تحقيق /معين حنش –
للسجناء المعسرين مواجعهم الخاصة والمعقدة أيضا فكل عام يترقبون قدوم الشهر الكريم الذي يعتبرونه شهر الخلاص وفك العسر وهذا العام يقبعون خلف الأسوار دون أمل بالتحرر منها يصرخون فلا يسمع صراخهم احد يذرفون الدموع فلا يجدون من يمسحها لأنهم يعيشون في عام استثنائي لا أحد زارهم إلا القليل من المتصدقين الذين يبتغون مرضاة الله ورضوانه محصورة على اللجان المختصة بالنظر في قضاياهم ولذلك ظلت قضية المعسرين في السجون اليمنية فاعلي الخير بعد أن تجاهلت الجهات الحكومية قضاياهم.
-قضايا وناس بصحيفة الثورة اقتربت من المعسرين وقضاياهم المعقدة في نزولها الميداني إلى السجن المركزي بصنعاء واعدت التحقيق التالي : أسوار السجن المركزي بصنعاء تخفي وراءها (214 سجيناٍ معسراٍ و4 سجينات معسرات), تائهون في السجن منذ سنوات ولم يكن مركزي صنعاء السجن الوحيد الذي يحتضن مئات الغارمين والمعسرين خلف أسواره, ففي السجن المركزي بمحافظة عدن حيث يوجد فيها 52 سجيناٍ معسراٍ من الذكور و4 سجينات معسرات من النساء, في الحديدة 44 وتعز 69 وإب 54 سجيناٍ معسراٍ سجينة واحدة, وفي حجة 34 وبذمار 21 سجيناٍ معسراٍ وسجينة واحدة, وفي المكلا 76 سجيناٍ من الذكور و6 سجينات من الإناث, و30 في عمران و12 صعدة و16 الضالع و15 المحويت و12 لحج و2 البيضاء و2 شبوة و10 سيئون و10 مأرب و11 المهرة و2 ريمة كما يوجد بسجن احتياطي الثورة بالعاصمة 15 سجيناٍ معسراٍ و6 باحتياطي هبرة و9 باحتياطي علاية و18 باحتياطي المعلمي أي بإجمالي عام (736) سجيناٍ معسراٍ, و16 سجينة معسرة, كلهم لازالوا في السجون المركزية والاحتياطية في عموم محافظات الجمهورية وبقاؤهم في السجون مرهون بدفع ما عليهم من مديونية خاصة أو العفو عنهم من أصحاب الحقوق أو القضاء عام بعد آخر حتى يأتي الفرج من الله وفي ظل تردي الوضع الاقتصادية وتراجع الحركة التجارية فإن عدد السجناء المعسرين العام القادم سيكون قابلاٍ للزيادة خصوصا وأن الأوضاع الاقتصادية ترجح التجار عوائد.
كل عام ينتظر المعسرون قدوم شهر رمضان للخروج من السجن إلا أن العام الجاري مختلف عن العام الماضي الذي حظي فيه ملف المعسرين باهتمام كبير من قبل الجهات الحكومية والخاصة ونفذت مصلحة السجون نزولاٍ ميدانياٍ لتفقد أوضاع السجون العامة والاحتياطية بالمحافظات خصوصا السجناء المعسرين ورفعت الفرق الميدانية تقاريرها لرئيس القضاء الأعلى رئيس اللجنة العليا للنظر في أحوال السجون والسجناء وذلك لتحديد المعسرين للإفراج عنهم شهر رمضان الفائت.
وكان رئيس الجمهورية قد وجه بالإفراج عن 279 سجيناٍ معسراٍ العام الماضي
وتابعت اللجنة العليا للنظر في أحوال السجون والسجناء الإفراج عن 100 سجين المفرج عنهم بعد مضي ثلاثة أرباع المدة شهر رمضان وذلك وفقا للقانون وصلاحية النيابة العامة.
كما تابعت اللجنة الإفراج عن عدد 187 سجينا بعد تكفل فاعلي الخير ما عليهم من حقوق بلغت 198 مليون و335 ألف ريال إضافة إلى 10 آلاف و200 دولار و3 آلاف و500 ريال سعودي.
مشروع لائحة
-في هذا العام وبالتحديد بتاريخ 16 -يونيو -2013م اجتمعت اللجنة العليا للنظر في أحوال السجون والسجناء لتناقش الحالات المرشحة للمساعدة, حيث عقدت اللجنة العليا للنظر في أحوال السجون اجتماعها بمكتب رئاسة الجمهورية برئاسة رئيس المحكمة العليا – رئيس اللجنة القاضي عصام عبدالوهاب السماوي ومدير مكتب رئاسة الجمهورية – نائب رئيس اللجنة نصر طه مصطفى وبحضور الوزراء المعنيين ومن يمثلهم في اللجنة.
-وتطرق الاجتماع إلى جملة من المواضيع المدرجة بجدول الأعمال والمتعلقة برعاية السجناء وتحسين أوضاع السجون.
م تم مناقشة التقرير المالي المرفوع من اللجنة المالية للفترة من يوليو2012م ابريل 2013م لحساب الميزانية وإقراره وتم تكليف لجنة مصغرة من الجهات ذات العلاقة للقيام بإعداد مشروع اللائحة التنظيمية للجنة.
وفي الاجتماع تم الاطلاع والموافقة على ما جاء في رسالة وزيرة حقوق الإنسان بشأن مقترح توسيع نطاق خطة عمل اللجنة لتشمل بقية المحافظات إلى جانب أمانة العاصمة وكذا مشاركة ممثلين عن الجهات الخدمية في اللجنة.
كما تم الاستماع إلى التقرير المقدم من رئيس لجنة النزول الميداني القاضي محمد البدري بشان توصيات عامة وختامية مستفادة من نتائج التفتيش الميداني.
واقر ت اللجنة العليا إحالة التوصيات إلى مجلس القضاء الأعلى وزارت الداخلية والعدل والصحة.
وفيما يتعلق بالحالات المرشحة للمساعدة أقرت اللجنة إحالتها إلى لجنة النزول الميداني كما تم تحديد موعد النزول الميداني خلال شهر شعبان الحالي على أن يرفع التقرير بداية شهر رمضان.
مبلغ متبقي من العام الماضي
-الجدير بالذكر أن هذه اللجنة التي نزلت العام الماضي أبقت 156 مليوناٍ في خزينتها ولم تقدمها للإفراج عن المعسرين مما اضطر رئيس الجمهورية إلى اعتمادها من ضمن الميزانية المعتمدة لمساعدة المعسرين لهذا العام وشدد رئيس الجمهورية على أن تكون العائدات والإيرادات المتبقية من كل وزارة ممن هم في اللجنة العليا للسجون منها المالية والصحة والتربية والعدل وعدد الوزارات ثلاثة عشر وزيراٍ ووزارة نهاية كل عام لحساب المعسرين لإخراجهم بحيث يتولى هذا الحصد مندوب من وزارة المالية ليتم تجميع المبالغ الخاصة بالإفراج عن المعسرين بعد الاتفاق مع رجال المال والأعمال بما سيدفعونه هذا العام كمساعدات لإخراج السجناء المعسرين.
وكان اللواء محمد علي الزلب – رئيس مصلحة السجون قبل تغيير أسمها إلى مصلحة التأهيل والإصلاح بعد الهيكلة بوزارة الداخلية قد وعد المعسرين العمل بجهد من أجلهم وقال لهم إنه سيعمل على التنسيق مع الجهات ذات العلاقة والجهات المانحة ورجال المال والأعمال لتقديم المساعدات المالية للإفراج عن المعسرين في شهر رمضان مع ما سيتم الدفع من مبالغ من قبل الدولة للإفراج عن هؤلاء المعسرين بصدق وعلى أرض الواقع.
وكان من المفروض من اللجنة العليا للسجون التي اجتمعت مؤخراٍ أن تجتمع بالجهة المختصة التي ستزودهم بالكشوفات الخاصة بالمعسرين الحقيقيين والذين يجب إخراجهم, حيث قد تم إعداد هذه الكشوفات بالتفصيل ومن المستحق للإفراج عنهم ولكن لم يتم استدعاء الجهة المعنية بالمصلحة للاجتماع لأجل كشف الحقائق أمام الرأي العام وأمام الإعلام المغطي للاجتماع الذي عقد مؤخراٍ, وتعرية الجهة المعرقلة لعملية النزول الميداني للإفراج عن المعسرين وما يحدث من إهمال وتمييز .
ثلاثة أرباع المدة
أما العقيد الركن محمد عبدالرب اليهري – مدير عام الشؤون الداخلية بمصلحة السجون مختص في شؤون السجناء والذي عاصر اللجان السابقة ممن يفرجون عن المعسرين, حيث قال للأسف طالبنا بأن تكون لجنة في كل محافظة مكونة من مندوب للمالية والنيابة ومدير السجن لتقدير وتقييم السجناء الذين يستحقون الإفراج من المعسرين وممن قضوا ثلاثة أرباع المدة حيث أن هذه اللجان تنفق أكثر مما تفرج من سجناء معسرين .. وقال في كل عام يتكرر المشهد وتنزل لجان ميدانية للمكوث في المحافظات في الفنادق والأكل والشرب وتصرف لهم مبالغ طائلة وكلها على حساب السجين المعسر.
وأضاف العقيد اليهري أقول بكل صراحة: إن اللجان تقوم بالعمل عبر ما يذاع في وسائل الإعلام المختلفة أنها افرجت عن عدد من المعسرين وبمبالغ كبيرة ولكن الحقيقة غير أي أن اللجنة لم تقم بعملها الصحيح وفق معايير يتم تطبيقها على كافة السجناء.
تجاو زات
من جانبه قال المقدم منصور اليتيم – نائب مدير عام الشؤون الداخلية بمصلحة السجون يجب إشراك الجهة المعنية في أي اجتماع يخص السجناء كونهم المعنيون ومن يعرفون معلومات كافية عن حال السجين المعسر ومن يستحق الإفراج عنه وممن لا يستحق.
مطالباٍ الجميع بتحمل المسؤولية عن مثل هذه التجاوزات وتجاوز النصوص القانونية التي تحكي ضرورة الاجتماع بالجهة المعنية الأولى في قضية مناقشة أوضاع السجناء بشكل عام معسر وغير معسر أو أوضاع أحوال السجون بشكل عام.
أربع فئات معسرة
تعد قضايا المعسرين في السجون اليمنية من القضايا المعقدة التي تحمل في طياتها الجرم والظلم والمأساة الاجتماعية من جانب والفراغ القانوني والنسيان من جانب آخر فمحددات قضية المعسرين لا تخرج عن دائن ومدينفي أحيان كثيرة يقف جميعهم أمام القضاء ضحايا ولا فرق بين الجاني والمجني عليه ويصنف المعسرون في السجون إلى عدة شرائح الأولى معسر الحوادث المرورية الذين تصدر بحقهم أحكام إلزامية تضع الجاني بغير عمد أمام خيارين لا ثالث لهما إما دفع ديات الضحايا وأروش المصابين أو السجن حتى يكتب الله له فرجاٍ ومخرجاٍ.
والشريحة الثانية من السجناء المعسرين القابعين خلف الأسوار هم ضحايا الخلافات التجارية بين شركاء أو عملاء أو عامل ورب العمل ومعظمهم تصدر بحقهم أحكام لا حدود زمنية للسجن وتصل المبالغ المالية المستحقة للغير عشرات بل مئات الملايين.
ويأتي العمال من المعسرين في السجون بأسباب مبالغ مالية لا تتجاوز مئات الآلاف ولا حدود زمنية لبقائهم في السجون أو الإفراج عنهم إلا بسداد حقوق الغير أما الشريحة الثالثة التي تتحرك النيابات من أجلها وهي خليط من أرباب السوابق وصغار المعسرين الذين ليس لدى معظمهم غرماء حيث يعزف الغريم عن متابعة القضاء ويكتفي بدخول الآخر السجن ويندرج في السياق أرباب لسوابق في النشل والسرقات الذين يعزف غرماؤهم عنهم فيتم الإفراج عنهم لكثرتهم ولقلة المديونية المستحقة عليهم التي تسهل عمل لجان الإعسار وفاعلي الخير.
-وتعد الشريحة الرابعة من الشرائح المعقدة لارتباط عسرها بقضايا قتل غير عمد وأحكام الديات أو سقوط حكم الإعدام عليهم بمقتضى أحكام قبلية أو تصالح يفضي إلى إسقاط الإعدام مقابل القبول بعدة ديات ولعدم مقدرة القاتل وأسرته على دفع الديات المقررة يظل رهيناٍ حتى سداد حق الغير من الديات وبحكم المعسر.