مشاهد وصور من أوروبا
جمال عبدالحميد
جمال عبدالحميد –
خلال فترة تزيد على الشهر زرت خلالها عددا من الدول الأوروبية شعرت أثناء تنقلي أنهم يعيشون في عالم ونحن نعيش في عالم آخر كنت دائما عقب كل زيارة أو سفرية خارج الوطن أعود متلهفا لإطلاع القراء الكرام على مشاهداتي وانطباعاتي عن تلك الدول التي أزورها لكن هذه المرة صدقوني لقد فكرت بعدم الكتابة عما شاهدت في أوروبا ليس لأن القارئ الكريم سيصاب بالصدمة نتيجة الفارق الهائل والهوة السحيقة بيننا وبينهم في كل شيء ولكن لمعرفتي أن هناك منú لا يريدون للمواطن البسيط والقارئ الكريم أن يعلموا أين وصل الآخرون وأن لا يدركوا أيضا أن مقومات التطور والنهوض متوفرة لدينا لو كنا صادقين بدليل أن الصين وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا وغيرها من الدول الآسيوية اقتربت كثيرا من المستويات الأوروبية وتجاوزت بعضها خلال فترة زمنية وجيزة وذلك عندما أخذوا بأسباب التطور والنهوض «مثلا تمثöل العدل والصدق والأمانة» في كل الممارسات اليومية من الحاكم والمحكوم وعليكم أن تضعوا مئات الخطوط تحت كل مفردة من المفردات الثلاث فلو ساد العدل لما اغتصب أي فاشل حقك الوظيفي أو درجتك أو منصبك أو منحتك الدراسية ولما تجرأ أي متغطرس أو متنفذ أن يبسط على أرضك أو بيتك ولما فكر أي عابث أن يدمر مقدرات الشعب وممتلكاته كالنفط والكهرباء مثلا ولو ساد الصدق لما تجرأ تاجر أن يكذب ويقدم إقرارا كاذبا عن مستحقات الدولة لديه وينهب الكثير منها ويحرم الأمة من حقها القانوني لديه ولو سادت الأمانة لحافظ المسؤول الكبير والصغير على الأمانة الملقاة على عاتقه وحافظ على حقوق وطنه وشعبه لأنه يعرف أن عقوبات شديدة وفضائح ستلاحقه إن فرط في الأمانة.
عموما لن أركز كثيرا على التطور العمراني والبنية التحتية الضخمة التي تتميز بها كل المدن الأوروبية باعتبار ذلك أمرا يمكن مشاهدته من خلال الفضائيات أو من خلال صفحات الشبكة العنكبوتية «النت» ولن أخوض كثيرا في طبيعة أوروبا الساحرة ريفا وحضرا حتى لا يفسر ذلك من قبيل الترويج السياحي لأوروبا التي هي في غنى عن سياحتنا وفي غنى عن شهادتي لكنني سأركز على الفارق الهائل والشاسع والرهيب في مستوى الوعي والنضج بين المواطن الأوروبي والمواطن العربي عموما والمواطن اليمني بشكل خاص وأنا أقصد بالمواطن كل بشر ينتمي ويعيش في تلك الأرض أو ينتمي إلى هذه الأرض ويعيش فيها بدءا من أعلى سلطة في البلد إلى المواطن العادي وسأتناول القدسية التي تحظى بها قوانينهم ودساتيرهم والعبثية التي نتعامل بها مع دساتيرنا وقوانيننا وهذه النقطة هي من أهم أسباب تخلفنا.