دمت .. موطن السياحة العلاجية الأول بلا منافس
كتب/ عبدالباسط النوعة
مضى الكثير من الوقت على آخر زيارة قمنا بها إلى مدينة دمت الواقعة إداريا ضمن النطاق الجغرافي لمحافظة الضالع وهي مدينة حباها الله بميزة طبيعية قلما تجدها في مدينة غيرها وهي الحمامات الطبيعية المنبعثة بقوة من باطن ا?رض بدون مواد أو وسائل حديثة، وتزين هذه المدينة السياحية التي تحن إليها كل القلوب والأجساد المتعبة والمنهكة والتي تجد دواءها وشفاءها في هذه المدينة عبر حماماتها الكبريتية المنتشرة في أرجاء عديدة من المدينة والتي تنبعث تلقائيا من باطن ا?رض .
أتذكر جيدا تلك المخاوف التي راودتني وأنا أقف حائرا أمام تلك الأدخنة المنبعثة من أحد تلك الحمامات عندما قصدنا مع مجموعة من الزملاء هذه المدينة للاستحمام والاستشفاء فقد كنت خائفا من حرارة تلك المياه التي سببت تلك الأدخنة وبالفعل عند نزولي لم أستطع التحرك ولكن سرعان ما تأقلم جسدي مع تلك المياه وظللت فيها مدة طويلة ولولا إلحاح زملاء الرحلة بضرورة المغادرة لوددت الجلوس لأوقات أطول ولساعات عدة.
الحرضة الكبرى
ولعل تلك الفوهة الكبيرة للبركان الخامد يعد بمثابة التاج الذي يزين دمت ويميزها وهي أبرز معالمها السياحية ومزاراتها التي لابد لكل من يزور دمت أن يصعد إليها إلا من لديه خوف من صعود الأماكن الشاهقة حيث لا يمكن الوصول إلى فوهة البركان الواسعة إلا عبر سلم حديدي شاهق الارتفاع وطويل للغاية .
برغم أن دمت كانت من الأماكن التي تضررت بفعل المواجهات التي دعمها العدوان إلا أن أبطال الجيش واللجان استطاعوا ومنذ وقت مبكر تأمين دمت وبفضلهم يمكن لأي شخص يبحث عن السياحة العلاجية أن يزورها وييستشفي بحماماتها الكبريتية الحارة والممتعة .
حمامات ثمانية
وتذكر المصادر أن دمت سميت أو اشتهرت لدى الناس باسم (حمام دمت) لكثرة حماماتها الطبيعية الصحية المنتشرة في كل أرجائها والتي يصل عددها إلى ثمانية حمامات هي (حمام الأسدي -حمام الدردوش – حمام الحسن – حمام الديوان حمام الحساسية أو كما يسميه بعض أهالي دمت (حمام الجرب) – حمامات البربرة العليا والبربرة السفلى – حمام العودي – سبع عيون تتدفق من الحرضة الكبرى).
وبحسب الجيولوجيين والمختصين بالتغيرات الجغرافية والتضاريسية فإن حمامات دمت تتميز بدرجة حرارتها العالية إضافة إلى وجود معدن الكبريت المختلط معه بنسبة كبيرة إضافة إلى وجود نسبة كبيرة من الغازات الطبيعية المتغلغلة في أعماق الحوض المائي لدمت مما يؤدي إلى قذف المياه بشكل طبيعي. وتحتوي مياه دمت الكبريتية الحارة على نوع من الكالسيوم والبيكربونات والكلورايد كما يحتوي كل لتر ماء على 2جم و900ملجم من ثاني أكسيد الكربون الحار في المتر الواحد إضافة إلى عدد من المواد المعدنية النادرة .
أمراض تشفى
وتؤكد الدراسات التي أجريت على هذه الحمامات ومنها دراسة لمجموعة من الخبراء التشيكيين والتي أوضحت الفائدة العلاجية لحمامات دمت بمياهها الكبريتية لأمراض الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والمسالك البولية عن طريق الشرب كما أن الاستحمام يفيد في علاج المفاصل وأمراض الدورة الدموية والجهاز العصبي ولعدد من الأمراض الجلدية من الحساسية والجرب وغيرها .
معالم تاريخية
كما تزخر دمت بالعديد من المعالم والمواقع التاريخية والأثرية التي تعود إلى حقب تاريخية مختلفة وما تزال هناك معالم ومآثر مشيدة شاهدة عيان على حضارة أمة ضاربة بعروقها في قلب التاريخ .
من تلك المعالم القلعة التي تقع فوق جبل يطل على دمت القديمة والتي تبعد ما يقارب (2) كيلو عن مركز مدينة دمت ، والقلعة كانت نقطة مراقبة وحماية لتأمين سير القوافل التجارية.. وتعرف بقلعة عامر نسبة إلى السلطان عامر عبدالوهاب ، القلعة تعرضت للإهمال واندثرت أجزاء كبيرة من معالمها عدا القليل من المآثر ما تزال شاهدة عليها
أيضا من المعالم الأثرية في دمت (جسر عامر عبدالوهاب) مايزال بحالة جيدة ويستخدم حتى الآن ويعود أيضا إلى عهد الدولة الطاهرية كما أن الجهات المعنية قامت قبل سنوات بصيانته وترميمه ويمكن أن تمر فوقه سيارات دون ان يتأثر، والجسر صمم بشكل هندسي متميز ودقيق وهو ما يكشف ما وصل إليه الطاهريون من إتقان ودقة في التصاميم الهندسية، وبارتفاع على وادي بنا بطابقين تقريباً.