عبد الوهاب شمهان
إن الكتابة المتواصلة عن القطاع السياحي له دوافعه الإنسانية التي تعلوها الدوافع الوطنية وما يتعرض له الوطن من عدوان تجاوز كل القيم والأخلاق والدين والعروبة والإنسانية عبر كل الوسائل العسكرية والإعلامية والدبلوماسية والأممية ومن ثم كان لزاما العمل في ظل العدوان على متابعة الأضرار السياحية وأثرها على القطاع السياحي والاستثمارات السياحية وعلى الاقتصاد الوطني وهذا ما يحاول الكثير البحث فيه إلا أن استمرار العدوان يمنع الوصول إلى المواقع المتضررة.
وفي ورقة عمل لوزارة التخطيط والتعاون الدولي المشارك بها في المؤتمر الوطني الموسع للجامعات اليمنية والقطاعين العام والخاص ذكر فيها أن عدد المنشآت السياحية المتوقفة عن العمل كنتيجة من نتائج العدوان بلغت خمسة عشر ألف منشأة متنوعة ( منشآت فندقية ومنشآت الطعام والشراب – بوفيات- وشركات ووكالات السياحة والسفر والنقل السياحي إلخ ) فإذا كان في كل منشأة متوسط العمالة عشرة أفراد سيكون مجمل المتوقفين عن العمل مائة وخمسين ألف عامل وإذا كان كل عامل يعول ثلاثة أفرد سيكون مجمل من فقدوا مصادر رزقهم أربعمائة وخمسين ألف فرد وبهذه الحسبة البسيطة تبرز أهمية القطاع السياحي في تشغيل العمالة وفي التخفيف من الفقر وللأسف دائما وكما هو معتاد يظل موقع القطاع السياحي الإنتاجي الاقتصادي الفاعل في نظر بعض الأكاديميين مجرد خدمات عادية ليست بحاجة إلى الاهتمام والإنفاق وأنها تحصيل حاصل ولدى فئات أخرى عمل غير لائق ومن الخدمات التي لا ينبغي العمل فيها فلايرون فيها قيمة وإن تحدثوا عنها فإن أقوالهم لا تتوافق مع أفعالهم ونبتعد عن هذه الإشارة المؤلمة التي تعمل على تفكيك أكبر قطاع يمكن أن يخدم اليمن بعد أو قبل النفط فالنفط له نهاية لكن هذا القطاع باق ومستمر ما بقي الإنسان على وجه الأرض وما بقيت الحياة لندخل في أساسيات يجب التذكير بها في هذه العجالة فاذكر نفسي وأساتذتي الأجلاء ببعض المفاهيم السياحية الدولية المعتمدة من المنظمة العالمية للسياحة فلازال يوجد حتى اليوم من يتجاهل مفاهيم السياحة ومنها السياحة الداخلية التي تردد من قبل أكاديميين وهو السبب الرئيس لطرح المفاهيم للمراجعة والتذكير وعلى النحو الآتي :
– السياحة الوافدة : هي سياحة الزوار غير المقيمين داخل الإقليم الاقتصادي للبلد المرجعي
– السياحة المحلية : هي سياحة الزوار المقيمين في نطاق الإقليم الاقتصادي للبلد المرجعي
– السياحة الخارجة : هي سياحة الزوار المقيمين خارج الإقليم الاقتصادي للبلد المرجعي.
– السياحة الداخلية : هي سياحة الزوار المقيمين وغير المقيمين داخل الإقليم الاقتصادي للبلد المرجعي أي أنها تشمل السياحة الدولية الوافدة زائدا السياحة المحلية، فكيف يمكن العناية بالسياحة الداخلية وهي تفقد أحد عناصرها المهمة السياحة الوافدة وهو تعبير يقود إلى إهمال التركيز على السياحة المحلية ويعطي بيانات ومعلومات خاطئة وللأسف استخدام المفهوم حتى من ذوي الاختصاص .
– السياحة الوطنية : هي سياحة الزوار المقيمين داخل الإقليم الاقتصادي للبلد المرجعي وخارجه .
ومن ثم فإن مفهوم السياحة الداخلية لايعبر عن السياحة المحلية التي هي بحاجة إلى خطة وبرامج عمل تساعد على إنعاشها في ظل وجود الأمن والاستقرار وتوافر الخدمات والتسهيلات والأنشطة والفعاليات ومراكز التسوق والحدائق والمتنزهات وأماكن الترفيه والتراث والموروث الشعبي من الفنون والأزياء والتراث الشفاهي والمادي . وكما هو محدد في التعريف وإن تكرر الإشارة إليه فالسياحة الداخلية يقصد بها السياحة الدولية الوافدة + السياحة المحلية أي الزوار غير المقيمين والزوار المقيمين ومع ذلك يكون الخلط وبإصرار فتصدر التوصيات والبيانات مثلا بضرورة الاهتمام بالسياحة الداخلية كبديل للسياحة الوافدة وهنا يحدث تغافل كامل لمكون السياحة الداخلية المشار إليه ومن ثم تغييب الاهتمام بالسياحة المحلية، والأصح القول بضرورة الاهتمام بالسياحة المحلية وليس الداخلية وهذا الخطأ يظهر جليا في وضع كوضع السياحة في بلدنا المحاصر الذي من خلاله يمنع الزوار غير المقيمين من زيارة اليمن وحتى أبناء البلد وبذلك لاوجود للسياحة الداخلية أصلا في هذا الظرف ويستمر الكل في ذكرها والحديث عنها كبديل عن جهل أو عدم اهتمام . وللأسف يستمر الأخذ بهذه المفاهيم بشكل خاطئ وبشكل جدي وإصرار كبير على صحته من أصحاب القرار دائما عند الحديث عن السياحة المحلية باستخدام لفظ أو مسمى السياحة الداخلية .
إن قطاع السياحة في الجمهورية اليمنية معتمد ضمن القطاعات الاقتصادية الإنتاجية الواعدة ومع ذلك في التطبيق العملي والفعلي لا يعمل بهذا التصنيف بشكل دائم ومستمر وكحالة متعارف عليها لكنه يعامل كقطاع خدمي مما يهمش فاعلية القطاع ويحذف حقه من الاهتمام والرعاية وينظر إليه كعالة على الموازنة العامة وتتنصل الحكومات من تقديم الدعم والرعاية التنموية والإعداد والتهيئة للاستثمار السياحي وتستبعد كل مشاريع ترتبط بنمو هذا القطاع وتطويره من موازنة وزارة السياحة وهي في الأصل لا تشكل عملا استثماريا في بنية المنشآت لأن الاستثمار في البنية الأساسية الفوقية للسياحة متروكة للقطاع الوطني الخاص والاستثمارات الوطنية والخارجية فهو خارج إطار الوزارة .
–إن قطاع السياحة من القطاعات الاقتصادية المساهمة في الناتج المحلي حاليا بما يقارب أو قارب الوصول في السنوات السابقة إلى نسبة 3% من الناتج المحلي مما أسهم في تشغيل آلاف العمال وفتح العديد من فرص العمل وساعد على نمو وتطور المهن السياحية والمهن المرتبطة بها وفي إطار تشجيع السياحة في كثير من البلدان يعتبر استهلاك السائح ومشترياته من الصادرات التي يستعيد فيها السائح ضريبة المبيعات عن مشترياته عند خروجه من أي من الموانئ الجوية أو البرية أو البحرية وهذا يشجع على مزيد من التسوق ورفد السوق المحلية والبنوك بالعملة الصعبة إلى جانب الإنفاق على الخدمات المختلفة والمنتجات الأخرى والتي تكون قيمتها خارج برنامج الرحلة وبذلك تتعدد أوجه إنفاق السائح التي يستفيد منها السائح وتضيف له المزيد من الاستمتاع برحلته وتكوين انطباع عام عن البلد وخدماته العامة وسلوك وتعامل شعبه ومدى تقبله للآخر وحسن ضيافته وكلما توسع النشاط زاد عدد السياح وكلما تكونت انطباعات جيدة كلما كسب البلد من السائحين مروجين لزيارته في أوطانهم والعكس .
السياحة عمل إنساني راق يعمل على تلبية احتياج الزوار كل حسب قدرته المالية دون تمييز في المعاملة والسلوك الإنساني المنضبط المساوي للجميع في نظرته وفي تقديم التسهيلات اللازمة وفي توفير متطلبات الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة مقابل ما يتم دفعه من قيمة مالية.
لازلنا في تفكيرنا العام الحكومي وحتى الأكاديمي والأهلي داخل الوطن بعيدين كل البعد عن التوجه نحو تنمية الصناعة السياحية واحترام العاملين في القطاع السياحي الذين يقع على عاتقهم الكثير من المسؤوليات الوطنية التي يقومون بها خير قيام لخدمة اليمن .
إن هذا الموضوع جدير بالاهتمام والعناية من قبل الجهات الحكومية المعنية والمرتبطة بعملية التنمية الشاملة والمحلية .