حجر : انتفاضة الشباب صورة حقيقية للفشل الاقتصادي

عبداللِه الخولاني –

عجيب حال التنمية في اليمن نتحدث عن ارتفاع دخل الفرد وأسر تعيش على مخلفات القمامة وفي أحسن الأحوال على الخبز والشاي أو علبة زبادي عبوة (200) جرام ونضع خططاٍ وبرامج لخفض

معدلات البطالة ونجد الجولات تكتظ بالعاطلين والمتسولين نرفع شعار مجانية التعليم ونكتشف أن

التعليم أصبح مثل أية سلعة يباع ويشترى أما الصحة والجسم السليم فالمستشفيات الحكومية دخلت

موسوعة غينيس للأخطاء الطبية حتى أصبح المريض يفضل الموت على أن يذهب للمستشفى

الحكومي مؤشرات تبكي العين دماٍ بدلاٍ من الدمع.
المتابع لعملية التنمية في اليمن يجد أن الدولة لا تملك خطة اقتصادية محددة مرت سنوات علي

عملية التحول الاقتصادي ونحن تائهون لا نعرف ماذا نفعل وأين نمضي نسمع عن مشروعات

استراتيجية ستحدث نقلات نوعية ومشروعات تستهدف محدودي الدخل لكن كل الأفعال تصب في

النهاية على العكس من ذلك فالعقل أصبح عاجزاٍ عن فهم ما يجري اقتصادياٍ حتى ما يحدث في

الندوات الاقتصادية هو كلام خاضع لمزاج اللحظة السياسية الراهنة.
ويقول الخبير الاقتصادي ووكيل وزارة المالية أحمد حجر : في ضوء إسقاط شروط ومقومات

ومعايير نجاح التنمية على واقع التطور الاقتصادي والاجتماعي في اليمن خلال العقد الماضي

نستطيع الحكم على مدى نجاح جهود التنمية في تحقيق أهم أهدافها من عدمه وذلك من خلال إبراز

اتجاه تطور أهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية خلال الفترة (2000 – 2012م) و ذلك من

خلال عدة مؤشرات أهمها تحقيق نمو اقتصادي حقيقي مرتفع حيث تظهر بيانات الحسابات القومية

أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي حقق معدل نمو سنوياٍ متوسطاٍ خلال الفترة (2000 – 2010م)

بلغ (5%) في ظل معدل نمو سنوي للسكان يصل إلى (3.05%) وذلك بما يسمح بتحقيق نمو

سنوي في متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الحقيقي بنحو (1.86%) ورغم أن هذا المعدل

قد يبدو مقبولاٍ اقتصادياٍ إلا أن ارتفاع معدل التضخم لأسعار المستهلك يجعله دون المستوى

المطلوب فمعدل نمو التضخم السنوي بأكبر من معدل تضخم تكاليف عناصر الإنتاج إلى جانب

ارتفاع معدل نمو السكان ادى إلى تراجع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح الحقيقي

بنسبة كلية تصل إلى (22.31%) وبمعدل سنوي متوسط يصل إلى (1.43%) وهذا ما يؤكد

حدوث تراجع حقيقي في مستوى معيشة الغالبية العظمى من السكان وخاصة أن معدل تضخم الغذاء

كان أكبر من معدل التضخم وهذا ما يجعل مستوى تراجع مستوى المعيشة للطبقات الفقيرة

ومتوسطة الدخل يتراجع بنسبة كلية تصل إلى (45%) ومتوسط سنوي يصل إلى (3.37%).
توزيع الثروة
وحسب بيانات مسح ميزانية الأسرة نجد أن (10%) من السكان الأشد فقراٍ لا يتجاوز ما يحصلون

عليه من الدخل القومي (3%) بينما (10%) من السكان الأعلى دخلاٍ يستحوذون على ما نسبته

(34%) وكون معدل التضخم لأسعار المستهلك أعلى من معدل التضخم لتكاليف عناصر الإنتاج في

ظل انخفاض معدل تراجع سعر تحويل الدولار إلى ريال وإلى حد ما معدل التضخم الخارجي خلال

هذه الفترة فهذا يعني أن جزءاٍ هاماٍ من الزيادة في الأسعار ذهب لصالح رجال الأعمال «الطبقة

الغنية» على حساب الطبقة العريضة في المجتمع وبالتالي زيادة سوء العدالة في توزيع الدخول

والثروة فإذا ما أضفنا إلى ما سبق التفاوت الكبير بين مناطق الجمهورية في توزيع الخدمات

الأساسية «كالتعليم والصحة» والعامة «كالمياه والكهرباء والصرف الصحي والطرق وخدمات

القضاء والأمن… إلخ» فسنجد التفاوت الكبير في توزيع منافع التنمية بين أبناء المجتمع. نجد أن

النتيجة المنطقية هي زيادة نسبة السكان تحت خط الفقر الأعلى من نحو (41.8%) عام 1998م

إلى ما يقارب (50%) عام 2010م كما تظهر البيانات أن متوسط معدل التضخم لأسعار التجزئة

بلغ خلال الفترة (2000 – 2010م) نحو (12%) وهذا ما أثر بشكل مباشر وواضح على مستوى

معيشة مختلف الشرائح وبالأخص الفقيرة منها وذات الدخول الثابتة والمنخفضة وهذا ما يؤكده

ارتفاع معدل التضخم للسلع الغذائية خلال نفس الفترة إلى (13.94%) وهذا ما أكده اتجاه مؤشر

متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح الحقيقي وهو ما يعكس عدم حدوث استقرار نقدي

واقتصادي حقيقي خلال هذه الفترة .
الهيكل الإنتاجي
يعتبر التغير في الهيكل الإنتاجي لاقتصاد ما لصالح القطاعات الحديثة ومتعددة الترابطات الأمامية

والخلفية للأنشطة الاقتصادية على حساب القطاعات التقليدية من أبرز مؤشرات نجاح التنمية من

عدمه حيث تظهر البيانات عدم حدوث أي تحسن يذكر في هذا المجال فقد ظلت نسبة مساهمة قطاع

الصناعة التحويلية ما بين (5.17%) عام 2000م و(6.55%) عام 2010م وذلك بسبب ارتفاع

مستوى الأسعار وليس حجم الناتج الحقيقي للقطاع وهذا ما تؤكده نسبة مساهمته في الناتج بالأسعار

الثابتة حيث لم يتجاوز (5.11%) عام 2010م وهو نفس مستوى عام 2000م وكذلك نسبة

مساهمة قطاع الكهرباء والمياه حيث ظلت طوال الفترة المدروسة دون (1%) وقطاع التمويل

والتأمين الذي ظلت نسبة مساهمته شبه ثابتة خلال هذه الفترة وفي حدود (2.9%) أما قطاع

الاتصالات فقد ارتفعت نسبة مساهمته من (0.74%) عام 2000م إلى (1.89%) عام 2010م

وهذا ما جعل الهيكل الإنتاجي ذا طابع تقليدي بحكم اتجاهاته ومستواه وتوزيعاته بين فئات المجتمع

ومناطقه الجغرافية حيث ظل قطاع الزراعة والغابات يساهم بما نسبته (12.1%) رغم استيعابه ما

يقارب (34%) من قوة العمل في حين لا يتجاوز العاملون في قطاع الصناعة التحويلية خلال هذه

الفترة (5%) من قوة العمل أما قطاع استخراج النفط والغاز فقد تراجعت نسبة مساهمته من

(31.5%) عام 2000م إلى (23.7%) عام 2010م بسبب تراجع كميات إنتاج النفط الخام كما

ارتفعت نسبة مساهمة قطاع تجارة الجملة والتجزئة قليلاٍ من (12.1%) عام 2000م إلى

(16.5%) عام 2010م وهكذا ظل هيكل الناتج أسير القطاعات غير المنظمة وذات الطابع

الإنتاجي التقليدي ومحدودية استيعاب قوة العمل أو فتح فرص عمل جديدة وهذا ما ساهم في تفاوت

توزيع الدخول وعدم توسع الطاقات الإنتاجية وتنوعها ومحدودية فرص العمل.
الفساد
ويؤكد حجر أن تفشي ظاهرة الفساد في مختلف مناحي الحياة وبالأخص في مجال القضاء والأمن

وإدارة الاقتصاد أدى إلى فقدان مناخ الاستثمار لأهم شروط ومقومات البيئة المناسبة لجذب

الاستثمار بل إن ذلك أدى إلى هروب الرأسمال المحلي إلى الخارج وبالأخص بعد وجود تحالف

قوي بين رموز فساد القطاع الخاص و بعض المسئولين الحكوميين والقوى الاجتماعية.
إدارة فاشلة
إدارة التنمية كانت فاشلة بكل المقاييس وعلى مختلف المستويات وذلك في ضوء مقومات التنمية

وشروطها ومقاييسها والكلام متروك لحجر مستدلا على ذلك هو ما أظهرته أحداث عام 2011م من

اختلالات أمنية واقتصادية واجتماعية… إلخ مثلت العوامل الرئيسية لانطلاق أحداث عام 2011م

وفي مقدمتها مشاكل الفقر والبطالة وعدم العدالة في توزيع الدخل والثروة والفساد والهجرة بل

والجريمة وعمالة الأطفال وتهريبهم وكلها مؤشرات للنتائج السلبية المترتبة على فشل إدارة التنمية

مما يجعل عملية وجود رؤية وطنية حقيقية وجادة للتنمية مهمة وطنية تقع على عاتق صناع القرار

قبل أن يؤدي التمادي في أخذ أولويات واحتياجات وتطلعات المجتمع بعين الاعتبار عند وضع

الرؤية المستقبلية للتنمية بدلاٍ من الاهتمام بأولويات وغايات شركاء التنمية.

قد يعجبك ايضا