تصويب مسار الوحدة

 - 
مثلت الوحدة الوطنية استحقاقا وطنيا وقوميا اعادت لليمن مجدها وقوتها وعزتها ومكانتها الحضارية والتاريخية  .. كأبرز حدث تاريخي يتحقق في المنطقة العربية تتويجاٍ لكل نضالات شعبنا اليمني الوحدوي ضد
عبد الملك الشرعبي –

مثلت الوحدة الوطنية استحقاقا وطنيا وقوميا اعادت لليمن مجدها وقوتها وعزتها ومكانتها الحضارية والتاريخية .. كأبرز حدث تاريخي يتحقق في المنطقة العربية تتويجاٍ لكل نضالات شعبنا اليمني الوحدوي ضد التشطير بكل مساوئه وكوارثه وطي صفحةُ مظلمة من الصراع العبثي بين أبناء الوطن الواحد والذي استنزف معه كل إمكانيات ومقدرات البلاد.. وهلل الجميع مستبشرين باعادة تحقيق لحمة الوطن ولم شمل ابنائه بعد شتات وتمزق وصراعات استمرت طويلا والدخول في مرحلة جديدة اساسها دولة يمنية ديمقراطية موحدة تسود فيها قيم العدالة والمواطنة المتساوية وتنعم بالأمن والاستقرار واستعادت اليمن مكانتها المتميزة على مستوى المنطقة العربية وعلى الصعيدين الاقليمي والدولي .. لكن سرعان ما بدأت الاشواك تزرع في طريق دولة الوحدة واطلت الفتنة برأسها تنفث سمومها في الجسد الواحد من قبل طرفي المعادلة السياسية ( شريكي الوحدة ) وخصوصا بعد انتخابات 93 والتي جاءت نتائجها مخيبة لآمال الحزب الاشتراكي وتصاعدت التوترات بين صنعاء وعدن وفشلت وثيقة العهد والاتفاق في انهاء الاحتقانات القائمة وانتهت الامور باندلاع حرب صيف 94 ومبادرة اعلان الانفصال عشية الواحد والعشرين من مايو من قبل علي سالم البيض والتي شكلت الضربة القاصمة لمشروع دولة الوحدة .. لكن اليمنيين بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم هبوا من كل صوب للدفاع عن الوحده وانتصرت الارادة الوطنية وظلت الوحدة كهدف سام لجميع ابناء اليمن شامخة وعظيمة .. إلا ان حرب صيف 94 افرزت واقعاٍ جديداٍ على جميع المستويات السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وكان لها افرازاتها وتداعياتها الخطيرة على منجز الوحدة الوطنية من خلال محاولة الغاء الطرف الآخر -الشريك في الوحدة من الحياة السياسية والعامة وإقصاء وتسريح واسع للقيادات الجنوبية من الأجهزة المدنية والعسكرية والامنية وإعادة تشكيل المحافظات الجنوبية إدارياٍ وعسكرياٍ واغفال معالجة ما خلفته الحرب من قضايا وملفات حقوقية حتى أصبحت رأياٍ عاماٍ مهد لظهور الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية وغيرها من القضايا والملفات التي ادت إلى اهتزاز الثقة بالوحدة وظهور دعوات مطالبة بالانفصال مجددا وفك الارتباط.. كما كان للاخطاء والتجاوزات التي اعقبت الحرب تداعياتها ايضا على الصعيد الشعبي في اليمن عموما نتيجة الهيمنة والتسلط والاستئثار بالسلطة والثروة وعسكرة البلاد وتنامي مشروع التوريث ونهب المال العام واتساع رقعة الفساد في كل مفاصل الدولة .. وكلها اسباب وعوامل افرزت احتقانات شعبية واسعة وسخط عام في الشارع اليمني من اقصاه الى ادناه ..فخرج بكل شرائحه وتوجهاته الى الشارع مختلف المحافظات في ثورة سلمية شهد لها العالم وتصدرها الشباب الذين كان لهم الفضل الاول وكانوا هم الشرارة الاولى في الثورة الشبابية الشعبية السلمية مطالبين بالتغيير ورحيل النظام السابق واعادة الاعتبار للوحدة المسلوبة وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة اساسها الوحدة الوطنية بعد اعادة تقويم مسارها بشكل صحيح باعتبارها الضامن الحقيقي والأكيد لقيم الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية .. وتحقق حلم اليمنيين بالتغيير بفضل الثورة الشعبية التي نتفيأ ظلالها اليوم ..
ونستطيع القول اننا قطعنا خطوات هامة في مسار التسوية السياسية وفقا لتوجهات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية رغم التحديات الكثيرة التي واجهت ولا تزال تواجه عملية التحول السياسي ولعل أبرز ماتحقق حتى الآن هو إعادة هيكلة القوات المسلحة والامن والمعالجات الجارية لقضايا الاراضي والمبعدين في الجنوب والتئام مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يشكل اهم استحقاقات المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية والذي يعلق عليه اليمنيون أمالا عريضة في معالجة كافة المشاكل والقضايا الوطنية العالقة وعلى رأسها القضية الجنوبية التي يتوقف على حلها معالجة كافة القضايا الاخرى كما انها تشكل المرتكز والقاعدة الاساسية لتعزيز وتصويب مسار الوحدة الوطنيه ورسم خارطة طريق لمستقبل الوطن الواحد والدولة اليمنية الحديثة .. دولة النظام والقانون والامن والاستقرار .. دولة تسودها قيم العدالة والحرية والحقوق المتساوية لجميع ابنائها دون تهميش او إقصاء للآخر او الاستئثار بالسلطة والثروة من طرف اوفئه .. وذلك ما يؤمله اليمنيون اليوم وخرجوا لأجله في ثورتهم الشبابية الشعبية السلمية ..
وندرك يقينا ان الوحدة الوطنية – ورغم التصدعات والاخطاء التي رافقتها طوال السنوات الماضية ستظل راسخة وقوية وشامخة شموخ جبال اليمن وخطاٍ احمر لكل من يحاول النيل منها او اجهاضها للعودة الى التشطير مرة اخرى من خلال الدعوات المازومة والمريضة من قبل بعض المأجورين المتمترسين وراء اجندات خارجية لن يحققوا مآربهم واهدافهم العقيمة لان شعبنا يدرك اليوم اكثر من أي وقت مضى ان التشضي والانقسامات لا يقود الا الى مزيد من الضعف والوهن في وقت نحن فيه في امس الحاجة للتوحد ولم الشمل لمواجهة التحديات والأعاصير التي تحدق بالوطن والوقوف صفا واحدا للحفاظ على منجز الوحدة وصيانتها من أي محاولة لاختراقها لان فيها عزة الوطن وكرامة ابنائه وفي ظلها ستسود وتسمو قيم الحرية والعدالة والحقوق المتساوية للجميع بدون استثناء..

قد يعجبك ايضا