الشارع اليمني .. رسائل سلام لمفاوضات الكويت: اليمنيون أولى ببعضهم وبوطنهم

المفاوضات فرصة لإيقاف الحرب وإعادة الأمن والسلام للوطن
اليمن لم تعد تحتمل ولا بد من البحث عن حلول
تجار الحروب لا يهمهم أمر الوطن ولا حقن الدم اليمني

استطلاع/ عبدالله كمال
بعد أكثر من عام على الحرب والعدوان الغاشم الذي نهش جسد الوطن محدثاً جراحا وندوبا على كافة المستويات لا أحد يعرف متى ولا كيف ستندمل، هاهي اﻷنظار تتجه صوب مباحثات الكويت المنعقدة منذ الخميس الماضي، أملا في أن تضع حدا لهذه الحرب وهذا العدوان الذي أوغل في سفك الدم اليمني وطال بالخراب والدمار كل مقدرات هذا الشعب.
ليست مباحثات الكويت الجارية هي اﻷولى إذ سبقتها جولتا مباحثات جنيف، واللتان فشلتا في إيقاف نزيف الدم اليمني ووضع حد للقتل والدمار، وهو ما يثير كثيرا من المخاوف حول مصير هذه المباحثات.. “الثورة” استطلعت آراء عدد من المواطنين حول المباحثات وخرجت بالتالي.

إنقاذ ما يمكن إنقاذه
ينظر المواطن علي حسين إلى المباحثات باعتبارها فرصة لإيقاف الحرب والعدوان وإعادة اﻷمن والسلام للوطن الذي عانى ويعاني الكثير من ويلات هذه الحرب.. ويقول: على جميع اﻷطراف المتحاورة أن تضع نصب أعينها هدفا واحدا، ألا وهو إخراج البلاد من المأزق الذي وصلت إليه، فالمباحثات فرصة ﻹيقاف الحرب التي اكتوى بنيرانها أبناء الشعب لا سواهم، فالدم الذي سفك يمني والأرواح التي أزهقت يمنية، والخراب والدمار الذي حل بالبلاد طال البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة لليمنيين جميعهم، واﻷسر التي نزحت وشردت من منازلها ومناطقها كلها يمنية، ولذا فالأطراف المتحاورة جميعها معنية بما حل بالبلاد وعليهم البحث عن مخرج لها، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

لا بد من التعايش
ويضيف حسين: لم تتضرر أي دولة أخرى غير اليمن، وهذا هو ما يجب أن يستوعبه المتباحثون ويعملوا على تفادي أخطائهم السابقة التي كانت أحد الأسباب التي استغلها الخارج للتدخل بالقتل والدمار، سيما وأن هذه المباحثات أتت بعد عام من الحرب التي أثبتت أنه لا يمكن لطرف أن يستأثر أو ينفرد ويقصي بقية الأطراف، وأنه لا بد من التعايش والقبول بالآخر بل والإيمان بأنه لا حل لمشاكلنا إلا بالاعتراف بأننا جميعا يمنيون، وان نتعايش فيما بيننا ونعلم أن الوطن وطن الجميع.

اليمن لم تعد تحتمل
يقول عدنان حيدرة، رجل أمن : تأتي هذه المباحثات بعد أكثر من عام على الحرب الداخلية والعدوان الخارجي، بما أحدثاه من قتل ودمار وخراب وتشريد، وما خلفاه من نتائج وآثار كارثية، أوصلت البلاد كلها إلى وضع لا يحتمل، فعلاوة على الأرواح التي أزهقت والدماء التي أريقت والدمار الذي طال كل مرافق الحياة العامة والخاصة، ساد البلاد وضع اقتصادي بائس، وارتفعت نسبة الفقر والبطالة، وبات المواطن يعيش حالة يرثى لها، الناس فقدوا أعمالهم وتشردوا من منازلهم، وباتوا في أمس الحاجة لما يضمن استمرار حياتهم.
وتابع :لقد بات المواطن يفتقر ﻷبسط الخدمات الضرورية التي كانت تقدمها الدولة من كهرباء ومياه وخدمات صحية وغيرها.. كل ذلك يجب أن يضعه الجميع في اعتبارهم، فاليمن لم تعد تحتمل المزيد بعد عام من الحرب والعدوان والحصار بما خلفه ذلك من مآس وما خلقه من أوضاع معيشية صعبة. فليع أطراف النزاع حقيقة أن اليمن لم تعد تحتمل وأن عليهم البحث عن حلول تضمن إيقاف الحرب وعودة الحياة العامة إلى طبيعتها.

الدم اليمني لم يعد رخيصاً
اﻷمل كبير في أن يتفق اليمنيون، خصوصا بعد أن عانوا من العدوان والحرب، ولعلهم أدركوا أن حرباً بين الإخوة من البديهي أن لا أحد رابح فيها، وإذا ما قيست الأمور بمقياس الربح والخسائر فالجميع خاسر، وكلما طال أمد الحرب كلما تضاعفت الخسائر واتسعت فجوة النزاع، وأصبحت الحلول أكثر بعدا.
اليمنيون أهل اﻹيمان والحكمة، ولا بد أن يجسدوا ذلك من خلال هذه المباحثات التي لا مجال لفشلها كما فشلت المباحثات السابقة كونها تأتي بعد أن عانى اليمنيون من ويلات الحرب ودفعوا ثمنا باهظا من دمائهم وممتلكاتهم وبناهم التحتية، بل ومن حياتهم ومستقبلهم.
ويضيف: يجب أن يعي اليمنيون أن لا أحد مهتم بهم ولا بمصيرهم، لا المجتمع الدولي ولا دول الجوار ولا المحيط العربي واﻹسلامي، وذلك هو ما أثبته عام من الحرب والاقتتال، لم يحرك العالم فيه ساكنا بل التزم الصمت واتخذ موقف المتفرج إزاء ما يتعرض له وطننا وأهلنا من عدوان، وبدا الدم اليمني رخيصا لديهم وكأننا لسنا بشرا ولا يعنيهم أمرنا.
واستطرد :المباحثات اليوم تمثل نقطة يجب أن يتوقف عندها اليمنيون، ولا سيما المتباحثون ، ليقولوا للعالم إن الدم اليمني لم يعد رخيصا بعد اليوم، ولا أحد يمكن أن يزايد علينا بأنه أراد لنا الخير أو كان في حسابه مصلحة اليمنيين، فنحن اليمنيين أولى ببعضنا وبوطننا، وما عليكم فقط هو إعادة إعمار ما دمرته آلة عدوانكم الغاشم، وتعويض الوطن عما لحق به من دمار على أيديكم.

أملنا كبير
ومضى يقول :أملنا كبير في أن تتجلى الحكمة اليمانية التي وسمنا بها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يصل المتباحثون إلى تقارب وأن يتساموا على نزعاتهم وأهوائهم ويغلبوا مصلحة الوطن، فنحن اليوم مطالبون بالتصالح أكثر من أي وقت مضى، وليعلم الجميع أن التاريخ سيذكر لكل ما قدمه من تنازلات من أجل الوطن.
لقد تعب اليمنيون من الحرب،  وعانوا الكثير من نيرانها التي اكتوى بها الجميع، وهي رسالة مني كمواطن ينتمي إلى هذا الشعب أوجهها لقوى الخارج: يكفي اليمنيين ما ذاقوه من الحرب التي أشعلتموها، فلا تستكثروا على هذا الشعب أن يحقن دماء أبنائه، لا تستكثروا على الشعب اليمني أن ينال حقه في الحياة، وكونوا سندا له لتجاوز محنته، والخروج من دوامة العنف والصراع.

مخاوف
لا يخفي مختار الحمادي، طالب دراسات عليا، مخاوفه من فشل مباحثات الكويت، سيما وأن الهدنة التي أقرت جميع الأطراف الاتفاق عليها لم تصمد، ولم تلتزم الأطراف بوقف إطلاق النار، إذ أن الانتهاكات لهذه الهدنة ترصد كل يوم وعلى مدار الساعة، وهذا بحد ذاته يعد مؤشرا سيئا، ويعطي انطباعا بأن هناك من لا يروقه إيقاف الحرب، بل ويعمل على إطالة أمدها.
ويضيف مختار: الحرب الدائرة أثبتت أن هناك تجار حروب ومنتفعين من هذه الحرب، لا يهمهم أمر الوطن ولا حقن الدم اليمني، وما يهمهم هو تحقيق المكاسب والثراء على حساب هذا الوطن، فلا مشكلة لديهم في أن يطول أمد الحرب والصراع، بل إن ذلك هو ما يعمل عليه، فاستمرار الحرب هو ما سيضمن له تحقيق تلك المكاسب.. وهؤلاء هم الذين يخشى منهم على هذه المباحثات، حيث أن الانتهاكات المتكررة للهدنة تدل على أن تجار الحرب سيستمرون في إشعال النيران ووضع العراقيل والعقبات للحيلولة دون التوصل إلى حل يضمن توقف الحرب.

حرب عبثية
من جهته يرى المواطن يحيى منصر أن الحرب التي دارت رحاها طيلة أكثر من عام، هي في الأساس حرب عبثية غير مبررة، إذ لا أهداف واضحة لها إلا تدمير اليمن، وذلك هو ما يجب أن يستشعره المتباحثون، وخاصة بعد أن أثبتت الأيام أن الحرب لم يتضرر منها سوى اليمن، وبالنظر إلى ذلك فإنه يجب أن يمثل لديهم دافعا للتوصل لحل يوقف نزيف الدم اليمني، ويجنب البلاد المزيد من القتل والخراب والدمار والتشريد.
ويضيف منصر: لو حدث لا سمح الله وفشلت المباحثات فإن ذلك سيكون بمثابة إعلان جولة جديدة من الصراع والحرب التي لا أحد بمقدوره أن يجزم بمداها وبما يمكن أن تخلقه من مآس وجراح، لذا فإن على جميع القوى المتحاورة أن تثبت مدى وطنيتها وحبها لليمن، وذلك من خلال الحرص عليها أرضا وشعبا.

انتصار للسلام
السلام هو ما ينتظره المواطنون، ومن أجله يعقدون اﻵمال على المباحثات الجارية في الكويت، ذلك هو ما  أكده لنا محمد ناجي الأهنومي، إمام جامع، إذ يرى أن المفاوضات الجارية في دولة الكويت لا بد أن تنجح في التوفيق بين اليمنيين، فاليمنيون الذين بقدر ما أنهم رجال حرب، هم قبل ذلك دعاة سلام، وهذا ما أثبتته حقائق التاريخ، شعب اعتنق دين اﻹسلام برسالة وجند نفسه لخدمته والسعي في نشره في مختلف بقاع اﻷرض، وكان بذلك مستحقا لما وصفه به نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام من الإيمان والحكمة، لا شك أن هذا الشعب لن يتنكر لذلك الوصف ولن يتخلى عن ما عرف به من إيمان وحكمة ورقة ولين، وبنجاح المفاوضات إن شاء الله يكون اليمنيون  قد جسدوا ما وصفهم به خير الخلق، وخلدهم به التاريخ.
يؤكد الأهنومي على أن هذه الحرب لم تكن لتنتهي إلى غاية يسعى لها أي من الأطراف، فهي حرب لن يخرج منها طرف منتصراً على اﻵخر، بل الجميع خاسرون، فإذا ما أراد الجميع نصرا يكتبه لهم التاريخ، فلينتصروا للسلام.. فالسلام هو ما يمكن أن يحد من خسارة اليمنيين جميا.
ويختم: نقول للمتحاورين إنكم مهما سعيتم لمكاسب لا تصب في مصلحة الشعب اليمني، فإنكم لن تجنوا منها شيئا، بل إنها ستكون وبالا عليكم.. لذا عليكم أن تنتصروا للسلام، أن تنتصروا للوطن ، وأن تنتصروا لإنسان هذه اﻷرض الذي عانى ويعاني، للمواطن اليمني الذي قتل وشرد ودمر بيته وفقد مصدر رزقه وغدا نازحا فقيرا تائها.. انتصروا لليمن بالسلام وليس بشيء آخر، فالحرب لن تجر  إلا لمزيد من القتل والدم والدمار وإهلاك الحرث والنسل.

قد يعجبك ايضا