> د. غنيمة: رفض مبدأ المصالحة سيكون فرصة للعدوان الخارجي طالما بحث عنها
> الجرموزي: الحوار والمصالحة هما النتيجة الطبيعية والأخيرة لأي حرب أو نزاع في كل بقاع العالم
> د. قحوان: على القوى السياسية الوطنية انتهاج الحوار والمصالحة وعلى المغرر بهم العودة إلى جادة الصواب
> الخميسي : المصالحة الوطنية مرتكز الحلول وتهيئة البيئة للسلام ومربط الانتصار على الخارج
> صبرة : إن توحيد الجبهة الداخلية يقتضي الحوار والقبول بالآخر والمصالحة الوطنية الشاملة
استطلاع / رجاء عاطف
بعد مرور ما يقارب السبعة أعوام على الأزمة اليمنية والاشتباك العسير بين القوى السياسية وبعد مرور ما يقارب العامين ونصف على العدوان الخارجي الذي انتهز انقسام الداخل، مدمراً كل ما هو يمني وكل ما يمكن أن يشكل مقومات الدولة اليمنية.. وما شهدته هذه السنوات العجاف من تكرار فشل العديد من المفاوضات لازال الأمل قائماً في وضع مبادرات لحل الأزمة بالعمل على ايجاد مصالحة وطنية شاملة تنتصر للسيادة اليمنية المعتدى عليها برا وبحرا وجوا.. بإيقاف العدوان ورفع الحصار..
في هذا السياق أكد سياسيون وأكاديميون لصحيفة “الثورة” أن الوقت لا زال مناسبا لأن تلتقي جميع الأطراف اليمنية، على طاولة الحوار للمصالحة والقبول بالآخر وأنه يتوجب على كل القوى الوطنية والاجتماعية بمختلف توجهاتها السياسية والفكرية وأيضاً على الجميع تغليب المصلحة الوطنية العليا وتقديم المزيد من التنازلات لبعضها البعض من أجل المصلحة العامة….. إلى التفاصيل:
في مخلتف شعوب ودول العالم وعبر تجارب الحروب والغزو والعدوان على سيادة أي دولة تنتهي كل الحروب بمصالحة تجمع أبناء الدولة المعتدى عليها، وفي حالة اليمن لا بد من الحوار عاجلاً أم آجلاً، كما لا بد من المصالحة الوطنية اليوم أو غداً ولن يتوقف الحصار والعدوان على بلادنا والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية اليمنية من السعودية ودول العدوان إلا إذا تم التوافق على المصالحة الوطنية، لأن المصالحة والسلام الداخلي أساس القوة القاهرة للعدوان.. هذا ما ألمح إليه الدكتور عادل غنيمة – أستاذ العلوم السياسية بجامعة عمران ، والذي قال: ان الاعتراف بالمصالحة الوطنية هو مدخل السلام وعلى القوى السياسية اليمنية ادراك خطورة الوضع في اليمن انسانياً واقتصادياً وسياسياً حيث اصبحت اليمن مطمعاً للدول الكبرى والصغرى نتيجة استغلالهم لحالة الانقسام المجتمعي والسياسي والتي عملت أسرة آل سعود على تعميقها وبعض دول التحالف الصغيرة التي لا تستطيع حماية ارضها وشعبها فأصبحت بين ليلة وضحاها من الدول الاستعمارية.. وأضاف إن كل الحروب في العالم لم تتوقف إلا بعد اقرار مبدأ المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية ولنا مثال على ذلك في الحرب الاهلية اليمنية في عام ١٩٦٢م وحتى١٩٧٠م، مشيراً إلى أن جرائم الابادة التي ارتكبت في اليمن لن تمر بلا محاسبة.. فالقانون الدولي كفيل بالملاحقة الجنائية الدولية للمتسببين فيها سواء كانوا من القيادات المحلية او الإقليمية او الدولية.
دونها بديل كارثي
وقال الدكتور غنيمة : اليمن تتعرض للعدوان والحصار للعام الثالث على التوالي، ومن المتوقع ان تشهد أكبر كارثة إنسانية من مجاعة بدأت بوادرها أوبئة وأمراض وكلها من صنع البشر سواء متوالية النزاع بين اليمنيين أنفسهم.. أو من قبل نظام آل سعود ودول تحالف العدوان المنضوين في صف المملكة، الذين يضمرون الشر لليمن واليمنيين، مشيرا إلى ان تغييب مبدأ المصالحة الذي يمثل مدخل السلام في اليمن يعني البديل الكارثي، الذي يحقق هدف العدوان المتربص باليمن، في انهيار مؤسسات الدولة التعليمية والصحية والخدمية والامنية وتجزئة اليمن من خلال قوى تعمل على اخلال الأمن ليس في اليمن فقط ولكن في المنطقة ويكون من الصعوبة القدرة على إيجاد دولة مركزية قوية قادرة على نشر السلام والمحافظة على امن دول الجوار وكذلك أمن الملاحة في البحرين العربي والأحمر الذي قد تسيطر عليه قوى إرهابية متطرفة تعمل على خلخلة الأمن والسلم العالمي في منطقة الخليج ومضيق باب المندب..
مبادئ تؤدي للمصالحة
بدوره يقول مطهر سعد الخميسي – محامٍ وعضو المجلس المحلي بمديرية الوحدة: إن الحلول الفردية من أي طرف كان ليست هي الخيار الأمثل لكن من خلال طرح المبادرات والرؤى التي من شأنها تعزيز روح التوافق ومناقشتها ومن ثم العمل على إعداد بنود اتفاق تحدد فيها خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها وأن توضع تلك البنود على ضوء مبدأ حسن النوايا، ففي ظل ذلك ستؤدي المصالحة الوطنية الى ترسيخ السلام الذي ينشده كل مواطن يمني وسيكون وفقا لإنهاء العدوان الظالم على بلادنا حتما، فتماسكنا وتوحيد كلمتنا في الداخل سيكشف العدو ، ويرى الخميسي أن تكون المصالحة الوطنية في تهيئة البيئة للسلام كأمر مهم وهي بداية النهاية لما نحن فيه وإخراج الشعب والوطن إلى بر الأمان، مع ضرورة توافر حسن النوايا لدى جميع الأطراف الوطنية والبعد عن العصبية بمختلف اشكالها سواء كانت حزبية او مذهبية او مناطقية او طائفية، وأن يكون هناك ايمان بأن الوطن ملك للجميع ، كما نسأل الله أن يلم شمل اليمنيين ويوحد كلمتهم وأن يوفقهم إلى سلام ينهي النزاع أو الاختلاف وأن يكون هدف الجميع حب الوطن والعمل من أجله .
طريق حل المشكلات
من جانبه يقول فؤاد الجرموزي – ناشط حقوقي : إن المواطن يحلم بمصالحة وطنية شاملة تجمع كل المكونات والأحزاب والقوى السياسية وتتبنى الحوار الذي تجعله الطريق إلى حل مشكلاتها وازماتها وتجعل من كتاب الله دستورا لها ومصلحة الشعب والوطن مرادها ومبتغاها، وتتخلى عن اهوائها ومصالحها الضيقة.
وقال الجرموزي: إنه مهما طالت الحروب وطال أهلنا الشتات والفراق فلا بد أن يأتي يوم يجلس فيه الفرقاء على طاولة واحدة ليوجدوا حلا وينزعوا فتيل الحرب ولغة الاقتتال ويتشاركوا في بناء هذا الوطن، وبالتالي نرى أن الحوار والصلح والاتفاق هو النتيجة الطبيعية والاخيرة لكل حرب أو خلاف يوصل البلد الى وضع من الضعف يغري العدو الخارجي في العدوان على سيادته.. داعيا الجميع لضرورة أن يعوا هذا ويسعوا إلي التلاحم والمصالحة لا إلى غيره.. فالحروب لا تترك إلا الدمار والخراب والفقر والمرض والجهل والتشريد والتشويه والإعاقة والبطالة ولن يكون هناك منتصر فيها، مشيراً إلى أن المصالحة الوطنية والحوار والصلح والتوافق وجمع الكلمة ووحدة الصف هي الواجب الديني الذي جاء ديننا الإسلامي الحنيف ليفرضه على عامة المسلمين بكتابه المبين ورسوله الأمين والذي ما دون ذلك هو خارج عن الاسلام وهو طريق الشيطان الذي يوصل الى جهنم وبئس المصير .
تطبيق المتفق عليه
أما عبدالعزيز صبرة – ناشط سياسي، فيبيّن أن مفهوم المصالحة الوطنية كبير وشامل ولهذا عندما نتحدث عنها فإننا لا نستثني أحداً، وبما أن القوى الوطنية المناهضة للعدوان هي التي تمتلك قرارها بيدها فالواجب عليها أن تهيئ الأجواء لها ولن يتحقق هذا إلا بتطبيق ما تم الاتفاق عليه عند تشكيل المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني بتطبيق قرار العفو العام ، وبذلك نستطيع زرع الثقة بين الطرفين والذي سيكون له أثر كبير في استقطاب باقي القوى التي تقف في صف العدوان ولو جزء منها ونحن نعول على الذين اصبحوا أكثر من يستهدفهم العدوان وهنا يأتي دور القوى الوطنية في استقطابهم وما يحدث في الجنوب سيكون دافعاً لهم للالتحاق في صف الشعب والوطن لمواجهة ورفض العدوان والحصار.. وهو أفضل لتعزيز تماسك المجتمع والجبهة الداخلية، وأضاف بالقول: يجب أن تكون هناك جدية ومصداقية وأن يترك المجال أمام حكومة الانقاذ لتعمل بالشكل المطلوب ونعول على الزعيم علي عبدالله صالح والسيد عبدالملك الحوثي في هذا لأنه عن طريقهما سيتقيد أبناء الشعب بتوجيهاتهما ورؤيتهما بكل تأكيد وأن لا يتركان المجال أمام بعض قيادات الصف الثاني ومعهم بعض الكُتاب والصحفيين فإن كل ما نعيشه من فرقة وشتات نجد هؤلاء هم السبب فيها وما يصدر من البيانات والتصريحات من المكونات والأحزاب التي تنفي على نفسها أي صلة بما يثيره بعض المنتمين إليها من زوبعات وشكوك وأوهام واتهامات بينية هم وراؤها ومصدرها وهذا ينعكس سلباً على المجتمع بشيء من العنصرية والمناطقية والطائفية والتعصب الحزبي الأعمى والضيق وتفقد المجتمع الثقة والمصداقية بالقيادات السياسية التي تحترمها وتجلها وتعقد عليها آمال تحقيق النصر والمصالحة الوطنية .
هدف وطني
ويقول صبرة: إن الإرادة لدى القوى الوطنية المناهضة للعدوان إذا لم تكن صادقة لا مع نفسها ولا مع الجماهير والوطن فلن نصل إلى المصالحة الوطنية وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية.. وان غياب المصداقية هي الثغرة التي سيتسلل منها العدون لتفتيتنا من الداخل.. لذلك فإن القوى الوطنية مطالبة بلجم أولئك النشاز حاملي معول الهدم والتخريب ومروجي الفرقة والانقسام والشتات ، منوهاً بأنه يجب عليها أولا التقيد والالتزام بالأطر الحزبية والتنظيمية ومرجعياتها الوطنية عن طريق تطبيق القانون الذي يجرم تلك الأخطاء والتصرفات خاصة في مثل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الوطن نتيجة العدوان البغيض ، وأشار إلى أن على هذه القيادات المعرفة بأن عقد الاجتماعات بعد إثارة الفتن لم يعد يجدي ما لم يكن المنهج والطريق والهدف وطنياً بحتاً خالصاً لله ومن ثم الوطن والتحلي بالثقة والإيمان في نفوس تلك القيادات والذي إذا تحقق ذلك أجزم بأن هذا التحالف الصادق سوف يمهد الطريق إلى مصالحة وطنية حقيقية شاملة لا تستثني أحدا.
واختتم الناشط السياسي صبرة حديثه قائلاً: إن توحيد الجبهة الداخلية سوف يؤتي ثماره في المصالحة وهي المخرج الوحيد فلا يوجد أفضل وأقوى وأنسب وأنجح حل لما نحن فيه سوى بالمصالحة الوطنية الشاملة التي لا تستثني أحداً لأن الجميع يدرك اليوم أن الحرب والخراب والدمار للأرض والفكر والإنسان لم يستثن أحداً خاصة بعد أن أصبح الجميع مستهدفاً حتى من غرر بهم وهذا يعتمد على الأطراف المناهضة للعدوان فإذا تم تطبيق العفو العام وما تم الاتفاق عليه فإن ذلك سيمهد الطريق أمام المصالحة الوطنية الشاملة وعليهم العمل بنفس الطريقة التي ينتهجها العدوان في الاستقطاب سواء كانوا جماعات أو أفراداً فالوضع الذي وصل إليه المغرر بهم يعتبر فرصة كبيرة لنا وما يحدث في الجنوب لكل من ينتمي إلى التجمع اليمني للإصلاح يعد فرصة كبيرة لاستقطابهم وكذلك الحال بالنسبة للحراك الجنوبي.
وحدة الصف
فيما قال الدكتور محمد قحوان – أستاذ إدارة الجودة الشاملة بجامعة عمران: اليمن على مر التاريخ ينشد أبناؤه السلام والوئام والتعايش السلمي، وفي هذه الفترة الحرجة من تاريخ اليمن تكالب عليه دعاة الشر من الداخل والخارج بقيادة رأس الشر السعودية وامريكا وهذا التكالب العدواني على اليمن اسهم بشكل كبير في شق النسيج الاجتماعي ، وظهر ذلك جلياً بانضمام بعض الخونة والعملاء والمرتزقة الذين يقاتلون إلى صفوف التحالف الشيطاني باسم حركات دينية وتنظيمات سياسية ومكونات اجتماعية من مختلف شرائح اليمن المرتهنين للمال السعودي المدنس وذلك بفتح جبهات حروب في أكثر مناطق اليمن لخدمة الاستعمار الإماراتي والسعودي والأمريكي وضحايا تلك الجبهات من المغرر بهم بالمال السعودي من أبناء الشعب اليمني، وما حدث في ميدي والمخا دليل واضح على انهم يخدمون التحالف الشيطاني بقيادة السعودية محور الشر في الوطن العربي .
وأكد قحوان أن القوى السياسية الوطنية في الداخل والخارج المناهضة للعدوان السعودي الامريكي تدعو الى السلام والحوار ووقف العدوان الغاشم على الشعب اليمني لإدراكها أهمية الحفاظ على وحدة الصف الوطني وبشاعة ما يرتكبه أبناء اليمن ضد بعضهم البعض وما تقوم به داعش في أكثر من محافظة دليل واضح على بشاعة الإجرام الذي ترتكبه الحركات التي تستلم الثمن من الخارج ، مضيفاً إنه لحرص القوى الوطنية الحرة المناهضة للعدوان بادرت بالدعوة الجادة للمغرر بهم إلى العودة لجادة الصواب واعلنت العفو العام عنهم ، وحذرتهم من الانجرار بعد قياداتهم التي ارتهنت للعمالة والخيانة والإرتزاق..
تهيئة
وهنا يقول الدكتور محمد :إن المصالحة الوطنية تنبع من الحس الوطني للقوى المناهضة للعدوان والحرص الشديد على توحيد الصف ولم الشمل وردم الشرخ الاجتماعي للمجتمع اليمني الذي خلفه العدوان السعودي الأمريكي وذلك عبر تأجيج الصراع والاقتتال الداخلي بين شرائح المجتمع اليمني، بدعوى المناطقية والعصبية والمذهبية والعشائرية وذلك بالدعم اللوجستي للعملاء والخونة والمرتزقة في الداخل والخارج..
مشيراً إلى أنه لقطع دابر العدوان السعودي الأمريكي على الشعب اليمني لا بد من تهيئة المناخ السياسي والاجتماعي والثقافي والإعلامي والاقتصادي والذي سيتحقق عبر إيقاف العدوان على الشعب اليمني، وبتوحيد الجبهة الإعلامية والجهود بين القوى الوطنية المناهضة للعدوان ، وأيضاً العمل على ترشيد الموارد الاقتصادية لسد الحاجات الأساسية مثل(الراتب)، والدعوة الجادة من جميع القوى في الداخل والخارج لمصالحة شاملة لا تستثني احداً إلا من ارتكب جرماً في حق الشعب اليمني ، مع توفير إشراف أممي محايد ونزيه وحريص على المصالحة الوطنية الشاملة، إلى جانب توفر القناعة التامة لدى جميع القوى للمصالحة الوطنية كمخرج وحل للمعضلة التي أرقت الشعب ، وكذا إيقاف تجار الحروب والمستفيدين منها ونبذ الأنانية وحب الذات من جميع القوى في الداخل والخارج.
وتابع حديثه قائلاً: انه يشترط لأن تكون أرضية المصالحة الوطنية وتقوم على مبدأ أن الوحدة اليمنية أساس المصالحة الوطنية، وأيضاً استقلال القرار السياسي اليمني، وعدم الارتهان لقوى الاستكبار العالمي، وأن يكون الحوار “يمني يمني” ، مع نبذ العصبية والمناطقيه والمذهبية والعشائرية، والذي إذا تحقق كل ما سبق يمكن ان يكون هناك مخرج نهائي لما يعاني منه الشعب اليمني بجميع فئاته السياسية والاجتماعية والثقافية.