الأمم المتحدة .. قصة خذلان و ارتزاق
علي احمد جاحز
فضيحة دولية جديدة وقعت فيها الأمم المتحدة التي يفترض أن تكون الراعية لحقوق الإنسان و صاحبة الموقف الحاسم تجاه أي انتهاكات للقانون الإنساني ، ظهرت تلك الفضيحة في الرضوخ لضغوطات السعودية بخصوص إدراج العدوان في القائمة السوداء نتيجة تورطه في قتل الأطفال في اليمن .
لم يكن مستغربا ذلك الرضوخ ، بل كان المستغرب هو إدراج العدوان في القائمة السوداء ، فالأمم المتحدة منذ بداية العدوان لم تكن أبدا في موقف مشرف تجاه اليمن وتجاه ما يتعرض له اليمن ، بل كانت دائما تقف أما غطاء للجرائم أو ساكتة عليها ، وهذا يعود لرضوخها لرغبات القوى الاستكبارية على مدى عقود طويلة ليس فيما يخص اليمن وحسب بل في كل القضايا الدولية والاقليمية .
الأمم المتحدة هي كيان دولي يقع تحت سيطرة أمريكا والقوى المتحالفة معها و ليس من المنتظر منها أن تفعل شيئا ايجابيا لا يوافق هوى تلك القوى الإجرامية ، لذا فلن يكون إدراج اسم العدوان في قائمة سوداء أو حذفه من تلك القائمة شيئا مفيدا بالنسبة لنا كيمنيين بقدر ماهو فقط مؤشر ابتزاز للمملكة ودليل على أزمة فلوس بين الأمم المتحدة والسعودية لا أكثر .
ومن نافلة القول ، الإشارة إلى أن المال وأزمة المال التي ظهرت في حديث عسيري وفي حديث أكثر من مسؤول سعودي هي لب الحدث وأساس القضية ، والأمم المتحدة ظهرت في مظهر المرتزق الذي يلبس عباءة الحقوق والقضايا الإنسانية ، وان كان البعض لا يزال يعول أو يرى أن هذا الكيان الدولي يمكن أن يساهم في حل أي قضية أو مناصرة أي مظلومية في العالم .
لكن المهم هنا هو تسليط الضوء على حقيقة مهمة وخطيرة وهي أن الأمم المتحدة أصبحت كيانا مسلوبا ومسيطراً عليه من قبل أمريكا و حلفها ، ولم تعد مؤسسة دولية نزيهة ولا فاعلة ولا ذات مصداقية ، وهذا يهدد العالم بفقدان التوازن وينذر باندلاع حروب واشتعال أزمات عالمية كنتيجة طبيعية لذلك المأزق الذي تقع فيه الأمم المتحدة .
وفي كل الأحوال ، فإننا ومن موقعنا الذي يحتم علينا عدم التعويل على مثل هذه المنظمات ، أن نتعاطى معها بفهم ووعي ومسؤولية دون أن نعتمد عليها ونجعل منها شيئا وازنا في قضايانا ، ولننظر إلى دورها في مشاورات الكويت الجارية ، مرت أكثر من سبعة أسابيع ولم تستطع الأمم المتحدة فرض أي شيء ليس لأنها لم تجد ما تفرضه ، بل لأنها غير قادرة على فرض ما ينبغي فرضه .
ولأن الحل المنطقي والمقبول أتى من طرف وفدنا الوطني في الكويت ، وقفت الأمم المتحدة عاجزة و مبعوثها وقف في موقع المخذول ، ولو كان الوضع في الكويت مقلوبا وجاءت الرؤى والحلول المنطقية والمقبولة من الطرف الآخر ، لكنا رأينا امماً متحدة مختلفة ومبعوثا مختلفا و مواقف دولية مختلفة ، نحن احرجناهم أمام أنفسهم وأمام الشعوب وأمام الاستحقاقات .
فإذا كانوا أمام قضايا سياسية مثل القضية اليمنية وقفوا موقف المخذول ، فكيف تتوقعون أن يقفوا أمام قضايا إنسانية وأخلاقية ، مثل قتل الاطفال ، فمن المعروف أن الأمم المتحدة تجاهلت قتل أطفال فلسطين لعقود و قتل أطفال العراق والصومال وافغانستان وسوريا و ووو الخ ، بل أنها لا يمكن أن تلتفت لأي قضايا من هذا النوع إذا لم يكن ذلك الالتفات لمصلحة أمريكا وإسرائيل ومن تحالف معهما .
عموما ، التقرير الذي نشرته الأمم المتحدة والذي أدرج العدوان السعودي الأمريكي في القائمة السودءا بقتل 60 في المائة من الأطفال في عدوانه على اليمن ، هو شاهد ودليل ساطع على الجرائم وعلى الفضيحة التي لصقت بالأمم المتحدة سواء حذفت العدوان من القائمة أو لم تحذف فهي كافية لتكون شاهدا أمام التاريخ الإنساني .