هموم ومآسٍ لا حصر لها
تعز ـ سلطان مغلس
حرم العدوان أبناء محافظة تعز من ممارسة طقوس رمضان كما جرت عليه العادة في كل عام، حيث تمتاز “تعز” بطقوس رمضانية نوعية، يمارسها سكانها في أيام شهر رمضان الفضيل عادات وتقاليد دينية وروحانية تجعل من هذا الشهر نكهة ربانية متميزة في نهاره وفي سمراته وفي كل أوقاته، غير أن العدوان الغاشم على بلادنا عموما وتعز على وجه الخصوص افقد سكان المدينة فرحتهم بهذا الشهر وحرمهم من ممارسة طقوسه وسلبهم نكهته المفضلة, فلم يعد السكان يشاهدون سوى طيران العدوان يحوم فوق رؤوسهم ليصطاد الأبرياء ويدمر كل شيء جميل، ويسمعون أصوات الصواريخ التي ترتكب المجازر.. “الثورة” نزلت الى مدينة تعز واستعرضت مع عدد من السكان طقوس رمضان هذا العام في المدينة في ظل
استمرار العدوان:
يقول الحاج عبالرقيب المنصوب” جاء رمضان هذا العام ولم نتمكن من استقباله أو حتى قضاء أيامه كما نفعل سنويا، العدوان أحرمنا وأحرم أبناء المحافظة من هذا الشهر الفضيل وعاداته وتقاليده وأيامه المباركة، الآن لم نستطع الخروج من منازلنا لشراء احتياجاتنا ولم نتكمن من الذهاب إلى الأسواق، كما أن معظم معالم المدينة تدمرت بسبب العدوان الغاشم، والأسواق شبه خالية والمساجد مغلقة وكل المتنفسات أصبحت مدمرة”.
هموم ومآس
ويضيف: استقبل أهالي تعز شهر رمضان بهموم لا حصر لها ومآسٍ لا يقوون على تحملها، فغلاء الأسعار ونقص المياه وانتشار الأوبئة، إضافة إلى القصف والاشتباكات المسلحة وانعدام الجانب الأمني وتعطل الأعمال كل هذه جعلت من رمضان في تعز لا طعم ولا نكهة له”.
ارتفاع الأسعار الجنوني
كان لغياب أجهزة الدولة الرقابية أثرا سلبياً على معيشة المواطنين لاسيما في هذا الشهر الفضيل مما ضاعف معاناة السكان وزاد من أوجاعهم وهمومهم، حيث استغل بعض التجار الغياب الشبه كلي لأجهزة الدولة الرقابية في رفع الأسعار بشكل جنوني، الأمر الذي جعل من حركة البيع والشراء تتراجع بشكل كبير والناس تعزف على شراء احتياجاتها.
يقول المواطن محمد الزعروي (60 عاما) : رمضان هذا العام جاء في ظل أوضاع صعبة عند المواطنين خصوصا سكان مدينة تعز، على رغم العدوان على المحافظة وعدم الاستقرار الأمني، أقدم التجار على رفع الأسعار وأضاف أعباء كبيرة على المواطنين، أنا وأسرتي لم نشتر شيء في رمضان لأننا فقراء واكتفينا فقط بمشاهدة السلع في الأسواق.
طقوس منعدمة
ومثله يتحدث عبدالخالق المحمدوي حيث أشار إلى أن الطقوس الرمضانية في تعز هذا العام تكاد تكون منعدمة، كانت هناك طقوس متميزة، منها الزيارات الليلة وكذا التسوق في العصر وكل الأوقات, وأيضا الشعوبية في الجحملية التي تحولت إلى ركام، وصلاة التراويح .
ويضيف: فوق كل هذا جاء ارتفاع الأسعار ومثل كارثة كبرى على المواطنين، وغياب الدولة وأجهزتها ضاعف المعاناة، المهم أننا نعيش أوضاعاً صعبة في رمضان هذا العام.
حملات رقابية
مدير عام مكتب الصناعة والتجارة بتعز الدكتور عبدالغني صالح قال: إن مكتب الصناعة والتجارة وجه بعمل حملات رقابية وتفتيشية على الأسواق وضبط التجار الذين يرفعون الأسعار ويتاجرون بأقوات المواطنين، ويشير إلى أن الحركة الشرائية في المدينة قلت كثيرا هذا العام بسبب العدوان وكذا نزوح المواطنين الكبير.. وأكد صالح أن دور مكتب الصناعة حاليا يسير وأن هناك معوقات كبيرة وكثيرة، ولكن نبذل حاليا قدر المستطاع وسنعمل على تجاوز كل الإشكاليات.
الأسواق .. شبه خالية
* الأسواق في داخل مدينة تعز تكاد تكون شبه خالية من المتسوقين والباعة المتجولين، بعد أن كانت المدينة تعيش حركة دؤوبة وازدحاماً كبيراً وخانقاً في مثل هذا الشهر الفضيل، وعن أسباب ذلك يقول الحاج عبدالقادر الصبري: يعود ذلك إلى العدوان وكذا الجانب الأمني الغائب تماما بالإضافة إلى حركة النزوح الكبيرة التي جعلت من المدينة تفرغ من السكان وانتقالهم إلى مناطق أخرى كالقاعدة والتربة والمحافظات المجاورة.. ويردف : أيضا غلاء الأسعار جعل الناس لا يخرجون من منازلهم إلى الأسواق لضعف القوة الشرائية وعدم قدرتهم على اقتناء احتياجات رمضان بسبب الغلاء وغياب الدولة.
الحوبان .. الحياة شبه قائمة
* أما منطقة الحوبان، فالحياة تسير فيها بشكل أفضل حالا من داخل المدينة حيث نزحت إلى هذه المنطقة التي تقع في نطاق الجيش واللجان الشعبية مئات الأسر, وهناك يقضي السكان طقوس الشهر الفضيل بشكل متوسط ، حيث حركة البيع والشراء متوفرة والأسواق تكتظ بالباعة والمتسوقين، يقول خالد العزي ـ نازح في الحوبان : نحن نزحنا من داخل المدينة إلى الحوبان لان الأمن هنا متوفر، ويضيف: الطقوس الرمضانية هنا موجودة، لكن ليس بتلك النسبة التي كانت في الأعوام الماضية، ولكننا أفضل حالا من الساكنين داخل المدينة.
وعن الأسعار يقول: الأسعار مرتفعة ولا يوجد رقابة على السكان ونتمنى أن تتم رقابة متكاملة عليهم للحد من المتاجرة بأقوات السكان وحاجاتهم.
ويشير إلى أن موائد الشهر الفضيل في هذا العام قل محتواها إلى حد كبير وغاب عنها كثير من المأكولات التي كانت لا تغيب في الأعوام الماضية بسبب غلاء الأسعار والحالة المادية للناس المتردية وانعدام الوظائف والأشغال، ويضيف: كانت الشربة والشفوت والسمبوسة والعصائر والحلويات حاضرة في هذا الشهر الفضيل لكن هذا العام غابت كليا ولم تبق سوى أشياء بسيطة كالتمور وبعض المأكولات بسبب الفقر وارتفاع الأسعار.
معاناة أشد ألما
* أما الحجة سعيدة الشرعبي ـ تقول: نحن نازحون في منطقة الستين جراء العدوان، وحاليا لا يوجد معنا شيء، استقبلنا رمضان هذا العام ونحن نعاني الفقر المدقع ونحن مشردون، ولا أحد يلتفت إلينا أو يقدم لنا يد العون.
وتشير إلى أنها كانت في الأعوام الماضية مستورة الحال هي وأطفالها، لكن هذا العام أصبحوا مشردين، ويحتاجون لشربة ماء وتمرة إفطار، وطالبت الحجة سعيدة الشرعبي كل الأطراف بإيقاف العدوان وتحكيم العقل والمنطق والاستجابة إلى مساعي التهدئة وإلقاء السلاح والرجوع إلى الله تعالى والنظر إلى المواطن الضعيف بعين الرحمة والاكتفاء بما تدمر والنفوس التي أزهقت حتى الآن.
تشرد وفقر وجوع
فيما يقول محمد البدوي ـ نازح آخر في القاعدة: الفقر والتشرد والجوع وجاء رمضان ونحن نعاني من هذه الأوجاع فلم نتمكن من استقباله بالشكل المطلوب واكتفينا بالصيام والقيام فقط، أما المأكولات والمشروبات واحتياجات هذا الشهر فقد حرمنا منها هذا العام لأننا نازحون ومشردون ونعاني من كل الأوجاع والحمدلله.
غياب مدفع رمضان
كان مدفع رمضان الشهير يمثل علامة مفرحة لجميع الصائمين، يفطرون على سماعه ويعقدون نية الصيام أيضاً، كان المدفع في قمة قلعة القاهرة التاريخية، إلا أن الحقد الدفين للعدوان دمر القلعة ومدفع رمضان بشكل كامل.
ويقول المواطن عبدالرحيم الصبري: العدوان لم يبق لنا شيء جميل نفرح به في تعز حتى مدفع رمضان تم تدميره وقلعة القاهرة تم نسفها كليا بحقد دفين والعياذ بالله.
ويردف: أنا كان عندي محل “طرمبة” وكنت اطلب الله في شهر رمضان واصرف على اهلي وأسرتي لكني الآن نازح ولا املك شيئاً”.
رمضان في الريف
* يبقى لرمضان نكهة خاصة في أرياف وقرى تعز حيث لم يطالها العدوان، ونزحت إلى القرى الآلاف من الأسر، وهناك يقضي المواطنون طقوسهم الرمضانية في الصيام والقيام والسمرات الليلية وتبادل الزيارات وصناعة المأكولات المفضلة، ويطالب أهالي القرى بتجنيب مناطقهم وقراهم كل الفتن ويتحدث عبدالجبار الحمادي ” بالقول: يجب أن تبقى القرى في منأى عن أي هدف، نحن في القرى نعيش أفضل حال ونقضي أوقات الشهر الفضيل براحة تامة، ويجب على تحالف العدوان وفي مقدمتهم مرتزقة العدوان تجنيب مناطقنا كل مساعي القتال .
ويردف: طقوس القرية في رمضان لها نكهة مميزة خاصة في قيم التراحم والتعاون في هذا الشهر بين الأسر وتبادل المأكولات كاللحوح والحقين والأكلات الشعبية في القرى ويجب أن تبقى مناطقنا بعيدة عن المشاكل لتستمر هذه الطقوس ويستمر المواطنون في منازلهم.