من مذكرات صائم ..!
عباس غالب.
السبت: بين جريمتين!
من المؤكد أن البعض لا زال يتذكر تلك المجزرة البشعة التي ارتكبتها العصابات الإسرائيلية ضد الأطفال في الجنوب اللبناني أواخر تسعينيات القرن المنصرم فيما عرف وقتها بمجزرة «قانا» البشعة.. وعندها رفع الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي تقريراً أممياً ضمنه إدانة واضحة للكيان الصهيوني على تلك الجريمة التي أودت بحياة العشرات من الأطفال اللبنانيين والفلسطينيين وقد دفع بطرس غالي ثمناً لذلك أن استبعد من الفوز بفترة رئاسية ثانية في قيادة الأمم المتحدة جراء الفيتو الأمريكي.
تذكرت هذه الحادثة وأنا أتابع ردود الفعل على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون بشأن إدانة السعودية على جرائم قتل مئات الأطفال اليمنيين.
لقد أدت الضغوطات التي مارستها المملكة إلى رضوخ الأمين العام إلى شطب هذه الإدانة قبل أن يعود مجددا في تثبيت صدقيه تلك الجرائم التي لا زالت ترتكبها السعودية حتى اليوم.. فما أشبه جريمة قانا الإسرائيلية تلك وجرائم السعودية المتواصلة ضد اليمنيين.. وقديما قيل: من شابه فما ظلم!
الأحد: دروس السلف الصالح.
في تاريخنا العربي ثمة دروس نتعلمها من السلف الصالح الذين كرسوا سلوكاً يتقربون من خلاله إلى المواطن البسيط بعد أن تشبعوا بالرسالة المحمدية في أروع تجلياتها وحدانية وصفاء سريرة ودماثة خلق وتواضع ونكران للذات وبحيث لا تغريهم مفاتن الدنيا أو إغراءاتها.. ولعـل من أبرز دروس السلف الصالح ما تعلمناه عن رسولنا الكريم من التواضع والبساطة وعدم الشعور بالأنفة أو الكبر .. ويكفي استرجاع سيرة حياته المليئة بمثل تلك الدروس.. يعلم أصحابه وأمة الإسلام من بعده ضرورة الاقتداء بها.
ترى هل هناك وفي هذا الشهر الكريم من يستحضر هذه السيرة العطرة للرسول الكريم وصحابته الأجلاء؟
لقد قرأنا إحدى تلك المعاني في سلوك الخليفة عمر بن الخطاب الذي كان يكرس جانبا من وقته في تلمس حاجيات الناس، حيث قادته قدماه ذات مساء إلى جوار كوخ كانت بداخله امرأة تحاول إسكات جوع أطفالها بإيهامهم بأن ثمة طعاماً بداخل القدر فيما كان فارغاً لقل ذات اليد وحتى يخلدوا إلى نوم يعتصره الجوع فما كان من الخليفة إلا أن لام نفسه مستغرباً أن يحدث هذا في عهده مسرعاً لإحضار الزاد لتلك الأم وأولادها.
وثمة مثال آخر يجسده أحد الولاة في العراق عندما أشاع البر والتعاون والرخاء بين الرعية حتى أضحى لا يوجد معوز فيها.
وذات مـرة ضاعف الخليفة راتب هذا الوالي ولما بحث عن السبب عرف أن أحدهم رفع إلى الخليفة بأنه لم يعد من فقير فيها سوى الوالي الزاهد. فما أحوجنا إلى تمثل هذا المسلك ونحن نعيش ظرفا استثنائيا يحتاج منا جميعاً إلى التكاتف والتعاضد والإحساس بالآخر.
وثمة نماذج كثيرة في حياتنا تنم عن التواضع والتواصل وتلغي الفوارق بين القادة والرعية غير أننا مع الأسف الشديد لا نقدر على تمثل هذه القيم، إذ تجد بعضنا يتنكر لها، بل لا يجد حرجاً في تناسي الأصدقاء والتعالي عن المحتاجين أو التأفف من الحديث مع الآخر تحت الإحساس بغرور موقع المسؤولية التي أتت إليه على حين غرة.
الاثنين :فتاوى بالجملة.
أتابع خلال ليالي رمضان كغيري فتاوى بعض علمائنا الأجلاء ومنهم نستفيد بالتأكيد في معرفة كثير من شؤون ديننا ودنيانا غير أنني –كغيري أيضا- نمتعض كثيرا أن يأتي بعض منهم غير أكفاء للإفتاء حيث تراهم يسلقون الأحكام ويطيحون بالأحاديث ويحرفون بما لا يعرفون باعتبار أنهم يتحدثون إلى جهلة القوم الذين تخاطبهم وسائل الإعلام.
لقد تابعت بعض أمثال هؤلاء في منابر الإعلام وهم يذكون نار الفتنة ويصبون الزيت على نار الانقسام المذهبي والطائفي ويتعصبون لفكرة فيها الآخذ والرد ويشمرون عن سواعدهم للإطاحة بمن يخالفهم الرأي تحديداً في تلك المسائل التي لم تحظ بتوافق الفقهاء.
ولست أطلب من هذه الأصوات غير التروي فيما يطلقونه من أحكام وآراء متعصبة أكثر إيلاماً في وقعها على جسد الأمة من قنابل العدوان!