مثقفون و” ربالات “
عباس السيد
أبغض الخيارات في شريعة الفيسبوك هي : الحظر ، أو إلغاء الصداقة في ، مثل ” أبغض الحلال ” . أعترف بأنني استخدمت هذه الخيارات ضد الكثير من أصدقائي ” الفيسبوكيين ” ، لكنني لم أفعل ذلك بناء على لقب الشخص أو هويته أو عرقه أو مواقفه السياسية . فقد أحرص على استمرار صداقتي مع شخص يختلف معي وينتقد مواقفي باستمرار ـ بموضوعية ، دون إساءة أو تجريح ـ ، وقد أقطع تواصلي مع شخص يلتزم الصمت أو الحياد المستمر ـ تجاهلا أو خمولا ـ ، أو مع من أشعر أنه يكمن في الصفحة كصياد ينتظر أي فرصة للإنقضاض عليك ، أو مع من تشعر أنه يعمل مثل كاميرا مراقبة مثبتة في صفحتك .
قبل أيام ، لفت نظري حضور الصديق الشاعر محي الدين جرمة في ” الفيسبوك ” من خلال تعليق له على منشور بالصفحة العامة . أستغربت غياب منشوراته عني منذ أكثر من سنة ، وحاولت أن أتذكر ما إذا كان قد دار بيننا “جدل فيسبوكي ” أدى إلى إلغائه للصداقة !.
ولأن معظم منشوراته كانت مقاطع شعرية من إبداعاته ، لم أتذكر سوى منشور أو إثنان ، شكا فيها من ضياع مستحقاته المالية عن عمله في موقع الاشتراكي نت الإخباري ، بسبب ما كان يصفه بـ ” قروية تعزية ” تسيطر على الموقع .
أستفزني ذلك المنشور ، لأنه عكس مزاجا مناطقيا ، لم أكن أتوقعه من شخص بمستوى محي الدين وثقافته الذي عرفته عن قرب خلال عملنا في بعض الصحف وفي الخيمة بساحة التغيير .
لا أتذكر إن كنت علقت على ذلك المنشور أم لا ، وحتى إن كنت قد علقت ، فلا أعتقد أنني قد قلت شيئا ينال من صديق شاعر مبدع ، أعتز به وأقدره كثيرا ..
دخلت صفحتة الصديق جرمه ، فوجدت أننا لم نعد أصدقاء .. مررت بمنشوراته ، وصدمني أحدها ، وقد كان أقتباسا على لسان شخصية روائية إسمها : ” عبده ربل ” من رواية ” أعتقد أنها له ” وهي بعنوان : حتى عريك ـ حجاب .*
لست هنا بصدد نقد الرواية ، ولا أعرف هل صدرت أم أنها لا تزال طور الكتابة ، ولم أقرأ منها سوى منشور في ثلاثة أسطر . لكن اختياره إسم ” عبده ربل ” لأحد أبطال روايته ـ وقد يكون هو بطل الرواية الأول ـ هي زلة تسيئ للمؤلف والثقافة ، أكثر من إسائتها لمنطقة يمنية كبيرة ، لا يمكن النيل منها بعمل أدبي ، حتى لو كان مؤلفه دستويفسكي أو شكسبير .
أنا هنا لا أدافع عن أبناء تعز ، ولا أعتبرهم ” شعب الله المختار في اليمن ” كما يرى البعض . فهم عندي مثل غيرهم من أبناء اليمن في ريمة وصعدة والمهرة وصنعاء ، يتأثرون بالبيئة والمجتمع وغيرها من الظروف . ولكني لست مع التعميم في إطلاق الأحكام والأوصاف ـ سلبية أو إيجابية ـ فكيف بالأحكام أو الصفات التي نمت كالفطر المندفع من التربة الأكثر قذارة .
يبدو أن الصديق والأديب محي الدين جرمة كان لديه أسباب كثيرة لقطع الصداقة وقطع كل ” الربالات ” . لا عليك صديقي محي الدين ، إقطع ما شئت ، فقد قيل قديما : ” إذا كان رب البيت بالدف ضاربا …. ” .
لقد سبقتك وزيرة الثقافة أروي عثمان ، التي حظرتني بعد إنتقادي لمنشوراتها التحريضية الطائفية والمناطقية ، مع أنني حاولت لفت إنتباهها إلى أن منشوراتها لا تليق بمثقفة ، بل بوزيرة ثقافة عليها أن تتجاوز بمواقفها كل الطوائف والمذاهب والمناطق والأقليات مهما كان حجم الإختلافات السياسية ..
ما بين الوزيرة أروى والأديب الصديق جرمة ، حظرني بعض الأصدقاء من المحسوبين على الثقافة والصحافة ، أو ألغوالصداقة . بعضهم ، كان يشعر بحساسية تجاه لقبي ، مع أنه لقب لعائلتي ارتبط بعائلتي منذ مئات السنين ، وذات مرة علقت على موقف للشاعر فتحي أبوا النصر ـ قبل أن يحظرني ـ قلت له ما معناه : السيد مجرد لقب ينبغي أن لا تتخذ مني موقفا بسببه ، فهل علي أن أحاسبك أنا على لقبك ” أبوالنصر ” .. ألم تحتكر أنت بلقبك هذا ” كل الانتصارات ” وحولتها إلى أبناء لك ؟ .
aassayed@gmail.com