ولا تمدنّ عينيك
عبدالرحمن غيلان
كلنا يسعى لمعيشةٍ أفضل في دنياه .. إن لم يكن لشخصه فلمن هم وراءه من بيتٍ وأهل .. مستنفداً كل وسائل السعي كي يحظى بفرصةٍ طيّبة وعيشةٍ كريمة تقيه ذلّ الحاجة .
لكنّ الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم : « وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى? مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى?» .. فهل هذه الآية دعوة للزهد وإفراغ لحيلة السعي بالركون للتواكل والمُضيّ مع رياح الوقت والحياة كيفما حملتنا معها ..!
الصحيح أنّ هذه الآية الكريمة بمثابة صفعةٍ إيجابيّة تنير العقول الزائغة .. وتُعيد الأفهام السقيمة لجادة العقلانية غير المفرطة في أحلامها الزائفة حين لا يريد المرء سوى ما تجود به مخيلته في حالة وهمٍ .. وفي محيطٍ لا يليق به أن يتجاوز أسلاكه الشائكة طالما لم يقم بما كان ينبغي عليه القيام به ليحظى بما يريد بعيداً عن التمنيّات العليلة .
وهذا الأمر أيضاً لا يعني أنّ يتوقّف المرء لدى حلم بسيط .. فمن حقه أن يكون له أكثر مما هو لغيره .. وفي ذات السياق لا يجب أن نحصر الأمر فقط في زينة الحياة البصرية .. وإنما يمتدّ الأمر لزهرة الحياة بأشكالها المختلفة من مالٍ وعتاد وعلمٍ وجاهٍ ومنصب .. وكل ذلك يخضع للفتنة الزائلة .. بينما يبقى للمرء تحكيم العقل في أن يكون إيجابياً في تلك الزينة الدنيوية أو يسقط في براثن الغيّ والمتعة المؤقتّة ليجني بذلك الوبال الماحق .
وورد في الأثر أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح اللّه لكم من زهرة الدنيا)، قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول اللّه؟ قال: (بركات الأرض) «.. وفي ذلك مدعاة لتأمّل الإنبهار بفحش الدنيا وحينها يقع المرء في المحظور .. أو يتجاوز ذلك بحسن تعامله فيما ينبغي عليه فعله لينجو من بركات الأرض التي قد تكون نقمة على صاحبها بينما الآخر البسيط يرى أنها نعمة كبيرة .