤولية والعمل الجاد والدؤوب لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتطوير الابتكار والإبداع وسنبذل كل الجهود لتحقيق ذلك، وشعبنا الحضاري العريق صاحب باع طويل في شتى مجالات الصناعة والحرف اليدوية والزراعة والتجارة والابتكار وقادر على ذلك إن شاء الله تعالى بالتعاون بين الجانب الرسمي والشعبي، كما أن الجميع معني اليوم بتعزيز الوعي وتحصين المجتمع ومواجهة حملات التضليل والإفساد التي يقوم بها العدو مستهدفاً شعبنا في هويته وثقافته وقيمه وقوت يومه بغرض تجريده من عوامل قوته وإخضاعه وتسهيل استعباده.
كما أن علينا رفع مستوى الوعي والإدراك بطبيعة المواجهة وحقيقة العدو وطموحاته الاستعمارية في أرضنا وباقي الأرض العربية والإسلامية .
ومن جهتنا نعدكم بأن نبذل كل الجهود على مدار اليوم والساعة للتخفيف من معاناتكم وتوفير الحد اللائق من الخدمات والمرتبات رغم الحصار والاستهداف الاقتصادي المستمر من قبل قوى العدوان على البلد.
الأخوة والأخوات:
كنا ومازلنا وسنستمر في مد اليد للسلام العادل والمشرف، سلام يصون تضحيات الشعب ويحفظ مكتسباته وقدمنا التنازلات تلو الأخرى في سبيل تحقيق ذلك لولا تعنت العدو وتصعيده في كل الميادين بدعم أمريكي واضح، وكنا ومازلنا وسنستمر في رفض خيارات الاستسلام والخنوع والذل مهما طالت المعركة وعظمة التضحيات، وإن شعبنا العزيز الذي بذل دمه الغالي في سبيل الحرية والكرامة والاستقلال من الفلاح إلى العامل البسيط إلى الجندي إلى رئيس جمهوريته الشهيد الرئيس صالح الصماد رحمة الله عليه هو شعب جدير بالنصر ويستحق أن ينال الاستقلال ويسود على ثرواته وموارده دون وصاية أجنبية، وقد تجاوزنا أصعب المحطات في هذا العدوان والقادم بإذن الله تعالى سيكون أشد وأنكى على قوى الغزو والاحتلال حتى تحقيق معادلة الردع وإيقاف الاعتداء المستمر علينا منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام .
الأخوة والأخوات:
إن واجبنا الوطني والديني يفرض علينا جميعاً أن نكون يداً بيد وعلى قلب رجل واحد في مواجهة كل التحديات على مستوى جبهتنا الداخلية وكذلك التحرك العملي في مسار البناء وتفعيل العمل المؤسسي ومواجهة الفساد وتفعيل المؤسسات القضائية والأجهزة الرقابية من جهة ومن جهة أخرى في مسار الدفاع عن الأرض والعرض ورفد الجبهات بالمال والرجال والسلاح ولهذا نؤكد لكم أننا سنعمل بكل الطاقات والقدرات للاستمرار في مشروع بناء الدولة وتفعيل مؤسساتها ومواجهة الفاسدين والمعرقلين لذلك ضمن مشروع “يد تحمي ويد تبني” الذي أطلقه الشهيد الصماد رحمة الله عليه حتى يصبح واقعاً ملموساً في حياة كل مواطن .
ونعلم بأن الطريق محفوف بالمصاعب إلا أن ثقتنا بالله وبشعبنا العظيم تمنحنا العزم والإرادة اللازمة للمضي قدماً حتى إنجاز هذا الاستحقاق.
ولا يفوتنا في هذه المناسبة الإشادة بالدور البطولي الفذ والانتصارات الكبيرة لأبطالنا من أبناء القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية على مختلف جبهات الكرامة والشرف على امتداد الأرض ونؤكد على ضرورة استمرار حالة النفير والجهوزية في ظل التصعيد الكبير من قبل قوى العدوان.
الأخوة والأخوات:
إنها هذا الشهر الكريم مناسبة جليلة وعظيمة لابد من اغتنامها ونسأل الله جل شأنه أن يتقبل صيامنا وقيامنا ويحمي بلادنا وينصر شعبنا ويرحم شهدائنا ويشفي جرحانا ويفرج عن أسرانا ويعزز وحدتنا الوطنية ويقوي عزيمتنا وإرادتنا ويجعل شهر رمضان الفضيل شهراً مباركاً للجميع.
وكل عام وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبـأ