الإسلام السعودي التكفيري فتنة دموية متواصلة (1745م – 2016م) ..

جميل أنعم

يقول أحد شيوخ القبائل “الشيخ بن سحمي” في تصريح نشره المستر ” هـ . ر . ب ديكسن ” رجل المخابرات البريطاني المعروف في الكويت (لم نكن نعلم بادئ الأمر أن بريطانيا جاءت تُعلمنا أمور ديننا، مُرسلةً لنا بجون فيلبي وعبدالعزيز آل سعود، ولم نُدرك هذه الخديعة إلّا بعد فوات الأوان، بعد انقسام المدينة الواحدة والقبيلة والعائلة وقام الأخ بقتل أخيه) (كتاب تاريخ آل سعود – ناصر السعيد صفحة 60-61)
وإلى نجد (الدرعية والعينية) حَضرت أسرتان من أصل يهودي لتُعلِّم المسلمين أمور الدين الإسلامي بالعودة إلى الإسلام الحقيقي الذي شرع الجهاد في ديار المسلمين، وليقتل المسلم أخاه المسلم … حتى وصلنا إلى زمن التحرير المناطقي وليحرر الأجنبي اليمني من اليمني، والسوري من السوري، وبتعاليم الإسلام السعودي الوهابي التكفيري وعلى مدى 270 سنة فعل هذا الإسلام التكفيري فِعلهُ في جسد الأمة الإسلامية والعربية جغرافياً وإنساناً تمزيقاً وتقسيماً وفتنة دموية متواصلة ..
(والأسرة الأولى هي أسرة بني سعود وجدُّهم “مردخاي بن موشي” تاجر يهودي في البصرة يعمل بتجارة الحبوب، حضر إليه يوماً أهالي قبيلة عنيزة في نجد لشراء الحبوب فأخذ يُقبّلهم فرداً فرداً وبحرارة شديدة مدعياً بأنه من قبيلة عنيزة، وأعطاهم ما يريدون من الحبوب مجاناً، وعاد بصحبتهم إلى نجد وانتقل إلى أم الساهك ووزع المال وتزوج كثيراً وأنجب أكثر وأسس مدينة الدرعية، تفاخراً بمناسبة هزيمة الرسول محمد (ص) في معركة أحُد واستيلاء أحد أعداء المسلمين على درع الرسول (ص) والتي اشتراه أحد اليهود من بني قينقاع حسب زعم اليهود .. فكانت الدرعية نسبةً لهذه الدرع المزعومة، واستقر مردخاي في الدرعية وأنجب ماكرن الذي أنجب محمد والذي أنجب سعود والذي تنسب إليه الدولة السعودية بعد حذف الأسماء اليهودية، مردخاي وموشي وماكرن من قاموس تاريخ بني سعود، ووصل محمد بن سعود إلى حكم الدرعية التي لا تزيد مساحتها عن 3 كم مربع ..
والأسرة الثانية هي أسرة آل الشيخ “محمد بن عبدالوهاب” والذي ينسب إلى جدهُ “شالمان القرقوزي” تاجر البطيخ في مدينة بورصة في تركيا، وأصله من يهود الدونمة بتركيا، خرج هذا من تركيا واستقر في مدينة “دوما السورية” مُدعياً أنه عالم دين وامتهن الشعوذة والدجل باسم الإسلام، فانكشفَ أمره بأنه يهودي فضربه أهل دوما وربطوه وقيدوه فتمكن من فك قيده والفرار إلى مصر، ومارس الدجل والشعوذة فضُرب وطرد من مصر، ثم استقر في مكة مدعياً بأنه عالم دين، فتم طرده وكل ذلك حدث خلال أربع سنوات، فغادر أخيراً إلى نجد واستقر في العينية، وأنجب عبدالوهاب والذي أنجب محمد بن عبدالوهاب)  (كتاب تاريخ آل سعود – ناصر السعيد صفحة 14-20)
واتحدت الأسرتان في 1745م وأعلن الجهاد في ديار المسلمين والتحرير المناطقي، والمحصلة النهائية كانت قيام إسرائيل الصغرى في مايو 1948م بعد تدمير السلطنة العثمانية ومصر محمد علي باشا وتقسيم الوطن العربي، بالاحتلال البريطاني والفرنسي والإسباني والإيطالي  . ومن عام 2011م انطوى جميع مكونات الإسلام السعودي التكفيري أنظمة وتنظيمات تكفيرية ومؤسسات وجمعيات ..الخ، تحت مظلة حلف اليهود والنصارى أمريكا وإسرائيل، ولتمزيق وتقسيم الأنظمة الوطنية الجمهورية ولمصلحة إسرائيل الكبرى ونهب النفط والغاز. وأفرز الإسلام السعودي التكفيري خلال مسيرته الدموية الطويلة والمستمرة أنظمة تكفيرية وتنظيمات عسكرية وسياسية تكفيرية نرصد منها :
1 – إمارة الدرعية التكفيرية (1745م – 1818م) الدولة السعودية الأولى والذراع التكفيرية العسكرية الأعراب البدو والرُّحل وشبه الرُّحل .
2 – إمارة الرياض (1843م – 1865م) الدولة السعودية الثانية وبدون تكفير وذراع عسكرية.
3 – سلطنة نجد ومملكة الحجاز (1901م – 1931م) والذراع التكفيرية المسلحة جيش الإخوان المسلمين نسخة الخليج.
4 – المملكة العربية السعودية (1932م – 2016م) مؤسسات دينية وجمعيات ومعاهد ومنشورات تكفيرية، أَنتجت القاعدة وداعش والسلفيين، والإخوان المسلمين نسخة القاهرة، ومن رحم هذه الدولة خرج القاعدة وداعش وإمارة أفغانستان الطالبانية، وما تسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام  “داعش” .
وندرك مسبقاً بأن تناول وتتبع هذا الإسلام التكفيري وبالتسلسل الزمني وبالأحداث والوقائع والأشخاص يحتاج إلى مجلدات وليس بحثاً ودراسة أو مقالة .. ومع ذلك سنحاول إقتحام هذا الموضوع، الذي كان حتى وقت قريب يُمنع الاقتراب منه، ومن يحاول ذلك يناله ما يناله من التكفير .. الخ، نعم سنقتحم هذا الموضوع لنقدِّم للقارئ الكريم صورة حقيقية وبالاستناد إلى المراجع والمصادر، بعيداً عن عاطفة الكره والحب الأعمى .. فإلى شيء من التفاصيل تعالوا لنبحر، وباسم الله الهادي والنصير نبدأ :

أولاً: الخارطة الجيوسياسية للوطن العربي قبل ظهور الإسلام التكفيري 1745م
كان الوطن العربي يرزح بمعظمه تحت الاحتلال العثماني التركي من شمال أفريقيا حتى جنوب شبه الجزيرة العربية باستثناء نجد ولأن السلطنة العثمانية احتلت العرب باسم الإسلام لم يكن هناك وجود للعصبية القومية أو الوطنية القُطرية، والمناطقية والطائفية تكاد تكون معدومة، بل إن الإنسان العربي كان منخرطاً في الجيش العثماني خاصة المغاربة وأهل مصر والشام، وكان بني عثمان يدكون أبواب أوروبا تحت راية الجهاد الإسلامي، وهاهم وصلوا البوسنة والهرسك وألبانيا وعلى أبواب فرنسا، ولم يكن هناك البتة أي وجود للاستعمار الأجنبي في الوطن العربي في البر والبحر، والإنسان العربي كان ينتقل من أقصى الوطن العربي إلى أدناه، بل ويصل إلى ديار المسلمين في الهند وأفغانستان وحتى أوروبا الواقعة تحت السيطرة والنفوذ السلطاني العثماني … وهكذا وبينما كانت السلطنة العثمانية ترفع راية الجهاد في ديار غير المسلمين أوروبا، ظهر في نجد من يرفع راية الجهاد في ديار المسلمين، وبمبرر محاربة الشرك والكفر والبِدع والتي انتهت في القرن الواحد والعشرين إلى رفع راية الجهاد في ديار المسلمين وبمبرر ثورة الربيع العربي والتحرير المناطقي، تحرير البلاد من أبنائها وبأبنائها، إنه الإسلام السعودي التكفيري بامتياز، ولا مكابرة ولا معاندة ولا افتراء .

ثانياً: نجد الجغرافيا والسكان قبل ظهور الإسلام السعودي التكفيري..
نجد تقع وسط شبه الجزيرة العربية ويحدها بحران من الرمال من الشمال صحراء النفوذ، ومن الجنوب صحراء الربع الخالي، ومن الغرب جبال الحجاز ومن الشرق الإحساء والقطيف، ومن أهم واحاتها شمر وحائل والقصيم وأم الساهك والعارض والعينية والدرعية .. ونجد بمجملها لم تشهد السيطرة الأجنبية أو السلطة المركزية الموحدة ومظاهر المدنية من عصر النبوة حتى ظهور الإسلام التكفيري، وسكان نجد هم الغالب من الأعراب، والأعراب هم البدو الرُّحل والذين يهتمون فقط برعي الإبل وإلى جانب الأعراب البدو الرُّحل هناك البدو شبه الرُّحل رعاة الأغنام والضأن، وهناك الزُرّاع والصُنّاع والحرفيين والعبيد، وجميعهم يتوزعون على القبائل، والقبائل الكريمة القوية هي قبائل الأعراب البدو الرُّحل وشِبه الرُّحّل والذين يتميزون بالتعصب والتمسك بالقديم والحماسة ويعتبرون الغزو والسلب والنهب بطولة ومآثر .. بيئة خصبة للإسلام التكفيري الذي شرعن الغزو والسلب والنهب بين القبائل العربية المسلمة بالجهاد الداخلي، وتحولَ الغزو والسلب والنهب إلى غنائم وبالحلال التكفيري في الدنيا وفي الآخرة الجنة وحور العين، فاستطاع الإسلام الوهابي حشد البدو الرُّحّل الأعراب وغيرهم، وشُكِّل أول تنظيم تكفيري مُسلَّح وباسم الإسلام، وسياسياً كانت القلاقل والفتن والحروب والغزوات والخيانات هي السائدة في نجد، وتتوالى الواحدة تلو الأخرى، وفي عام 1720م أصبح سعود بن مردخاي أميراً للدرعية، وفي عام 1727م تولى ولده محمد بن سعود الإمارة، والذي سيتحالف لاحقاً مع محمد عبدالوهاب لإعلان الجهاد الداخلي ضد المسلمين المشركين !

ثالثاً : المذهب الوهابي ..
وُلد محمد بن عبدالوهاب في 1704م في العينية وتزوج وهو بسن 12 سنة، وذهب إلى مكة للحج وزار المدينة وقابل أحد المشايخ ومنها صَرَّح بأنه يُعد سلاحاً فكرياً لمحاربة المعتقدات السائدة في واحته، وسافرَ وطافَ الكثير من البلدان، في رحلة طويلة استمرت (36 سنة) وكان يغير اسمه في كل بلد يحل فيه، فكان اسمه عبدالله في البصرة، وأحمد في بغداد، ومحمد في كردستان، ويوسف في إيران، وسافر إلى القدس والقاهرة وحلب ودمشق وقُم وأصفهان، وفي البصرة حاول التبشير بتعاليمه الجديدة وبعنوان العودة إلى أصول التوحيد الحقيقي في الإسلام، إلّا أن أهلها أخرجوه من البصرة ثم عاد إلى نجد ينشر أفكاره حيث ألّف (كتاب التوحيد) ونتيجة لأفكاره كاد أبناء العينية أن يقتلوه ليلاً لكنه نجا بأعجوبة وهرب من العينية .. ( المصادر والمراجع – كتاب لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبدالوهاب – كتاب عنوان المجد لـ بن بشر – كتاب تاريخ نجد لـ بن غنام).
وعُرف المذهب الوهابي بعِدّة مسميات منها (الإسلام الحقيقي – الإسلام النقي – الإسلام الخالص – دعوة التوحيد – التوحيديين – الوهابيين – وحالياً أهل السنة – أهل الحديث – الدعوة – السلفيين) حتى الإسلام السعودي التكفيري وأذرعه العسكرية المسلحة التكفيرية من الأعراب البدو التكفيريين، جيش الإخوان المسلمين نسخة الخليج، والإخوان المسلمين نسخة القاهرة، حتى وصلنا إلى القاعدة وداعش ..

ومن تعاليم الوهابية نختار ما يلي :
1 – موقف الشيخ محمد بن عبدالوهاب من الرسول (ص) .. (هو إنسان من البشر اختاره الله لأداء رسالة النبوة ولا يجوز تقديس قبره)
2 – (زيارة القبور وقبور الأولياء وقبر الرسول بدعة ومن يقوم بذلك يعتبر شركاً)
3 – الجمهور البسيط يجب أن يخضع لأصحاب السلطة. (المرجع كتاب الأصول الستة لمحمد بن عبدالوهاب – طبعة القاهرة)
4 – (عذاب الجحيم من نصيب كل متمرد على الأمراء) . (كتاب الكبائر لمحمد بن عبدالوهاب صفحة 225)
5 – الوهابية يعتبرون جميع المسلمين المعاصرين لهم والذين لا يؤمنون بتعاليمهم أكثر شركاً من الجاهلية في الجزيرة العربية .. (كتاب كشف الشبهات لـ محمد بن عبدالوهاب صفحة 227،228)
6 – وكتبَ المؤرخ الحجازي ابن زيني دحلان في كتابه خلاصة الكلام صفحة 232 ((وقال له أخوه سليمان يوماً كم أركان الإسلام يا محمد بن عبدالوهاب فقال خمسة، فقال بل أنت جعلتها ستة، السادس من لم يتبعك فليس بمسلم، هذا ركن سادس عند الإسلام))
7 – ((الوهابيون لا يعتبرون خصومهم مسلمين بل مشركين ويعتقدون أن جميع الذين سمعوا دعوتهم ولم يتبعوها كفرة)) ..(كورانسيز- قنصل فرنسا في حلب 1810م في كتابه “تاريخ الوهابيين صفحة 16) .
والمضحك المبكي أن الغرب الاستعماري وصفَ الإسلام التكفيري الجديد بتحسين وتجميل فكان :
1 – قنصل فرنسا في حلب كورانسيز الذي كتب في كتاب تاريخ الوهابيين قائلاً ((وصف الوهابيون بالصفاء والنقاة وبأنهم بروستانت الإسلام)) .
2 – الرحالة السويسري بوركهاردت وصف الوهابية بأنها تنقية الدين الحقيقي الأول من الشوائب (المرجع تاريخ العربية السعودية لـ فاسيلييف – موسكو طبعة 1986م) .

قد يعجبك ايضا