أمنيات ” شيطانية “..!!
محمد أحمد الحاكم
لم يكن لقرن من الزمن مضى نصفه الأول وهو مرتحل بكل أتراحه و أفراحه , ويبدأ النصف الآخر منه في قلوب البعض من أبناء هذا الشعب أي معنى يذكر..!! إلا أنه كان في غالبية القلوب المتبقية من هذا الشعب معنى آخر استشعروا فيه قيمته مكانته هذا الوقت , إذ أنهم استشعروا بجلاء كيفية الصورة الحقيقية لفترةً خلت , تجسدت فيها روحية شعباً يمنياً جنوبياً عاش حراً مستقلاً بعد أن رمى من على كاهله براثن الذل والأهانة , والعبودية والاسترقاق , لطالما أسقاه الاستعمار الأجنبي مرارتها طيلة أكثر من قرن ونيف من الزمن.
وعلى الرغم من أن تلك الحقبة قد عبرت لنا كيفية التلذذ بمعاني الحرية التي لطالما تجشم من أجل تحقيقها الأحرار من شرفاء هذه الأرض ممن عانوا مرارة الألم والعذاب و الاضطهاد كي يصلوا إلى مرافئ الحرية و الاستقلال الذاتي و المعنوي , إلا أنه بدأنا نرى ملامح ذاك الاستعمار تلوح في الأفق من جديد , ليخبرنا الزمن بأن شبح ذاك الاستعمار سيعود من حيث انتهى به المقام و الوجود في هذه الأرض , ويؤكد لنا أيضاً بأنه سوف يسوس أبناء هذه الرقعة الطاهرة كما ساس أجدادهم من قبل عشرات العقود من الزمن.
لقد شكل جنوب الأرض اليمنية وما تزخر به من خيرات لا نظير لها , حلماً لم ينفك الاستعمار للحظة واحدة من أن يتلذذ شوقاً في العودة إليها , فها هو الآن يدفع بكل ثقله في أن يحقق حلمه الشيطاني باحتلالها , عودةً ملئت بنفسيةً شرهةً لا ينضب ولا ينقطع مداها , ورغبةً جامحة في الاستئثار بكل شبر فيها , ولا مكان لأحد كان صغيراً أو كبيراً بأن يفكر في مشاركة هذا الاستعمار بهدف التنعم معه في خيراتها قليلها أو كثيرها.
لم يكن للاستعمار الأجنبي مكاناً و قدرة تمكنه من بسط يديه على الأرض اليمنية لعشرات العقود من الزمن , لو لم يكن للمرتزقة من حكام وسلاطين ذاك الزمان دوراً رئيسياً و مهماً ساهموا إن لم يكونوا على إثر ذلك الدور قد أثروا بسخاء منقطع النظير في تسهيل و تمكين لا حدود له من البسط و الاحتلال طيلة تلك المدة , فكانوا سيف الاستعمار المسلط على رقاب الشعب بلا رحمة, واليد والقدم التي لا تكل ولاتمل في خدمته ليلاً ونهاراً, خدمة لطالما أسقت هذا الشعب مرارة القهر والطغيان والاستعباد , حتى تمكنوا من إسكان في قعر قلوب هذا الشعب الخوف والذل والارتهان , خدمة ظلت على الدوام تجتث من هذه الأرض كل ما سكن في باطنها واستقر في ظاهرها من نعم و خيرات لا تعد ولا تحصى.
وبناء على تلك الحال و بنفس جوهر الهدف و المقصد وما تمثل في مجمل حقيقتها كل أمنيات الاستعمار الشيطانية , نراهم في الآونة الأخيرة قد لجأوا إلى السعي بقوة وبنفس الآلية التي طبقوها في غابر الزمن , فنجدهم في بادئ ذي بدئ سيتذرعون بأوهن الذرائع التي تجيز لهم الدخول وبسط السيطرة على الأرض , وعلينا أن ندرك بأن ما تقوم به قوى العدوان الآن من حشد أكبر قدر ممكن من التنظيمات الإرهابية المختلفة من أنحاء العالم إلا ليؤكد لنا بأن ذاك الحشد ما هو إلا الذريعة الممكنة التي تجيز لهم الولوج بسهولة ويسر , كما أن ما يروجون له من وجود تناقضات فكرية و عملية تقوم على تشكيلها وإدارتها قوى العمالة الخليجية البديلة للقوى الاستعمارية الحقيقية ليس إلا توطيناً وتمكيناً لكيان يمني جنوبي مرتزق وعميل يؤدي نفس الدور والمهام التي أوكلت لنظرائهم العملاء من حكام و سلاطين الإمارات الجنوبية المجزأة ممن عملوا بكل تفانٍ مع المستعمر إبان فترة الاحتلال .
عموماً…. علينا أن نستوعب جسامة تلك الأمنيات وما تحمله في جنباتها من مخططات شيطانية , تدأب هذه القوى على تنفيذها وإتمامها في أتم صورة وعلى أعلى جهوزية , وعلينا أن ندرك مجدداً بأن ما يدار ونشاهده من حولنا من أحداث ومجريات مختلفة تؤكد لنا تماثل الرغبة الاستعمارية الجديدة في تحديد فترة المكوث والبقاء والسيطرة على هذه الأرض, مع نفس الفترة التي مكثت فيها القوى الاستعمارية القديمة , والتي وصلت إلى حدود ثلاثة عشر عقداً من الزمن , وما يدلل على واحدية تلك الفكرة والهدف هو قيام عملائهم من المرتزقة بتأجير سقطرى للقوى الاستعمارية لمدة قرن من الزمن, أضف إلى ذلك ما يقومون به من بناء وتشييد قواعد عسكرية مختلفة في أغلبية الجزر اليمنية المحتلة.