كلينتون وآل سعود.. تاريخ من الدعم تنتظر الرياض ثمنه

لم يعد خافيًا على أحد أن هناك علاقات وطيدة بين آل سعود والمرشحة الأمريكية للانتخابات الرئاسية، هيلاري كلينتون، فالتصريحات التي كان يطلقها منافسها في الانتخابات وخصمها السياسي، دونالد ترامب، لم تعد مجرد شائعات يسعى من خلالها إلى جذب أصوات مؤيدي كلينتون، بل باتت حقيقة محسومة لا تقبل الشك.
السعودية وكلينتون.. تاريخ من الدعم
مع اقتراب الانتخابات الأمريكية الرئاسية تتصاعد المنافسة بين المرشحين الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية هيلاري كلينتون، ويخرج إلى العلن المزيد من التقارير السرية التي تكشف الداعم لكلا الطرفين، فمنذ انطلاق الحملات الانتخابية للمرشحين انطلقت الاتهامات التي وجهها ترامب إلى كلينتون، والتي أكد فيها تلقيها دعمًا أجنبيًّا، وهو الأمر الذي يُعد غير قانوني في الولايات المتحدة، حيث لا يجوز لأي من المرشحين الحصول على دعم مالي خارجي من أجل التأثير على نتيجة الانتخابات.
تصريحات ترامب بشأن تلقي كلينتون الدعم الخارجي لم تقف عند حد اتهامات أو شائعات يطلقها المتنافسون لجذب الأصوات المؤيدة لهم وفضح المرشح المنافس، لكنها تأكدت بالعديد من التقارير والتسريبات، حيث نشر موقع “ميدل إيست آي” في يونيو الماضي، مقالًا عن وكالة الأنباء الأردنية “بترا”، قال فيه إن المملكة العربية السعودية هي الممول الرئيسي للحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون، ونقل الموقع عن الوكالة الأردنية تصريحات خاصة عن ولي ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، قال فيها إن المملكة لم تبخل طيلة السنوات الماضية بالدعم المالي للحملات الانتخابية الخاصة بالحزبين الديمقراطي والجمهوري، وجريًا للعادة تتكفل المملكة بدفع 20% من تكلفة الحملة الدعائية لمرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الجديدة، في حين أن بعض القوى الفاعلة في البلاد لا تثمن هذا الدعم الموجه إلى المرشحة بوصفها امرأة.
كما يتجلى الدعم السعودي لحملة كلينتون في حجم العقود التي أبرمتها وزارات وهيئات رسمية سعودية مؤخرًا مع شركات العلاقات العامة والضغط السياسي، أو ما يُعرف باللوبي الذي ينشط كثيرًا في الحملات الانتخابية، وتبين أن أغلب الشخصيات في هذه الشركات هي التي تحضر بقوة في حملة كلينتون، وهي شخصيات عملت في طاقم إدارة بيل كلينتون في التسعينيات، وساعدت هيلاري في حملتها الانتخابية للرئاسة عام 2008م، وخلال حملاتها الانتخابية للكونجرس عن ولاية نيويورك بين 2000 و2009م.
لم يكن الدعم السعودي لكلينتون في الانتخابات الرئاسية لعامي 2008 و 2016م الرابط الوحيد بين “أل كلينتون” و”أل سعود”، فالعلاقة بين العائلتين تاريخية، تعود الى بداية التسعينيات، وعمل على تطويرها سفير السعودية الأسبق لدى واشنطن، بندر بن سلطان، إبّان إدارة بيل كلينتون، ففي عام 2008م تبرعت السعودية بمبلغ 10 ملايين دولار، ومبلغ 25 مليون دولار لمؤسسة كلينتون الخيرية التي كان يرأسها زوجها والرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية بيل كلينتون.
وفي عام 2012م كشفت الصحافة الأمريكية عن تلقي “هيلاري كلينتون” هدية باهظة الثمن من الملك السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، خلال زيارتها الرياض في 30 مارس 2012م، حيث كانت الهدية عبارة عن طقم مجوهرات من الذهب الأبيض والماس والياقوت، قدر قسم البروتوكول في وزارة الخارجية آنذاك القيمة بنصف مليون دولار، إضافة الى هدية تلقتها خلال نفس الزيارة من ولي العهد آنذاك الأمير “سلمان”، هي عبارة عن تمثال من حصانين ذهبيين قدّرت قيمته بنحو 6,700 دولار.
لماذا تفضل السعودية كلينتون على ترامب؟
لا شك في أن النظام السعودي يفضل وصول “كلينتون” للبيت الأبيض وليس “ترامب”، وذلك لعدة أسباب تتعلق كلها بالمصالح السعودية أولًا، فالعلاقات بين أمريكا والمملكة متوترة إلى حد كبير خلال الفترة الماضية، خاصة منذ بداية العام الحالي نتيجة للخلافات بين الطرفين في الشأن اليمني والسوري، فضلًا عن محاولات تقارب أمريكا من إيران التي تعتبر العدو اللدود للرياض، وانتهاءً بقانون جاستا الأمريكي الذي أقره الكونجرس مؤخرًا، ويسمح بمحاكمة مسؤولين سعوديين، الأمر الذي جعل المملكة تعول على فوز “كلينتون” لضمان تحسّن العلاقات الأمريكية السعودية، خاصة مع وجود بعض الملفات العالقة التي تنتظر رئيسًا أمريكيًّا جديدًا يبت فيها، وأولها قانون جاستا الذي تأجل البت في إمكانية تطبيقه إلى ما بعد الانتخابات، كما تأمل المملكة أن تكون “كلينتون” صديقة وفية كما كان زوجها والرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية بيل كلينتون، وتغير سياسات أوباما التي فرضها خلال الفترة الأخيرة من ولايته، وخصوصًا تعاونه مع إيران.
من الأسباب القوية التي تجعل آل سعود متمسكين بخيار دعم كلينتون أن منافسها الجمهوري “ترامب” يجاهر علنًا بخلافه مع الرياض حول ملفات المنطقة، وأعلن سابقًا أن “السعودية بالنسبة إليه كالبقرة الحلوب، متى جف حليبها سيذبحها”، إضافة إلى علاقاته الوثيقة بروسيا وإعلانه دعم النظام السوري بقيادة بشار الأسد، كما أن الدعم السعودي لكلينتون على اعتبار أنها مرشحة لنفس حزب “أوباما” يأتي في الوقت الذي تدهورت فيه علاقات المملكة بالعديد من الدول العربية والإسلامية، مثل سوريا والعراق ومصر وإيران ولبنان، الأمر الذي دفع المملكة إلى التمسك بالحليف الوحيد المتبقي معها والداعم القوي لسياسته.

* نقلاً عن موقع البديل المصري

قد يعجبك ايضا