الأزمات يمكن أن تصنع المعجزات
وليد أحمد الحدي
عشرون عاماً فقط من بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية احتاجها اليابانيون لاعتلائهم المرتبة الثانية في الاقتصاد على مستوى العالم منافسين بذلك اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية التي حولت اليابان الى رماد عقب قنبلتي هيروشيما وناجازاكي .
هي الارادة والعزيمة والاصرار على البقاء الذي دفع بذلك البلد لاثبات وجوده وتحقيق ذاته , وللمضي قدماً في تحقيق حلم البقاء والنهوض مجدداً واستعادة مجد الامبراطورية اليابانية العظمى كان لا بد من اتخاذ خطوات قوية وحاسمة مثلت نقطة التحول في التاريخ الياباني المعاصر من أهمها التركيز على التعليم وإعطاؤه الأولوية الكبرى والتشجيع على تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة والعمل على استعادة الاقتصاد الذي يمثل الركيزة الأساسية لتنفيذ خطة التعافي والبناء.
لقد تفطن اليابانيون الى أن السلاح الذي بإمكانه استعادة كيانهم هو سلاح العلم والاقتصاد وبموجب ذلك أنشئت هيئة قومية للاشراف على الصناعة الوطنية من أبرز مهامها تشجيع ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة , والدفع بالمنتجين للالتزام بمواصفات صناعية متميزة جداً تضمن تسويق منتجاتهم لمنطقة جنوب شرق آسيا والعالم أجمع.
نعم لقد كان لعشرين عاما من العمل والمثابرة ونكران الذات الفضل في تحويل ذلك البلد من ركام الى امبراطورية عظمى رائدة بالإنتاج الصناعي والبحث العلمي والتطوير التكنولوجي وصناعة الرقائق الالكترونية , وبفضل ذلك تحولت مدينة هيروشيما من كوم رماد بفعل القنبلة النووية التي دمرتها تدميراً كلياً إلى مركز عالمي مرموق لصناعة السيارات والبواخر وانتاج المطاط والصلب والصناعات الكيمياوية , ووجهة سياحية عالمية يقصدها 350 مليون سائح سنوياً .
اليوم نطوي ما يقارب ثلاثة أعوام على عدوان استهدف بنيتنا التحتية دمر فيها مصانعنا وجسورنا ومستشفياتنا ومزارعنا ومدارسنا وجامعاتتنا وباتت أدوات الإنتاج لدينا محدودة جداً بفعل التدمير الممنهج الذي استهدف ويستهدف اقتصادنا الوطني ومقوماته , وأصبحت احتياجاتنا معظمها مستوردة من الخارج لا سيما من دول العدوان التي تمعنت في قتلنا والتي بعدوانها تآكلت العملة الوطنية لتفقد ما يقارب نصف قيمتها , وتحولت مناطق شاسعة من الجغرافيا اليمنية الى مناطق موبوءة بالكوليرا والتيفويئد فضلا عن المجاعات التي اجتاحات مناطق عدة ,ولكن هل يعني ذلك الاستسلام للأمر الواقع حتى النهاية وانتظار الهلاك المحتوم أم أن علينا المصارعة بكل ما اوتينا من قوة وإمكانيات وعزيمة للخروج من هذا المستنقع وننهض كما نهض من سبقونا؟؟..
لا أعتقد أن اليمنيين الذين شيدوا السدود وشقوا الجبال وبنوا المدرجات الزراعية واول ناطحات سحاب في العالم وكان لهم دور كبير في بناء وتعمير دول كثيرة حول العالم أن هكذا تحد سيشكل عقبة بالنسبة لهم , بل أجزم يقيناً أن بمقدورنا كيمنيين الخروج من هذه المحنة اقوى من ذي قبل , ولنا في دول ازدهرت وأخرجت المارد من قمقمه بفعل الحصار والاحتلال الف عبرة ودرس .
وحتى لا نستجدي أعداءنا الذين يعملون على تجويعنا تارةً بالحصار وتارةً بالدولار يتحتم علينا الاعتماد على أنفسنا وتركيز طاقاتنا داخلياً والاهتمام بمنتجاتنا الوطنية والتوجه في هذه المرحلة الحساسة إلى الزراعة والصناعة والإنتاج , وتفعيل سلاح مقاطعة البضائع الأجنبية التي تؤثر سلبأ في منتجاتنا وبالذات التي تصدر الينا من دول العدوان لأن ذلك يعد من أولى الأولويات في هذه المرحلة الخطرة والحساسة , كما يجب صياغة استراتيجية اقتصادية تعمل على دعم وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحمي المنتج الوطني وتكافح التهريب لتساهم في تطوير القطاع الصناعي والزراعي والخدمي الذي يمكن من خلاله تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير العملة الصعبة وايجاد فرص عمل للشباب بعيدا ً عن الاستجداء والتعويل على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وطلب المعونات والقروض الربوية المشروطة التي لن تضيف لنا سوى الجوع والفقر والعبودية , وسندرك حينها أن الأزمات يمكنها أن تصنع المعجزات.
أمين عام الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الإنتاج المحلي