من سرية حزام إلى تحالف الحزم (8)
اليمن وآل سعود
عباس الديلمي
ترى هل تذكّر بنو سعود أن أول سرية عسكرية نظامية شكّلتها دولتهم الأولى (1744م) قد وجهتها لاحتلال منطقة صبيا اليمنية بقيادة حزام العجماني.. وأنها فشلت في مهمتها العدوانية التوسعية، فاستلهموا من اسم قائد تلك الحملة تسمية عدوانهم الأخير في 26 مارس 2015م “عاصفة الحزم”؟!!.
لا يهمنا هذا الأمر بقدر ما يهمنا أن اعتداءاتهم وأطماعهم وأحقادهم على اليمن قد جعلت منهم العدو التاريخي لليمن (من سرية حزام إلى تحالف الحزم)، وأن تلك المملكة العائلية لم يسلم من أذاها جار من جيرانها بما فيهم دولة الكويت التي أوت مؤسس دولتهم الثانية طريداً لاجئاً، إلاَّ أن حروبها العدوانية قد حُصرت على جارها الجنوبي اليمن.
قلنا في ما تقدم أن للسعودية مثلثاً لا تقبل به، أضلاعه الثلاثة هي لا يمناً موحداً قوياً، لا يمناً معتمداً على موارده وثرواته، لا يمناً ممتلكاً لاستقلاليته وسيادة قراره.. ونضيف هنا بالقول: ولهذا فقد رأى بنو سعود أن الانتفاضة الشعبية التي شهدتها اليمن في 21 سبتمبر 2014م والتي فرّ من أمامها الرئيس التوافقي المنتهية ولايته، وكل الرموز والقوى المرتبطة بالنظام السعودي دون مقاومة أو مواجهة، فضلوا عليها الاستقالات والفرار نحو الرياض وتركيا.
رأى بنو سعود في ذلك خروجاً يمنياً أبدياً (من بيت الطاعة)، وسقوطاً سريعاً غير متوقع لمثلث اللاءات الثلاث التي أشرنا إليها..
فما كان منهم إلاَّ المسارعة وبرد فعل انفعالي طائش للبحث عن ذريعة لشن عدوان واسع وعنيف على اليمن يختلف –في الحشد والإنفاق والتدمير- عن كل حروب الاعتداءات السابقة.. فعملت مخابراتهم مع المتعاونين معها من الاستخبارات الدولية على تهريب الرئيس المستقيل من قصره في صنعاء إلى قصر معاشيق في عدن، ليعلن من هناك أنه قد تعرض لانقلاب عسكري (حوثي صالحي)، وأنه سيبدأ الزحف من عدن إلى أن يصل إلى جبال مران، وسيرفع العلم الجمهوري عليها.
ورأى بنو سعود أن ذلك لن يمكنهم من التدمير المبيت والمعد لليمن؛ لأن من سلَّم دار الرئاسة ومرافق الدولة بما فيها القيادة العامة للقوات المسلحة ورئاسة الأركان دون مقاومة ودون أن يقتل جندي أو شخص ممن زحفوا عليها، لا يستطيع الصمود في دار الرئاسة في عدن، فما بالنا بالوصول إلى جبال مران.
وهذا ما حدث، حيث فرّ كل المرتبطين بها نحو فنادقها، بعد أن أعدت العدّة مع حلفائها وشركائها التاريخيين (في أمريكا وبريطانيا) ومن ساقتهم إلى تحالفها العدواني لتدمير اليمن تحت شعار تحالف عاصفة الحزم ورفع قميص عبدربه أو الشرعية المزعوم الانقلاب عليها.
ويبدأ العدوان التدميري الذي سمع به الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي وهو في طريقه فاراً إلى سلطنة عمان، ومنها إلى مملكة بني سعود (حسب روايته لإحدى القنوات التي كُرست لمناصرة العدوان وخدمة نواياه..) بدأت حرب التدمير ولا شيء غير التدمير لكل ما له صلة ببناء الدولة في اليمن، والقضاء على ثورة شعبية رافضة للهيمنة والتبعية، وما ذريعة القضاء على الانقلاب وإعادة الشرعية، إلاَّ أضحوكة تدعو إلى السخرية أو إلى ضحك كالبكاء، وإلاّ هل سمعتم عن انقلاب يتم التصدي له بتحالف دولي، وشراء المواقف الدولية، واستخدام القنابل المحرمة دولياً، وقصف المزارع والمدارس والمستشفيات والمصانع والمساجد على امتداد خمسمائة وخمسين ألف كيلو متر مربع، ويحاصر شعب بأكمله، ويدخل هذا العدوان نصف عامه الثاني.. وغير ذلك مما يقود إلى السؤال القائل: هل هي عاصفة تحالفية للتصدي لانقلاب عسكري، أم للتصدي لإرادة شعب أراد الحياة الكريمة، ورفض الهيمنة والتبعية، كما يشهد بذلك صموده واستبساله الذي يشهده العالم.
… يتبع