من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية ؟

واشنطن/ وكالات
جاءت تبرئة المباحث الفيدرالية المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون تمهيداً لإعلان المرشح عن الحزب نفسه بيرني ساندرز عن دعمه الرسمي لها.
هذا الأمر يجعل من الضروري الوقوف على معاني هذا السيناريو، خصوصاً مع تقدم المرشح الجمهوري دونالد ترامب في السباق الرئاسي، وفق استطلاعات الرأي في الأسابيع الماضية.
ولكن، يبدو أن هناك ما يحاك في الميدان لوصول كلينتون إلى سدة الرئاسة الأمريكية، لتكون بذلك أول رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية.
فمع أن مصلحة العالم تتمثل في صعود ترامب، لأنه لا ينوي شن حروب دولية أو اعتداءات قد تهدد السلم العالمي، فإن كلينتون تلعب على وتر الإصلاح الداخلي والاقتصادي وفق مبدأ “مونرو”، وهو: أن الولايات المتحدة عليها أن تبدأ بنفسها قبل أن تتجه إلى الخارج. وهنا يكمن دهاء الحزب الديمقراطي اليوم. يريد أن يسوق لكلينتون على أنها مُصلحة اجتماعية واقتصادية وغير ذلك، متناسياً تلك المؤسسة التي أسسها زوجها بأموال وهبات من دول أخرى بحجة العمل الإنساني.
وفي هذا السياق، وقبل أن تتضح الرؤية حول من سيكون وريث الرئيس باراك أوباما: أهو الملياردير ترامب؟ أم كلينتون التي قد تحصد اللقب لتكون أول سيدة للبيت الأبيض؟ لا بد من معرفة مؤهلات الرئاسة الأمريكية،  وخاصة أن تلك المؤهلات تعتمد على السياسية والكفاءة والخطابة لاستقطاب الناخبين فضلا عن المال السياسي والتغطية الإعلامية. ويبدو أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2016م هي الأشرس في سباقات الرئاسة؛ إذ إن أي حدث أمريكي أو عالمي قد يقلب الموازين.
فقبل عدة أشهر، كان المرشح الجمهوري ترامب هو الأقوى من بين المرشحين، واليوم باتت المرشحة كلينتون فرس الرهان مع توقع فوزها لدعم ساندرز لها، حيث وعدته كلينتون بتعيينه نائباً للرئيس حال فوزها. ووصفت صحيفة الـ”واشنطن بوست” تأمين هيلاري كلينتون ترشيح الحزب الديمقراطي لها في انتخابات الرئاسة بالخطوة التاريخية، لتصبح بذلك أول امرأة تقود حزباً رئيساً في السباق نحو البيت الأبيض، وذلك بحصولها على عدد كبير من المندوبين اللازمين للحصول على هذا الترشيح.
وعلى الرغم من أن بعضًا يرى أن كلينتون تأخرت في دخول سباق الرئاسة ثماني سنوات، وعلى الرغم من توالي مسلسل الفضائح والهزات المتكررة لها، فإنها قوية تستند إلى دعم من الدول العربية الغنية، التي قيل إنها مولت حملتها الانتخابية. وإذا فازت كلينتون في الانتخابات الأمريكية، فإنها حتماً ستقوم بشن حرب في إحدى بقاع المعمورة وذلك لإرضاء حلفائها التقليديين وإخضاع الأوروبيين لسلطانها وإحياء مشروع الهيمنة الأمريكية الجديدة كقوة عالمية ليس لها منافس على الإطلاق.
ومع تقارب فرص كلا المرشحين في الفوز في السباق الرئاسي، فإن ما جعل مكتب التحقيقات الفدرالي يبرئ ساحة كلينتون هو ذلك الغزل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمرشح الجمهوري دونالد ترامب. وهنا لا بد من إدراك أن السلطات الأمريكية لن تسمح مهما استدعى الأمر بفوز مرشح يُظهر مساندة أو ميلاً لدولة عدوة مثل الاتحاد الروسي. وهذا يعني أن السلطات الحكومية الأمريكية ستبذل كل ما في وسعها للحيلولة دون فوز ترامب الذي قلب كل الموازين لمصلحته، وأقصى خصومه الجمهوريين من حلبة المنافسة على الانتخابات الرئاسية في السباق الرئاسي.
ووفق استطلاعات الرأي، فإن كلينتون حصلت على تأييد 50 % مقابل 41 % لترامب بين الناخبين المسجلين، وحققت تقدما ملحوظا ضد منافسها وزادت فرص فوزها من 3 نقاط في سبتمبر الماضي إلى 6 في ديسمبر 2015م، ليرتفع في نهاية يونيو إلى 9 نقاط، وفق الـ “واشنطن بوست”. كما أظهر أحدث استطلاع للرأي، أجرته وكالة “رويترز” ومؤسسة “إبسوس” “IPSOS” تم نشره في بداية يوليو ، أن كلينتون تتفوق على ترامب بعشر نقاط في السباق الرئاسي الأمريكي وهذا ليس بفارق كبير لأن النسبة تتغير كل يوم وفقاً لعدة معطيات على الساحة المحلية والدولية. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن تلك الاستطلاعات في الغالب تكون مسيَّسة.
ما الذي سيحدد من سيفوز في ظل طرح كلا الخصمين كلينتون وترامب بعض المجالات المختلفة لبعض أهم الموضوعات وآلية التعامل معها:
أولاً:  تقدِّم كلينتون استراتيجية من خلال التعامل مع “داعش” في العراق وسوريا من خلال زيادة الجهد الاستخباري، وزيادة الضربات الجوية، وشن حملة برية بقيادة  أمريكية وقطع تمويل “داعش” ومكافحة التجنيد عبر الإنترنت والحد من قدرة هذا التنظيم على اختراق الحدود الأمريكية أو التجنيد من داخلها. أما ترامب، فدعا إلى ترك روسيا تقاتل “داعش” من دون تدخل أمريكي، وفي وقت لاحق وبعد هزيمة هذا التنظيم يمكن للولايات المتحدة القيوم بأعمال عسكرية محددة ومحدودة.
ثانياً: تدعو كلينتون إلى العمل من دون نظام الرئيس السوري بشار الأسد والعمل مع حكومة انتقالية في الوقت الذي أعلن فيه ترامب عن قلقه إزاء ما سيأتي بعد سقوط النظام السوري وخصوصاً الرئيس بشار الأسد.
ثالثا: أكدت كلينتون أنّ منطقة الخليج العربي تُعدُّ ذات أهمية استراتيجية للولايات المتحدة، لذلك لا بد من وجود عسكري مكثف فيها. كما حثت على التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي عسكرياً وأمنياً. بينما يرى ترامب أن إيران يمكن أن تكون شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة، وأن على دول الخليج العربي أن تدفع ثمن حماية الولايات المتحدة لها، حيث قال في غير مناسبة إن على السعودية التعويض مالياً للولايات المتحدة ما دامت واشنطن تقوم بحماية مصالح الرياض.
وهنا لا بد من القول إن ليس كل ما يقوله كلا المرشحين سيترجم على أرض الواقع. كما أن الرئيس سواء أكان جمهورياً أم ديمقراطياً لا بد له من الانصياع لمؤسسة الحكم في الولايات المتحدة والتي ستحدد بدورها ما يجب أن تكون عليه سياسة الرئيس. إذ إن هناك أطرا عامة لا بد من أن يلتزم بها الرئيس الجمهوري أو الديمقراطي مهما تعددت شعارات كل منهما.

قد يعجبك ايضا