خلف عبدالله علي زيد –
كثر الحديث عن البطالة وتنامي الفقر في مجتمعاتنا العربية وخصوصاٍ في مجتمعنا اليمني ولكن دون اتخاذ إجراءات وحلول عملية تهدف إلى معالجة البطالة وتفشي الفقر على نطاق واسع وحماية المجتمع من آثارهما الخطيرة حيث أن المستقبل ينبئ بحلول كارثة اجتماعية خطيرة ما لم نعمل على حل مشكلة الفقر والبطالة.
الفقر ظاهرة توجد أو تتقدم وتتسع أو تضيق بحسب طبيعية النظام السياسي والاجتماعي في المجتمع ولاشك أن الفقر يتسع في ظل العلاقات القائمة على الاحتكار واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان بفعل الأنانية المفرطة وإطلاق العنان لنزعة حب التملك دون حد والتحلل من القيم الإنسانية والدينية وسعي الأقلية للاستئثار بالثروة على حساب الأغلبية وفي ظل الأنظمة الفاسدة تتسع دائرة الفقر وتتدنى معها النواحي التعليمية والصحية وتتسع دائرة البطالة وتحرم الطبقة الدنيا من أن تحيا حياة حرة كريمة تليق بالإنسانية كما هو حاصل في بلادنا وهو ما أدى إلى الغضب الشعبي وقيام ثورة 11 فبراير السلمية التي عبر شعبنا من خلالها عن تطلعه إلى تغيير الواقع بكل ما فيه من مظالم ويطالب بالعدالة وتكافؤ الفرص .
قال علية الصلاة والسلام ((من له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان عنده فضل مال فليعد به على من لا مال له ومن كان له ارض فليزرعها فإن لم يستطيع فليمنحها أخاه المسلم ولا يكريها ))(يؤجرها).
قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ((ما جاع فقير إلا بما مْنع به مال غني ))
وقال كرم الله وجهه (( ما رأيت نعمة موفورة إلا بجانبها حق مْضيع))
كما نرى أن الفقر قد اتسع في مجتمعنا بشكل مخيف وقد يشهر الجياع سلاحهم في وجه الأغنياء ويبلغ غضبهم وسخطهم إلى حد الثورة التي قد تهب كعاصفة تكتسح في طريقها مكامن الثروة حيث كانت وإذا كان ذلك ليس في حسابنا فيجب أن نبادر من وحي ضمائرنا وإيماننا بالله وأن نبادر من ذات أنفسنا في تحقيق مبدأ العدل وتكافؤ الفرص والتخلي عن كل أشكال الاحتكار والاستغلال وبلد مثل بلادنا اليمن بكل إمكانياتها وثرواتها ومناخها المتعدد يجب أن يعم فيها الرخاء الاقتصادي وانعدام البطالة في حالة وجود الرجال الوطنيين المخلصين الذين يفكرون بمصلحة البلاد ويعملون من أجل مصلحة المجتمع وليس من أجل مصالحهم الشخصية كما سبق فقد كان المسئولون كل همهم البحث عن فرص الاستفادة وجني المكاسب الشخصية وكل تحركاتهم انصبت في هذا الاتجاه والبلاد يتيمة لا احد يحمل همها وهو ما أدى إلى حال من التردي في كل المجالات دون استثناء .
واسمحوا لي أن اطرح على الجميع مبادرة وسأكون في مقدمة العاملين بها والتي تهدف إلى توسيع نطاق الثروة وتحقيق مبدأي العدل وتكافؤ الفرص .
وإنني اطرح هذه المبادرة على النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى المثقفين والأكاديميين ورجال القانون والصحافة على أمل أن تجد قدراٍ كبيراٍ من الاهتمام وأن تخضع للحوار والنقاش من كل النخب من اجل إثرائها وتكوين رأي عام حولها حتى تجد طريقها للتنفيذ إذا تضافرت الجهود الرسمية والشعبية حولها وتتكامل الآراء من استشعار الجميع للمسئولية الوطنية والإنسانية والدينية (فألف كلمة في الميزان لا تساوي عملاٍ واحداٍ في الميدان)
وإن مبادرتي المتواضعة ستتضمن محاور عديدة أهمها ما يلي :-
أولاٍ : قطاع الزراعة
كانت اليمن في تاريخها القديم تعرف باليمن السعيد واليمن الخضراء وأرض الجنتين أما الآن فأن هناك مؤشرات أن تحل عليها مجاعة بسبب عدم قيام الدولة بدورها الايجابي وبذل الجهود المخلصة ووضع الخطط لتطوير وتنمية الزراعة.
علماٍ أن الأرض الزراعية بلغت عام 2002م (1.240.988) هكتاراٍ وهي تشكل 3.70% تقريباٍ من المساحة الجغرافية الحالية للجمهورية وتوجد أراضي مهملة لا تقل عن (26.235.535) هكتاراٍ والمطلوب عاجلاٍ ومبدئياٍ استصلاح (2 مليون هكتار) بما يعادل (4 ملايين فدان ) كمرحلة أولى في عدد من المحافظات مثل مناطق بين الجوف وحضرموت والمهرة وسهل تهامة ومحافظة تعز ولحج وأبين وغيرها من المحافظات : بحيث يتم توزيعها على مليون شاب من أرباب الأسر ممن هم من غير ذوي الاملاك بل من الفقراء مع توفر تأكيدات للاستحقاق وبعقود تضمن عدم الاحتيال.
والقيام بحفر آبار المياه مع مراعاة الكلفة الحقيقية دون أن يشوبها فساد وتقسم تكلفة البئر على عدد الفدانات التي تستفيد من مياه البئر الواحدة .
وإذا افترضنا أن تكلفة حفر البئر مع المضخة بـ2.50مليون فتقسم على 100 فدان تصبح تكلفة الفدان 25 ألف ريال وهو المبلغ 100 ألف لـ4 فدانات المستحق على كل رب أسرة فقط في توصيل المياه ومن لا يملك المبلغ يقسط عليه من عائدات المزرعة (تم احتساب المبلغ على اعتبار أن عمق البئر كحد متوسط 120متراٍ بسعر المتر 10 آلاف ريال) بحيث يتمكن كل شاب من بناء منزل لأسرته في هذه الأرض وزراعتها والعناية بها حسب توجيه المهندسين والمرشدين الزراعيين وعلى مدار السنة بما يتلاءم مع دورة الفصول الزراعية وحسب ما يتطلبه السوق وتكون هناك دراسة علمية لتسويق المنتجات الزراعية داخلياٍ وخارجياٍ وتوفير حاجات الأسواق المجاورة من المنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني وذلك من خلال إنشاء جمعيات تسويق زراعية يملكها المزارعون أنفسهم وعلى الدولة التخطيط لإقامة التجمعات السكانية التي ستقام في المناطق الزراعية ولكن على الأراضي غير الصالحة للزراعة وتوفير الخدمات الأساسية لها مثل الطرق والكهرباء والمدارس والمراكز والوحدات الصحية فضلاٍ عن ما ستتطلبه هذه التجمعات السكانية النموذجية من توفير فرص عمل من أنشطة مهنية مختلفة الأغراض من بقالات ومطاعم ووسائل اتصالات ونقل وورش حرفية وعمال بناء وغير ذلك من الأنشطة وبذلك نضمن الآتي :
1- تشغيل ما لا يقل عن (2 مليون) شاب على الأقل.
2- تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي.
3- زيادة معدلات الإنتاج الزراعي والتصدير إلى الخارج وزيادة الدخل الوطني من العملات الصعبة .
4- أقامة الصناعات الغذائية المرتبطة بالإنتاج الزراعي وتصدير منتجاتها وستوفر هذه الصناعة الكثير من فرص العمل للشباب .
ولاشك أن تنفيذ هذه المشاريع الطموحة يتطلب إرادة سياسية وقراراٍ رئاسياٍ بتشكيل لجنة وطنية تتكون على النحو التالي :-
1- صاحب المبادرة متطوع
2- رئيس مركز البحوث الزراعية
3- وكيل مصلحة المساحة
4- وكيل مصلحة أراضي وعقارات الدولة
5- وكيل وزارة التخطيط والتنمية
6- الوكيل المختص لوزارة المالية
7- وكيل وزارة الإسكان
8- الوكيل المعني لوزارة الإدارة المحلية
9- وكيل وزارة الشؤون القانونية
ويكون للجنة حق الاستعانة بمن ترى من الجهات المختصة ذات العلاقة
ومن أجل ذلك على الدولة اتخاذ الأتي :-
1- اصدار قانون يتم بموجبه تحديد الملكية الزراعية ويسري على كافة المواطنين ويشمل كافة ملاك الأراضي الزراعية بحيث يكون الحد الأقصى للملكية من الأراضي عشرين فداناٍ .
2- إلزام كل الملاك بزارعة الأراضي التي بحوزتهم ومن يفوته موسماٍ زراعياٍ واحداْ دون زراعتها فعليه أن يشرك معه من هو قادر على زراعتها ممن لا ملكية لهم ويشترط عدم استثمارها في زراعة القات إطلاقا وإذا لم يتم تنفيذ ما ذكر تقوم الدولة بمصادرتها وصرفها لمن يستحقها فا لأرض لمن يزرعها.
3- العمل بكل الوسائل لزيادة الإنتاج الزراعي والتوسع في زراعة المحاصيل الرأسمالية كالقطن والبن والشاي الأخضر وتصدير المنتجات الزراعية من الخضار والفواكة والعمل على العناية بتطوير عمليات التغليف والحفاظ على سلامة المنتجات الزراعية وفق الشروط والمواصفات العالمية وتجنب كل ما من شأنه الإساءة لسمعتها.
Khalaf62@gmail.com